يبدو أن أزمة القرصنة الروسية فى الانتخابات الأمريكية لن تمر مرور الكرام بعد تنصيب دونالد ترامب رئيسًا لأمريكا خلال هذا الشهر، فبجانب المواجهة التى سيخوضها الرئيس المنتخب مع الكونجرس الأمريكى لوقف عقوبات فرضتها إدارة الرئيس المنتهية ولايته باراك أوباما أو كما يعرف بـ"البطة العرجاء" على موسكو، يؤكد الفريق الانتقالى لترامب أنه يدرس حاليًا إعادة هيكلة وكالات الاستخبارات الأمريكية التى انتقد تقاريرها الأخيرة حول إدانة روسيا بالقرصنة المزعومة.
ونقلت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية من مصادر مقربة من الفريق الانتقالى لترامب أنه ينتوى إعادة هيكلة مكتب الاستخبارات الوطنية، باعتبار المكتب مسئولاً عن 16 وكالة استخبارات أمريكية من بينها الـ"CIA"، وذلك لأن ترامب يرى أن المكتب أصبح "مسيس" و"متضخم بالموظفين".
ويخطط ترامب إلى تقليص عدد الموظفين بمقر وكالة الاستخبارات المركزية فى بولاية فيرجينيا، والدفع بمزيد من الموظفين إلى العمل الميدانى بجميع أنحاء العالم، بحسب الصحيفة التى أشارت إلى رفض وكالة الاستخبارات المركزية التعليق على هذا التصريح.
ومن جانبها نقلت شبكة أخبار CNN الأمريكية عن مصادر أيضًا مقربة من الفريق الانتقالى لترامب بأن الرئيس المنتخب يبحث فى جميع السبل الممكنة لتقليص سلطة مدير الاستخبارات الوطنية جيمس كلايبر، الذى تقدم باستقالته بالفعل، لأنه يرى أنه يعترض عمل الـ16 وكالة استخباراتية بالولايات المتحدة، لكن لم تشر الشبكة إلى تفاصيل حول نوع هذا الاعتراض.
مدير الاستخبارات الوطنية جيمس كلايبر
وتشمل خطة ترامب الإصلاحية للاستخبارات الأمريكية "توسيع قدرات التجسس البشرية لوكالة الاستخبارات المركزية لكنه سينتظر أولًا تقييم القيادة الجديدة للمخابرات"، بحسب تصريحات المصادر لـCNN، إذ أشارت إلى أن أوباما طالته انتقادات لاعتماد المخابرات المركزية فى عهده على التجسس الإلكترونى وإشارات الاستخبارات التابعة لوكالة الأمن القومى، لكن النائب "آدم شيف"، كبير الديمقراطيين فى لجنة الاستخبارات فى مجلس النواب الأمريكى، حذَّر من أن الحد من سلطة مدير الاستخبارات الوطنية "سوف يقلل من فعاليته ويضر بالعديد من المكاسب المهمة التى تم تحقيقها منذ هجمات 11 سبتمبر"، حسبما نقلت عنه شبكة الأخبار الأمريكية.
ومن وجهة نظره، يقول "شيف" إن المكتب مشكَّل بطريقة مناسبة وأن اقتراح ترامب لإعادة الهيكلة بناء على مزاعم التسييس سيكون "خطأ من الدرجة الأولى".
وذكرت CNN - عبر مصادر - أن اقتراح إعادة الهيكلة كان مصدره الجنرال المتقاعد "مايكل فلين"، الذى اختاره ترامب ليكون مستشار الأمن القومى.
وأضافت الشبكة أن فلين تمت الإطاحة به عام 2014 من منصب مدير وكالة الاستخبارات الدفاعية التى تقع تحت رئاسة مدير الاستخبارات الوطنية، وأن فلين قد اشتبك فى السابق مع مسئولين بوكالات استخباراتية أخرى.
وتم إنشاء مكتب مدير الاستخبارات الوطنية بأمريكا عام 2004 للمساعدة فى التنسيق الاستخباراتى بين الوكالات المختلفة، وذلك فى أعقاب هجمات 11 سبتمبر 2001.
وقاد ترامب، عبر حسابه على موقع التدوين القصير "تويتر"، حملة تشكيك فى الأدلة التى وعدت وكالات الاستخبارات الأمريكية الإفراج عنها فيما يخص تورط روسيا فى الاختراق الإلكترونى للانتخابات الأمريكية لصالح المرشح الجمهورى، وقد حذَّر مسئولين بالاستخبارات من أن تشكيك ترامب قد يعرِّض البيانات الحكومة لمزيد من القرصنة.
ونشرت وكالة رويترز البريطانية، الأربعاء، تصريحات من ثلاثة مسئولين بالولايات المتحدة تفيد أن أجهزة مخابرات أمريكية حصلت على ما تعتبرها "أدلة قاطعة" على قيام روسيا بالقرصنة الإلكترونية لأنظمة الكمبيوتر الخاصة باللجنة الوطنية للحزب الديمقراطى، وسربت ما حصلت عليه من معلومات إلى موقع ويكيليكس عبر طرف ثالث.
وأنكر "جوليان أسانج" مؤسس ويكيليكس فى حوار له أذيع يوم الثلاثاء الماضى مع شبكة "فوكس نيوز" أن روسيا لم تكن المصدر للآلاف من رسائل البريد الإلكترونى المسربة من منظمات ديمقراطية ومستشار هيلارى كلينتون التى نشرها موقعه، مشيرًا إلى أن مزاعم القرصنة الروسية ما هى إلا محاولة من أوباما لنزع الشرعية عن ترامب قبل التنصيب.
لقطة من حوار "جوليان أسانج" نشرها ترامب على حسابه على تويتر
وبالرغم من التأييد الكبير الذى يحظى به "ترامب" من حزبه، إلا أن روسيا التى استهلكت نحو 11 تغريدة من ضمن 250 تغريدة كتبها ترامب منذ نوفمبر الماضى، قد وحَّدت أصوات الديمقراطيين والجمهوريين المنتقدة لمدحه فى الرئيس الروسى فلاديمير بوتين، وفقًا لوول ستريت جورنال.
وتجددت الانتقادات بعد تأييد ترامب لمؤسس ويكيليس "جوليان أسانج" الذى ينظر إليه من قبل المشرعين والمسئولين الحكوميين فى أمريكا بإزدراء، وذلك بعد أن استعان بتصريحاته فى آخر تغريداته عن القرصنة الإلكترونية، قائلًا: "جوليان أسانج قال إن شخص بعمر 14 عاما يمكن له أن يخترق بوديستا (رئيس حملة هيلارى كلينتون) لماذا كانت لجنة الحزب الديمقراطى مهملة إلى هذا الحد، وقال أيضًا إن الروس لم يعطوه معلومات!".
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة