رصدت مجلة الإيكونوميست البريطانية، احتجاز السلطات التركية للقس الأمريكى أندرو برونسون، وسجْنه قرابة العام، أولاً بتهمة الانتماء لمنظمة إرهابية، ثم مؤخرا بتهمة جمْع معلومات سرية عن الدولة التركية فى محاولة لقلب نظام الحكم.
وقالت المجلة إن السلطات التركية قد فشلت فى تقديم أى دليل مقنع أو أية تفاصيل بشأن قضية برونسون، وفى الأيام القليلة الماضية، بات واضحًا أن القس الأمريكى أمسى لسوء حظه مُحاصرًا فى مواجهة بين حكومتَى بلاده وتركيا.
ورصدت الإيكونوميست تصريح الرئيس التركى اردوغان مؤخرا بأن القس الأمريكى يمكن أن يشكل جزءا من عملية مقايضة رفيعة المستوى. وكانت عمليات مبادلة الأفراد المثيرين للجدل إحدى سمات الحرب الباردة؛ ففى عام 1976 على سبيل المثال، تمت مبادلة المعارض السوفييتى فلاديمير بوكوفسكى، بأحد الشيوعيين من دولة تشيلي.
لكن فى تلك الحال، بحسب المجلة، فإن تركيا ترغب فى مقايضة "حرية القس برونسون" ليس بـ"حرية رجل آخر" وإنما بـ"اعتقال رجل آخر وترحيله": هذا الرجل هو فتح الله كولن، الداعية التركى المقيم فى بنسلفانيا.
وفى الـ 28 من سبتمبر المنصرم، بحسب الإيكونوميست، عرض اردوغان -أمام ضباط شرطة- أن يرسل القس الأمريكى برونسون إلى وطنه إذا قبلت السلطات الأمريكية أن ترسل إلى تركيا فى المقابل الداعية كولن الذى كان صديقا للحزب التركى الحاكم قبل أن يتم اتهامه بالتحريض على محاولة الانقلاب الفاشلة التى وقعت العام الماضى فى أنقرة.
وقال اردوغان: (إنهم يقولون: "أعيدوا إلينا القس". لديكم داعية أيضا (كولن). أعيدوه إلينا. عندئذ سنحاكمه (برونسون) ونرسله إليكم... القس الذى بأيدينا هو قيد المحاكمة. بخلاف الداعية الذى بأيديكم - الذى يعيش فى بنسلفانيا؛ يمكنكم أن ترسلوه لنا بسهولة. يمكنكم أن ترسلوه إلينا حالا".
لسوء حظ القس برونسون، بحسب الإيكونوميست، أن ما قاله الرئيس التركى هو تقريبا عكْس الوضع الحقيقي؛ فالرئيس الأمريكى لا يملك السلطة لإصدار أمر ترحيل؛ فهذا أمر قضائى ... فى المقابل لا يختلف كثيرون على أن الرئيس اردوغان يمكنه -لو أراد- أن يحرر القس برونسون غدا.
ولفتت المجلة إلى أن برونسون ليس من رجال الدين المقربين إلى الأوساط السياسية فى واشنطن، أولئك الذين باستطاعتهم ارتياد ساحات البيت الأبيض وقتما يشاؤون. إنما برونسون هو مُبشّر مسيحى أمريكى قدم هو وزوجته "نورين" من ولاية نورث كارولينا عام 1993 إلى منطقة إزمير على الساحل الغربى لتركيا حيث يقيم ويدير كنيسة صغيرة، وهو يعول ثلاثة أطفال.
ورصدت المجلة تأكيد وزارة الخارجية الأمريكية أنها تلقت طلب ترحيل للداعية التركى كولن، كما أكدت أيضا أنها مارست ضغوطا شديدة للإفراج عن القس برونسون. وفى مارس الماضى، التقت نورين (زوجة برونسون) وزير الخارجية ريكس تلرسون لقاء سريعا بعد أن تمّ إخبارها بأنه لا يوجد وقت متاح لمثل هذا اللقاء. وقالت متحدثة باسم الوزارة إنها "لا يمكنها أن تتخيل" الربط بين القضيتين (القس برونسون والداعية كولن) على النحو الذى يقترحه الرئيس التركي.
وخلصت المجلة إلى القول " أن نتيجة ذلك تتمثل فى استمرار مأساة أسرة أمريكية بسيطة".
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة