عرف بدو محافظة مطروح الزراعة بشكل موسع فى نهاية عقد الستينيات من القرن الماضى، حيث كانوا يعتمدون على تربية الثروة الحيوانية فقط، ويشتهرون برعى وتربية الأغنام البرقى والماعز والإبل، إلى أن بدأ برنامج الغذاء العالمى عام 1968 وعدد من مشروعات الدول المانحة، فى تنمية الوديان وإقامة السدود وحفر الآبار لتخزين مياه الأمطار، وهو ما ساهم فى عمليات توطين البدو بدلا من تنقلهم بين المناطق خلف المياه، وأصبح معظمهم يعتمدون على الزراعة.
وتمكنت الحكومة المصرية بالتعاون مع المشاريع والمنظمات الدولية المانحة من حفر نحو 10 آلاف بئر خلال العقود الماضية وحتى الآن بالإضافة إلى نحو 800 بئر رومانى بسعات كبيرة منتشرة فى الصحراء كان يستخدمها الرومان فى تخزين مياه الأمطار، كما تم إنشاء آلاف السدود بالوديان لحجز مياه الأمطار وتخفيف سرعة انجرافها نحو البحر واستغلالها فى زراعة أكثر من 150 ألف فدان.
ويسعى مؤخرًا اللواء علاء أبو زيد محافظ مطروح، من خلال التعاون مع وزارة الزراعة والمنظمات الدولية، إلى تعظيم الاستفادة من مياه الأمطار التى تتساقط بكميات كبيرة خلال فصل الشتاء، وحصادها من خلال احتجازها خلف السدود فى الوديان أو تخزينها فى خزانات عملاقة وآبار النشو، لاستخدامها فى الزراعة والشرب وتربية الأغنام والماشية، وإلى أن تعود المحافظة سلة للغلال كما كانت فى الماضى، من خلال تنفيذ خطة شاملة للتنمية الزراعية، والاستفادة من إمكانيات مركز بحوث الصحراء بالتعاون ومنظمة إيفاد التابعة للأمم المتحدة.
أكد الدكتور أحمد القط مدير مركز التنمية المستدامة لموارد مطروح التابع لمركز بحوث الصحراء، خلال جولة ميدانية لـ"اليوم السابع" لمتابعة أعمال استصلاح الأودية الصحراوية والاستعداد لحصاد الأمطار، أنه تم مؤخرًا تنمية 2 كيلو متر بوادى الخروبة، جنوبى مدينة مرسى مطروح، مؤكدًا على أن تنمية الوديان أحد أنواع أساليب حصاد مياه الأمطار لاستغلالها فى الزراعة.
وأشار القط، إلى أن اتجاه سريان المياه المتجمعة من سقوط الأمطار يأتى من الجنوب وينحدر إلى الشمال فى اتجاه البحر بسبب طبيعة الأرض، وقبل تنمية الوديان كانت مياه الأمطار تجرف معها التربة الخصبة وتحملها إلى البحر.
استصلاح الوديان وإنشاء السدود لاستخدامها فى الزراعة بمطروح
وأوضح مركز التنمية المستدامة لموارد مطروح، أنه قبل بداية تنمية الوديان يتم عمل دراسة للمناسيب الأرضية، بعدها تبدأ أعمال التسوية من بداية الوادى، وتقسيم الوادى إلى مساحات بمستويات مدرجة، يفصل كل مستوى سد يتم إنشائه بعرض الوادى، ويتم عمل فتحة بمنتصف السد "مفيض" يسمح بمرور المياه الزائدة عن الحاجة إلى المساحات والسدود التالية،وحتى نهاية الوادى، وبذلك يكون تم حصاد كميات كافية للزراعة من مياه الأمطار، قبل ذهاب الفائض إلى البحر.
وأضاف الدكتور أحد القط، أن النوع الثانى من حصاد مياه الأمطار، هو حفر الأبار والخزانات لتجميع وتخزين المياه، وكشف أن البئر النشو يتم حفره بسعة من 100 إلى 150 متر مكعب، ويكون موقعه فى اتجاه الميل ومجرى المطر، ويتكلف إنشاء البئر الواحد من 22 إلى 25 ألف جنيه، مشيرًا إلى أن الآبار الرومانية التى كان يحفرها الرومان قديما تتراوح سعتها بين 1000 و 5000 متر مكعب، ولكن حاليا يتم إنشاء الآبار بهذه السعات الأقل، من أجل القدرة على الوفاء باحتياجات أكبر عدد ممكن من البدو من سكان الصحراء، من خلال عمل عدد أكبر من الآبار الصغيرة فى مناطق كثيرة لتوطين البدو وتوفير احتياجات أهالى كل منطقة، ويتم تخزين المياه لاستخدامها فى الشرب ولتربية الحيوانات خلال الفترات التى لا يسق فيها المطر، وعند وجود عدد أكبر من الآبار يمكن استخدام المياه المخزنة، فى الرى التكميلى للزراعات فى الأوقات التى لا تسقط فيها الأمطار.
ونوه القط، عن أن محافظة مطروح تعتمد فى زراعتها بالكامل على الرى بمياه المطر لزراعة القمح والشعير، خلال فصل الشتاء، كما يتم التين والزيتون وهى من أشهر الأنواع التى تتحمل الظروف الصحراوية وقلة الأمطار.
بدو مطروح يعدون الأرض لسقوط الأمطار وزراعتها
وكشف مدير تنمية موارد مطروح، عن أن زراعة التين والزيتون فى مطروح عن باقى المنتجات فى محافظات الجمهورية، بعدم استخدام أى مواد كيماوية فى عمليات التسميد، حيث ايتم استخدام السماد العضوى أو عدم استخدام أى أسمدة، كما لا تستخدم أية مبيدات وتتم المكافحة حيويا من خلال وحدة المكافحة الحيوية، وبذلك يخرج المنتج طبيعى، مضيفًا أنه تم توقيع بروتوكول مع منظمة سدارى من أجل تصنيف المؤشر الجغرافى، من أجل إخراج منتج تكون له ميزة نسبية يكون اسمه "تين مطروح" وهذا من خلال بعض المعاملات التى نقوم بها بالتعاون بين مركز بحوث الصحراء ومنظمة سدارى، بحيث يحصل المنتج على المؤشر الجغرافى، مؤكدًا على أن مطروح هى الوحيدة أو أول من ستحصل على المؤشر الجغرافى فى مصر بخصوص التين، ليصبح تين مطروح متميزا دوليا مثل "الجبنة البرازيلى" و "السمنة الهولندى".
وأضاف القط، أن البدو يزرعون البطيخ البعلى على مياه المطر، وهو يعطى عائدًا سريعًا، ولا يتم استخدام الكيماوى أو مبيدات، فيكون من أجود وأغلى أنواع البطيخ، والتى تشتهر به محافظة مطروح.
وقال مدير تنمية موارد مطروح، إن عملية التنمية تزيد من الرقعة الزراعية، فى نفس الوقت الذى يتم فيه خلق فرص عمل للشباب، الذى بدأ يهجر المناطق الصحراوية ويهجر الزراعة بسبب قلة المياه، كما يتم زيادة عملية التوطين.
ومن جانبه، أكد اللواء علاء أبو زيد محافظ مطروح، فى تصريحات خاصة لـ"اليوم السابع"، على أن المحافظة نجحت فى الاتفاق مع الصندوق الدولى للتنمية الزراعية "إيفاد" ifad التابع للأمم المتحدة، لدعم مشروعات التنمية الزراعية بالمحافظة، بمبلغ 60 مليون دولار لتنفيذ العديد من المشروعات فى المجال الزراعى والاستفادة من مياه الأمطار، بدلا من إهدارها وتعظيم كفاءة استخدامها وحصادها، وإنشاء آبار نشو وتحسين المراعى والزراعات الموسمية للشعير وتنمية الوديان والثروة الحيوانية وتنمية المرأة، وإنشاء وحدات مجمعة لتدوير المخلفات الزراعية، ودعم المجتمعات المحلية بمعاصر زيتون حديثة، ودعم المرأة بمشروعات صغيرة مدرة للدخل لتحسين دخلها وإنشاء وحدات مجمعة للميكنة الزراعية.
وأشار محافظ مطروح، إلى أنه قرر الشهر الماضى زيادة الدعم لقطاع الزراعة، بمبلغ 10 ملايين جنيه، لزيادة الأراضى التى سيتم طرحها للشباب، لاستصلاحها وتوزيعها على شباب المحافظة، وزيادة عدد المستفيدين من 200 إلى 500 شاب، مع إدراج المناطق التى يصلح بها إنشاء خزانات لتجميع مياه الأمطار وليس الآبار فقط، مشددًا على أنه يتم توزيع الآبار على الأهالى فى المناطق الصحراوية منذ العام الماضى، من خلال لجنة من مديرية الزراعة وتنمية القرية والشئون الاجتماعية ومجالس المدن.
محافظة مطروح تعتمد على الأمطار فى الزراعة
زيادة الرقعة الزراعية بمطروح من خلال حصاد الأمطار
أحد آبار تخزين مياه الأمطار التى تستخدم طوال العام
تشتهر مطروح بزراعة أفضل أنواع التين والزيتون
إحدى المزارع بوادى الخروبة جنوبى مرسى مطروح
تنمية وادى الخروبة وإنشاء سدود وآبار لزراعته بمياه الأمطار
السدود المدرجة لحجز مياه الأمطار وزراعة الأراضى
وادى الخروبة الذى تم تنميته حديثا بإقامة سدود وآبار
حرث الأرض وتجهيزها للزراعة انتظارا لسقوط الأمطار بمطروح
مجموعة من سدود الأمطار المنشأة حديثا
العمال يشرعون فى بناء أحد السدود بالوادى
بناء السدود لحصاد مياه الأمطار واستخدامها فى الزراعة
بئر مياه أمطار بسعة 100 متر مكعب
مياه الأمطار تتدفق نحو البئر
أحد آبار تخزين مياه الأمطار لاستخدامها طوال العام
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة