أشاد الشيخ خالد الجندى، من علماء الأزهر الشريف، بفيلم الكاتب إبراهيم عيسى، "مولانا"، والذى يعرض فى دور العرض حاليًا، قائلاً: هذا ما كنت أبحث عنه وأنادى به وهو تأكيد احترام الدراما للعالم الأزهرى، والحفاظ على هيبة الزى الأزهرى داخل الأعمال الفنيّة مع وقار المضمون، فكم كانت شخصية الشيخ رائعةٌ بحق، لقد رأيت شيخاً متمكّناً خفيف الظل سريع البديهة ظريف الألفاظ استطاع الفنان عمرو سعد تقديمه بغير تقعر ولا تكلف وبسلاسة كانت مفاجئة لى شخصياً نظراً لتشابك نواحى الشخصية للغاية، فهو المقاتل الداعية الذى لا يتنازل عن ثوابته، وهو الزوج الرومانسى الرقيق، وهو الأب الحنون الذى أبكانا إشفاقاً على فلذة كبده، وهو الإعلامى الذى يتسم بالثبات الانفعالى، وهو ابن البلد الذى يحاور البسطاء ويعشقونه، وهو المنفتح على الآخرين بغير توتّر حتى اكتسب ثقة الجميع، وهو الذكى الذى يوازن دائماً بين جماهيريته العريضة والحفاظ على المبادئ، وهو الوطنى الغيور الذى له طرحٌ مقبول للمشاكل الأمنيّة.
وأضاف الشيخ خالد الجندى، فى تصريحات لـ"اليوم السابع"، لعلى من أقرب المعاصرين لما قدمه الفيلم من أحداث حقيقية، أجاد المخرج مجدى محمد على، تقديمها ببراعة واقتدار وعدم تصنّع جعلتنى شخصيّاً استرجع فى ذاكرتى هذه الأحداث وأكاد أنطق بأسماء أبطالها الحقيقيين، وفى تقديرى فإن إبراهيم عيسى وضع من خلال الرواية ثم الفيلم يد المجتمع على حقيقة ما يسمى بأزمة الخطاب الدينى، وأنه لا أمل فى تجديد الخطاب الدينى دون تجديد عقل المتدين نفسه، وبخاصة بعض من يتحملون مسئولية هذا الملف من الدعاة، وإن كنت أختلف معه فى بعض المسائل التى أشار إليها فى ثنايا طرحه لها، والتى أؤكّد عدم وضوحها عنده كقضية تدوين السنة والتشيع وفرقة المعتزلة.
وتابع "الجندى"، أما عن استخدام بطل الفيلم للمصطلحات الدينية فقد كنت أتمنّى أن يستعين صنّاع الفيلم بمصحح للتلاوة القرآنية، فقد نطق الشيخ آيتين من القرآن الكريم بشكل خاطئ، فعندما قرأ قوله تعالى "أمسك عليك زوجك" نطقها بكسر الهمزة والصواب فتحها، وعندما نطق قوله تعالى "لمن كان يرجو الله واليوم الآخِر" قالها بفتح (الخاء) وليس بكسرها، وأيضاً قرأ قوله تعالى "فمن شاء فليؤمن" بالواو بدلاً من (الفاء) فى كلمة (فليؤمن)، كما لاحظت أنه حصر مصادر الشرع فى ثلاثة فقط؛ هى الوجوب والندب والإباحة، ووجدته تغافل عن الكراهة والتحريم.
وأضاف الشيخ خالد الجندى، ولم يعجبنى اتهامه لنبى الله إبراهيم - عليه السلام - بأنه مرّ بمرحلة الشك قبل نبوّته، وهذا كلام مغلوطٌ ومرفوض عن نبى كريم كان مثالاً لليقين الإيمانى الراسخ، وبالمناسبة.. فإن قول الخليل إبراهيم عن القمر "هذا ربّى" خرج منه سخريةً لمن عبدوا الكواكب من دون الله وليس مشاركة لهم فى معتقدهم الفاسد ولا شكّاً فى عقيدته، ولا أنسى الإشادة بنظافة الفيلم من المشاهد الجارحة باستثناء مشهد قبلة الفتاة المباغتة للشيخ، والتى كان من الممكن الاستغناء عنها، كما أن الشيخ الذى لا يسمح بالمصافحة كما رأيناه لن يسمح بخلوته مع الفتاة مع غلق باب المكتب عليهما مهما كانت الأسباب.
وتابع "الجندى"، أما عن إيجابيات الفيلم فكثيرة؛ ومنها تأكيده سماحة الإسلام وقبول الآخر، تأكيده أن (الرّق) نظام اجتماعى كان موجوداً فى كل الديانات السماوية قبل أن تتخلص منه الحضارة الإنسانية، وتأكيده عدم انتصار الدين بانضمام أفراد جدد، وكذلك أن معظم حالات الردة ما هى إلا حالات نفسية، وأن الفتنة الطائفية ما هى إلا مؤامرة ضد الجميع فى مصر، وتأكيده قدرة البعض على فبركة اللقطات المسيئة للعلماء الذين يُراد إسكاتهم.
واختتم الشيخ خالد الجندى، تصريحاته قائلاً: دعونا ننتهز فرصة هذا العمل الفنى البارع لتأكيد أن قضية تجديد الخطاب الدينى ليست مهمة الأزهر وحده، بل هى مسئولية قومية ووطنية ملقاة على عاتق كل أفراد المجتمع بالطرح الجاد والتناول الوقور والسليم لهذا الملف الخطير، وقد خرجت من الفيلم أشد سعادة من غيرى بأننى أنتمى لهذه المؤسسة المباركة "الأزهر الشريف".
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة