تتسىارع وتيرة الأحداث فى المملكة الإسبانية، فيما يتعلق بأزمة استقلال إقليم كتالونيا، الذى يسعى للفوز بحكم ذاتى كدولة مستقلة عن إسبانيا، فى وقت يلقى فيه توجه الحكومة الكتالونية هذا، رفضًا شديدًا من حكومة مدريد، والمجتمع الدولى، لما يراه فى الانفصال من تهديد لوحدة الدولة الإسبانية، إضافة إلى أنه سيكون شرارة لنشاط النزعات الانفصالية فى العديد من الدول الأوروبية، ما ينذر بتمزق دول الاتحاد الأوروبى.
مظاهرات مواطنى كتالونيا للانفصال عن إسبانيا
- انتهاء مهلة إعلان موقف حكومة كتالونيا من الاستقلال
وعلى صعيد الأحداث المتواترة حول أزمة كتالونيا، انتهت، صباح الخميس، المهلة التى حددتها إسبانيا، لرئيس إقليم كتالونيا، كارلوس بوجديمون، لتوضيح موقفه من إعلان انفصال الإقليم عن مدريد، وذلك فى الوقت الذى تجنب فيه "بوجديمون"، الكشف عن موقفه فى خطاب أرسله إلى رئيس الوزراء الأسبانى، ماريانو راخوى.
وذكر تليفزيون هيئة الإذاعة البريطانية (بى بى سى)، أن "بوجديمون"، أكد فى الخطاب أن شعب كتالونيا صوت فى الاستفتاء، الذى تعتبره إسبانيا غير شرعى، وأن 90% صوتوا لصالح الانفصال وإقامة دولة مستقلة، مضيفًا أنه حال ما واصلت إسبانيا تجنب الحوار مع حكومة كتالونيا، فإن البرلمان سيصوت بشكل رسمى على الاستقلال.
رئيس وزراء إسبانيا ماريانو راخوى
- رئيس كتالونيا يهدد حكومة مدريد بإتمام إجراءات الانفصال
ليس هذا فقط، بل أبلغ رئيس كتالونيا، الحكومة الإسبانية، أيضًا، الخميس، بأن الإقليم لم يعلن استقلاله، لكن يمكن أن يقوم بذلك حال واصلت مدريد "القمع"، خصوصا من خلال تعليق الحكم الذاتى فيه.
وكتب بوجديمون، فى رسالة موجهة إلى رئيس الحكومة الإسبانية، ماريانو راخوى، "إذا واصلت حكومة الدولة القمع، ومنع الحوار، فإن برلمان كتالونيا يمكن أن يلجأ إذا اعتبر الأمر مواتيًا إلى التصويت على إعلان استقلال رسمى لم يصوت عليه فى 10 أكتوبر".
اجتماع حكومة إقليم كتالونيا برئاسة كارلوس بوجديمون
- حكومة إسبانيا تهدد بتعليق الحكم الذاتى لإقليم كتالونيا
وجاء رد فعل حكومة كتالونيا، بهذه القوة، بعدما أعلنت الحكومة الإسبانية، الخميس، المضى قدما فى إجراء تعليق الحكم الذاتى فى كتالونيا، حيث كشفت عن عزمها تفعيل المادة 155 من الدستور الإسبانى، غدًا السبت، وذلك بعد تهديدات سابقة، صدرت عن "راخوى"، بأن مدريد ستضطر إلى تعليق الحكم الذاتى، واستعادة السيطرة المركزية فى كتالونيا، إذا أصر "بوجديمون"، على المضى قدما فى خططه للاستقلال.
وكان آخر تصريح لرئيس الوزراء الإسبانى، ماريانو راخوى، الأربعاء، طالب فيه، زعيم إقليم كتالونيا، "باتخاذ قرار رشيد" مع قرب انتهاء مهلة حكومية لوقف مسعى الإقليم الواقع بشمال شرق البلاد نحو الاستقلال، وقال راخوى، فى بيان، "أطالب بوجديمون باتخاذ قرار رشيد، بأسلوب متوازن، ووضع مصلحة جموع المواطنين أولا".
مظاهرات حاشدة فى كتالونيا للمطالبة بالاستقلال عن إسبانيا
وذكر تليفزيون هيئة الإذاعة البريطانية (بى بى سى)، أن المادة 155 من دستور إسبانيا، تسمح لمدريد، بإقالة رئيس إقليم كتالونيا، كارلوس بوجديمون، وغيره من أصحاب المناصب الإقليمية، وحل البرلمان الإقليمى، والسيطرة على جميع السلطات الإقليمية.
وبموجب الدستور، تؤكد المادة 155، على أنه فى حالة عدم تنفيذ أى من حكومات أقاليم الحكم الذاتى، التزاماتها الدستورية، يتم اللجوء لما يعرف بآلية "الإجبار الفيدرالى"، وتتضمن المادة 37 من قانون بون الأساسى الفيدرالى آلية مماثلة.
الشرطة فى إقليم كتالونيا
- صلاحيات الحكومة الإسبانية بموجب المادة 155 من الدستور
وتنص المادة 155 على أنه "إذا أخلت حكومة ذاتية بالالتزامات المفروضة عليها بموجب الدستور أو غيره من القوانين، أو تصرفت بشكل يتعدى بصورة خطيرة على المصلحة العامة لإسبانيا، فإن الحكومة تتقدم بمطالبة رسمية لرئيس الحكومة الذاتية، وفى حال عدم الاستجابة، وبموافقة الأغلبية المطلقة لمجلس الشيوخ، يمكنها اتخاذ التدابير الضرورية لإجبارها على التنفيذ الجبرى لتلك الواجبات أو من أجل حماية المصلحة العامة سالفة الذكر"، ولهذا تعد إجراءً استثنائيًا، يتيح للحكومة المركزية اتخاذ تلك الإجراءات الضرورية لإرغام حكومة ذاتية على الالتزام قسرًا بالتزاماتها المفروضة عليها بموجب الدستور وغيره من التشريعات، أو لحماية الصالح العام.
والمتعارف عليه، أن إسبانيا تعتمد إلى حد كبير اللامركزية، كما أن الدستور الذى اعتمد عام 1978، يمنح 17 منطقة حكما ذاتيا مع سلطات موسعة فى مجالات مثل الصحة والتعليم على سبيل المثال، والمادة 155 من الدستور، التى لا يمكن تفعيلها إلا من قبل غالبية مطلقة فى مجلس الشيوخ، تتيح بالتالى للحكومة المركزية أن تتولى السلطة المباشرة على كل أو قسم من الصلاحيات الموكلة للإقليم مثل الشرطة والمالية والتعليم.
حملة فى كتالونيا لسحب الأموال من البنوك احتجاجًا على عدم تفعيل الاستقلال
وفى خطوة شعبوية، من قبل مواطنى إقليم كتالونيا، سحب مؤيدو قضية استقلال الإقليم، اليوم الجمعة، مبالغ كبيرة أو رمزية من أموالهم المدخرة فى البنوك، للاحتجاج على الحكومة الإسبانية، والمصارف، التى نقلت مقارها إلى خارج المنطقة.
وقالت المحامية، روزير كوبوس - التى سحبت 1714 يورو، الذى يطابق السنة التى استولت فيها قوات الملك فيليبى الخامس على برشلونة - "إنها طريقة للاحتجاج، ولا نريد أن نلحق أى ضرر بالاقتصاد الإسبانى أو الكتالونى"، مضيفة "أنها الطريقة الوحيدة ليعبر فيها الكتالونيون عن اعتراضهم على موقف الدولة الإسبانية".
فيما دعت جمعيتان انفصاليتان، هما الجمعية الوطنية الكتالونية، و"أومنيوم الثقافية"، الناشطين على شبكات التواصل الاجتماعى، إلى عدد من التحركات السلمية المباشرة، تعبيرا عن استيائهم من حكومة ماريانو راخوى، عبر سحب الأموال من المصارف الخمسة الكبرى فى الإقليم.
طابور على أبواب بنك فى كتالونيا لسحب الأموال ضمن حملة عامة
مواطنون يسحبون أموالهم من البنوك اعتراضا على معاقبة إقليم كتالونيا
رئيس المجلس الأوروبى: لا توجد وساطة أوروبية لحل أزمة كتالونيا
وعلى الجانب الأوروبى، قال دونالد توسك، رئيس المجلس الأوروبى، إن الاتحاد الأوروبى، ليس بوسعه أن يحل الأزمة السياسية لإسبانيا مع إقليم كتالونيا، مضيفًا فى مؤتمر صحفى، أثناء قمة لقادة الاتحاد الأوروبى فى بروكسل، "موقف الدول الأعضاء واضح فى أنه لا يوجد مجال لأى نوع من الوساطة"، متابعًا "لا أتوقع نقاشا موسعا فى القمة بشأن الوضع، فالموضوع ليس مدرجا على جدول أعمالنا".
دونالد توسك رئيس المجلس الأوروبى
رئيس البرلمان الأوروبى: لن نساوى كتالونيا بإسبانيا
ومن جهته، قال رئيس البرلمان الأوروبى، أنطونيو تاجانى: "لن يعترف أحد فى أوروبا، باستقلال كتالونيا، كما أن الاتحاد الأوروبى لن يساوى إسبانيا، بكتالونيا"، ووفقا لصحيفة "لاراثون" الإسبانية، قال تاجانى، على هامش مؤتمر صحفى، عقد أمس، بعد لقائه زعماء ورؤساء حكومات الدول الأعضاء فى الاتحاد الأوروبى، على هامش القمة المنعقدة فى بروكسل، إن "أى استقلال مفترض لإقليم كتالونيا، سيأتى بنتائج سلبية على الإقليم نفسه، وعلى اسبانيا، وكذلك على الاتحاد الأوروبى".
رئيس البرلمان الأوروبى أنطونيو تاجانى
وأكد رئيس الجهاز التشريعى الأوروبى، على موقف البرلمان الواضح حيال التجاذب الراهن بين مدريد، وبرشلونة، معلنا أن الاتحاد، بدوله ومؤسساته، يرى أن الأمر داخلى ويتعين التعامل معه ضمن إطار الدستور الإسبانى، فيما نفى تاجانى، أى نية له بالشروع بوساطة بين الحكومة الاسبانية، وحكومة كتالونيا، رافضا، فى الوقت نفسه، أن يضعهما على نفس القدر من المساواة.
وأعاد تاجانى التذكير بأن الاستفتاء على استقلال إقليم كتالونيا، الذى تم في بداية الشهر الحالى، كان "غير دستورى"، لأن حكومة مدريد، لم تجيزه، فهو إذن "عمل خارج إطار القانون" – حسب تعبيره.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة