فى 24 سبتمبر الماضى، أتت إنتخابات البرلمان الألمانى "البوندستاج"، بنتائج أقرب إلى زلزال سياسى كبير هدد بقوة الحزب الأكثر شعبية الإتحاد المسيحى الديمقراطى CDU، الذى تتزعمه المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، بعد أن فقد 94 من مقاعده لصالح قوى أخرى بينها اليمين المتطرف ممثلا فى حزب البديل من أجل ألمانيا والقوى الليبرالية ممثلة فى حزب الأحرار الديمقراطيين.
وأسفرت النتائج عن دخول اليمين المتطرف إلى البرلمان الألمانى لأول مرة منذ عام 1960، حيث فقدان الأحزاب الكبرى مقاعدها لصالح حزب البديل من أجل ألمانيا، اليمينى الذى تأسس قبل أربع سنوات فقط ومعروف بعداءه للمسلمين والمهاجرين ورفضه للإتحاد الأوروبى، والذى إقتنص 88 مقعدا بنسبة 13% من مقاعد البوندستاج.
الأزمات تحاصر ميركل فى ولايتها الرابعة
لم تكن هذه النتائج بالطبع مبشرة بالخير للمستشارة الألمانية، التى منحتها الإنتخابات ولاية رابعة لتواصل الإستمرار فى الحكم لـ16 عاما متواصلة، غير أن هذه المرة التحديات أصبحت أكبر مما كان قبلا كثيرا، وتحديدا ما يتمثل فى تشكيل حكومتها مع أحزاب بينها إختلافات سياسية واسعة حيث إضطرت للإتجاه نحو تشكيل تحالف حاكم يسمى بتحالف جامايكا، الذى يجمع حزبها الإتحاد المسيحى الديمقراطى مع حزب الأحرار الديمقراطيين، الليبرالىFDP الحائز على 11% من مقاعد البرلمان وحزب الخضر الذى حظى بـ9%
وبعد مضى شهرين على فوزها بولايتها الرابعة، لم تتمكن المستشارة الألمانية بعد من إعلان تشكيل حكومتها حيث سعت بشدة لرأب الخلافات بين الأحزاب، التى تمتد من قضايا المراقبة، حتى الخلافات الأيديولوجية بين الليبراليين والخضر وخلافتهم بشأن قضايا البيئة والأعمال.
وبعد وصول المفاوضات إلى طريق مسدود، أعلنت ميركل، اليوم الإثنين، فشل المحادثات مع أحزاب الائتلاف المقرر.
ميركل فى الانتخابات الأخيرة
حددت ميركل، الخميس الماضى 16 نوفمبر، موعدا نهائيا للمحادثات لوضع وثيقة إطارية تحدد أولويات الحكومة العليا، لكن المندوبين غادروا اجتماعهم فى الساعات الاولى من يوم الجمعة دون التوصل الى اتفاق، وبعد أربعة أسابيع من المحادثات، لم يستطع معسكر ميركل المحافظ، وحزب الأحرار الديمقراطين والخضر، رأب الخلافات العميقة بشأن قضايا تتراوح بين الهجرة والضرائب وتغير المناخ والأمن.
وبينما أظهر الحزب المسيحى الديمقراطى مرونة كبيرة لرأب الصدع، فإن الجانبين الأخرين ترددا فى تقديم تنازلات من شأنها أن تضر بناخبيهما، وعلى سبيل المثال وافقت ميركل من حيث المبدأ على سقف سنوى لعدد اللاجئين، لكن الخضر يعارضون الحد الأقصى ويريدون ضرورة إنهاء سياسة لم الشمل لأسر اللاجئين.
وبشأن المناخ، يرفض الحزب الديمقراطى الحر و المسيحى الديمقراطى مطالب الخضر البيئية بإنهاء الطاقة الناتجة عن الفحم بحلول عام 2030. فيما رفض الخضر إقتراح ميركل بخفض إنتاج الطاقة التى تعمل بالفحم 7 جيجاوات بحلول عام 2020.
وفى منطقة خلاف أخرى كان يتعين على الحزب الديمقراطى الحر، المؤيد للأعمال، أن يتنازل عن تعهده الانتخابى بتخفيض صندوق إنقاذ منطقة اليورو وتنفيذ تخفيضات ضريبية كبيرة. ذلك فى الوقت الذى يرغب فيه الحزب وضع حدا لرسوم ضريبة الدخل،"ضريبة التضامن"، التى تم فرضها طيلة أكثر من 25 عاما لإعادة بناء ألمانيا الشرقية السابقة.
قائمة ما اتفق عليه الأحزاب الثلاثة قصيرة، وتشمل الحفاظ على ميزانية البلاد المتوازنة وتحديث البنية التحتية للإنترنت في ألمانيا وزيادة الاستحقاقات الأسرية. لكن عدم تحقيق تقدم على صعيد القضايا الرئيسة يثير شبح الجمود السياسى الذى قد يؤدى الى اجراء انتخابات جديدة اوائل العام القادم، وهو ما لا يريده أحد منهم، لأنه ينطوى على خطر تعزيز قوة البديل من أجل ألمانيا.
رئيس الحزب الديمقراطى الحر كريستيان ليندنر
وبعد إعلانها فشل المفاوضات، رسميا، يمكن أن تسعى ميركل إلى تشكيل حكومة أقلية، إما مع الحزب الديمقراطى الحر أو الخضر، وجمع الدعم من الأحزاب الأخرى من خلال الأصوات السياسية الفردية.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة