سادت حالة من الغموض والارتباك فى دولة زيمبابوى، على مدار أسبوع كامل هذا الشهر، كانت مدة الأزمة السياسية التى مرت بها البلاد إثر تحركات الجيش فى 14 نوفمبر الجارى، للإطاحة بالرئيس السابق روبرت موجابى، وعدد من الوزراء المحيطين به الذين وصفهم قادة القوات المسلحة بـ"المجرمين".
ورغم استقالة رئيس زيمبابوى من منصبه، يوم 21 نوفمبر الجارى تحت الضغط الشعبى والعسكرى، إلا أن الرئيس البالغ من العمر 93 عامًا، ترك وراءه لغزًا حول كيفية قبول الاستقالة رغم إصراره فى خضم الأزمة على الاستمرار فى منصبه، إضافة إلى تواتر معلومات عن مطالبته بخروج أمن من السلطة، ما يفرض علامات استفهام حول الصفقة التى خرج "موجابى" وفقًا لها من موقعه على رأس الدولة، وكذلك مصيره ومصير أسرته فى نهاية المطاف.
جيش زيمبابوى يسيطر على شوارع العاصمة
وفى هذا الصدد، كشف مسئول كبير فى حزب "زانو الحاكم" فى زيمبابوى، تفاصيل الصفقة التى تنازل بموجبها الرئيس روبرت موجابى عن حكم بلاده الذى استمر 37 عامًا، حيث اتفق على حصول "موجابى"، وزوجته، على "مصافحة ذهبية" تقدر بملايين الدولارات فى إطار اتفاق تم التفاوض عليه قبل الاستقالة فى الأسبوع الماضى، و"المصافحة الذهبية" وفقًا للقواعد الأمريكية، تنص على أنه حين يريد صاحب العمل التخلص من أحد العاملين لديه ضد إرادته، فهو يدفع له مبلغًا ضخمًا.
ولا تزال المبالغ التى يتعين دفعها للرئيس السابق وزوجته جريس موجابى، غير واضحة، على الرغم من أن أحد كبار المسئولين الحزبيين المطلعين على تفاصيل الصفقة، قال إن "المجموع لن يقل عن 10 ملايين دولار"، بحسب صحيفة الجارديان.
رئيس زيمبابوى وزوجته جريس موجابى
وقال المسئول، إن "موجابى"، الذى مُنح الحصانة ضد المحاكمة، حصل أيضًا على ضمان عدم اتخاذ أى إجراء ضد المصالح التجارية الواسعة لأسرته، التى تشمل سلسلة من مزارع الألبان، وقال المسئول - الذى شارك فى المفاوضات - "لن يتم الاستيلاء على أى من هذه الأمور بأى شكل من الأشكال، مؤكدًا أن التفاوض حول تلك الأصول كان سببًا فى تأخر الاستقالة".
و"موجابى"، سوف يحصل على دفعة نقدية قيمتها 5 ملايين دولار على الفور، مع دفع المزيد من الأموال فى الأشهر القادمة، كما تتضمن الصفقة، أن يتلقى "موجابى"، راتبه الشهرى البالغ 150 ألف دولار، حتى وفاته، كما ستحصل السيدة الأولى البالغة من العمر 52 عامًا، على نصف هذا المبلغ لبقية حياتها.
المفاوضات مع رئيس زيمبابوى للاستقالة
وفى الوقت الذى ترك فيه حكم موجابى بعد 37 عاما، زيمبابوى، بعملة لا قيمة لها، وديون ضخمة، وسكان فقراء، ومعدل بطالة يقدر بأكثر من 80%، وكهرباء منعدمة فى العديد من المجتمعات الريفية، وتعليم أساسى ورعاية الصحية شبه منعدمة، وفقا للتقرير، سوف يكون الزوجان قادرين على البقاء فى قصرهما الكبير المعروف باسم "السقف الأزرق"، فى العاصمة هرارى، وستتكفل الدولة بتكاليف الرعاية الطبية، والموظفين المحليين، والأمن، والسفر إلى الخارج للرئيس السابق وأسرته.
احتفالات شعبية باستقالة رئيس زيمبابوى
وفيما يتعلق بحالة "موجابى"، عقب تقديمه الاستقالة، ذكرت صحيفة (ذا ستاندرد)، فى زيمبابوى، اليوم الأحد، إن الرئيس السابق، بكى وأبدى فجيعته فى الخيانة التى جاءت من ضباطه عندما وافق على التنحى الأسبوع الماضى تحت ضغط من الجيش وحزبه لينهى بذلك 37 عامًا قضاها فى الحكم.
ونقلت الصحيفة عن مصادر داخل الدائرة المقربة من "موجابى"، قولها، إن الرئيس السابق - وهو كاثوليكى متدين - أقام صلاة المسبحة الوردية، فيما قال للمقربين منه، وفريق من المفاوضين، فى مقر إقامته المسمى بـ"البيت الأزرق" – فى ذلك الحين - إنه سيستقيل، ثم نظر إلى الأسفل وقال "كان الناس مخادعين كالحرباء".
فيما نقلت صحيفة (صنداى ميل) الرسمية، عن الأب فيديليس موكونورى - وهو قس يسوعى، وصديق مقرب لموجابى، توسط بينه وبين الجيش بشأن الاستقالة – قوله، إن وجه موجابى "أشرق" بعد أن وقع خطاب الاستقالة، وأضاف للصحيفة، "لذلك نحن لا نتحدث عن رجل يشعر بالمرارة، لقد قلت له إن من الخير له أن يرى شخصا آخر يدير البلاد".
رئيس زيمبابوى وقائد القوات المسلحة
ويذكر أن جريس موجابى، سكرتيرة الرئيس التى تزوجته عام 1996، اشتهرت بإنفاقها الضخم وإسرافها ملايين الدولارات على شراء سيارات فاخرة وممتلكات فى جنوب أفريقيا، كما أن ابنها بيلارمين شاتونجا، البالغ من العمر 25 عامًا، نشر فيديو مؤخرًا أثار غضب الشعب، حين ظهر يسكب زجاجة شمبانيا ثمنها 200 جنيه استرلينى فوق ساعة يده التى تقدر بـ45 ألف جنيه استرلينى، وهو يقول "بابا يدير البلاد كلها".
أما الابن الأكبر، راسل جوريرازا، البالغ من العمر 33 عامًا – ابن "جريس" من زوجها الأول - فله حصة كبيرة فى صناعة التعدين المربحة فى زيمبابوى، وقد استورد سيارتين من سيارات رولز رويس، فى سبتمبر.
كما أكد أحد أقارب موجابى - الذى يعيش فى هرارى ولديه مزرعة كبيرة فى غرب زيمبابوى - أنه مشمول بالاتفاق، ولن يغادر زيمبابوى، مضيفًا: "كنت قلقا بشأن التغييرات، ولكنى مطمئن الآن إذ بإمكانى العيش فى بلدى".
جريس موجابى زوجة رئيس زيمبابوى السابق
أما الذين لا تشملهم الصفقة مع "موجابى"، فقد يواجهون عقابًا قاسيًا على اختيار الجانب الخطأ، ومن بينهم وزير المالية السابق، إجناطيوس تشومبو، الذى كان من بين المعتقلين عندما استولى الجيش على السلطة، فقد ظهر أمام المحكمة، أمس السبت، لمواجهة اتهامات بفساد مالى قدره 3.6 مليون دولار، وقال محاميه، لوفيمور مادوكو، إن موكله دخل المستشفى، الجمعة، متأثرًا بجروح أصيب بها جراء الضرب الذى تعرض له أثناء الاحتجاز العسكرى.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة