دائما ما يصاحب الزيارات الخارجية التى يجريها الرئيس عبد الفتاح السيسى مع زعماء دول كبرى حديث مطول حول حجم المكاسب والمنافع التى تحققها مصر من تلك الزيارات، ولايتطرق الحديث بنفس الحجم إلى المكاسب التى تجعل تلك الدول حريصة على توثيق وتقوية علاقتها مع مصر، وحجم المكاسب الذى تحققه من عقد شراكات اقتصادية وسياسية مع مصر.
وعلى سبيل المثال فإن الزيارة التى بدأها الرئيس اليوم إلى فرنسا إلى جانب تحقيقها مكاسب ومنافع كبيرة للدولة المصرية، فقد حققت مكاسب مماثلة للدولة الفرنسية التى تحرص على نجاح الزيارة لعدة أسباب.
ماكرون يعلن: أمن مصر من أمن فرنسا
وأكد الرئيس الفرنسى خلال المؤتمر الصحفى الذى عقد بين الزعيمين إيمانويل ماكرون وعبد الفتاح السيسى، على عدة مكاسب ستحققها فرنسا من علاقتها بمصر، مشيرا إلى دور مصر القوى فى مكافحة الإرهاب وتأكيده على وحدة البلدين فى مواجهة التطرف، كما أكد على أن علاقة البلدين تعبر عن الشراكة الاستراتيجية فى محيط إقليمى معقد، وعلى المستوى الاقتصادى أشاد بمشروع تنمية محور قناة السويس والفرص الاستثمارية المتاحة فيه، وأنه اتفق مع الرئيس السيسى على تعزيز الشراكة الاستراتيجية على كافة المستويات بين البلدين.
الملف الليبى صداع فى رأس فرنسا
يقول الدكتور طارق فهمى أستاذ العلوم السياسية أن أول المكاسب التى تحققها فرنسا من تقوية علاقتها بمصر هو ضمان الدعم المصرى للدور الذى تلعبه فرنسا فى الأزمة الليبية خاصة ان فرنسا تدرك حجم وقوة الدور الذى تلعبه مصر فى ليبيا وسعيها إلى حل الأزمة وتهدئة الأوضاع، وتسعى فرنسا فى سياق ذلك إلى صنع شراكة استراتيجية وتوحيد جهود ورؤى الدولتين فى التعامل مع الملف الليبى.
فرنسا ومصر وإيطاليا وليبيا
وأوضح فهمى فى تصريحات لـ "اليوم السابع" أن فرنسا تعتبر مصر مفتاح الشرق الأوسط بالكامل، لذلك فهى تعتبر علاقتها بها علاقة استراتيجية، مشيرا أن فرنسا تصارع إيطاليا فى السيطرة على الأوضاع فى ليبيا، وكلاهما متأكدتان جيدا أن مصر هى الفاعل ومفتاح المدخل الحقيقى للملف الليبى، وبالتالى فهى تسعى للتأكد ان مصر تقف فى صف فرنسا فى ذلك الملف.
فرنسا ومصر وفلسطين واجتماعات باريس
يضيف طارق فهمى أن المكسب الثانى لفرنسا من مصر متعلق بحل القضية الفلسطينية، خاصة أن فرنسا تجهز فى الفترة المقبلة لمواصلة اجتماعات باريس لحلها بحضور الأطراف الاسرائيلية والفلسطينية، وتسعى فرنسا فى ذلك السياق إلى ضمان الحصول على دعم الرئيس عبد الفتاح السيسى لإدراكها حجم قوة مصر وتأثيرها على الأطراف الفلسطينية.
مصر حليف استراتيجى فى مكافحة الإرهاب
ويضيف أستاذ العلوم السياسة أن فرنسا تسعى أيضا للتنسيق مع مصر فى ملفات مكافحة الإرهاب ومواجهة الجماعات المتطرفة بالمنطقة، مشيرا إلى أن الملف السياسي وتوسيع دئرة الصداقة الفرنسية المصرية يهم باريس كما يهم القاهرة حيث أن فرنسا تعلم جيدا حجم تأثير مصر فى المنطقة العربية والأفريقية التى تعتبرها فرنسا مناطق استراتيجية لها.
فرنسا تسعى للحفاظ على تأثيرها فى سوريا
ويرى الدكتور سعد الزنط مدير مركز السياسات الاستراتيجية والسياسية أن فرنسا كانت أحد الدول الفاعلة فى الملف السورى لكن تم إبعادها لصالح أطراف أخرى، وأن أحد المكاسب التى تسعى فرنسا للتنسيق فيها مع مصر هو ضمان الحفاظ على تأثيرها فى الملف من خلال مصر لعلمها أن الدور المصرى فى القضية السورية مهم وفاعل، خاصة أن فرنسا تعتبر منطقة الشام وسوريا بعدا ثقافيا مهما للدولة الفرنسية.
مصر بوابة العالم للعمق الإفريقى
ويتابع الزنط أن العمق الإفريقى يمثل أحد الملفات المهمة لدى فرنسا خاصة أنها تتوافق مع مصر حول أهمية منطقة تشاد وجيبوتى وأريتريا، موضحا أن فرنسا تملك قواعد عسكرية فى تلك المنطقة مطلة على البحر الأحمر، وأن تلك القواعد مهمة جدا لفرنسا ولمصر أيضا، خاصة أن مصر تسيطر على أغلب سواحل البحر الأحمر، ما يستدعى وجود تنسيق عالى من فرنسا مع مصر.
مصر السوق الفرنسى الأهم مستقبلا
ويعتبر الزنط أن المكاسب الاقتصادية التى تحققها فرنسا من مصر هى مهمة وبحجم المكاسب التى تحققها مصر من فرنسا، موضحا أن الزيارة الحالية قد شهدت توقيع اتفاقيات اقتصادية بما يقرب من نصف تريليون دولار، وهو رقم ضخم ومهم لفرنسا بنفس أهميته لمصر، لانه سينعش الاقتصاد الفرنسى ويحقق طفرة فى الاستثمار الخارجى خاصة أن دول الاتحاد الأوروبى والدول الكبرى اقتصاديا تهتم جدا بحركة الاستثمار والأموال وليس ادخارها، وأن الاقتصاديين الأوربيين يعتبرون مصر سوقا مهما وسيشهد طفرات خلال السنوات المقبلة.
صفقات السلاح تقود العلاقة العسكرية بين مصر وفرنسا
وأوضح: بجانب المكاسب الاقتصادية توجد صفقات السلاح الكبرى التى استفادت منها فرنسا كما استفادت منها مصر بل وأكثر، مشيرا إلى أنه خلال السنوات الماضية عقدت صفقات سلاح بين مصر وفرنسا بحجم 6 مليار يورو، مايمثل صفقات مهمة لفرنسا، تسعى من خلالها إلى تصدر مشهد الشراكة العسكرية مع مصر أمام أمريكا وروسيا بحكم أنها دول كبرى فى تصنيع وبيع السلاح.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة