هل تخيلت يوما أن يذهب ابنك إلى المدرسة، حاملا كتبه وكراساته وألوانه، ليتعلم ويتشبع بالقيم والمبادئ والمعرفة والجمال، فيعود إليك كارها للعلم والمعرفة والجمال، أو حاملا لأفكارا متطرفة، أو متبنيًّا لمنهج "داعش" وتوجهاته؟ ربما تبدو الفكرة مزعجة، ولكنها حدثت بالفعل فى العراق، صاحبة التاريخ والحضارة والإنجازات الإنسانية والمعرفية والحضارية الكبيرة، فمع سقوط "نينوى" فى قبضة التنظيم، ألغى المناهج الدراسية واستبدلها بأفكاره ورؤاه، وقضى عامين كاملين يلقن الأطفال هذه الجرائم الفكرية والإنسانية والتربوية، قبل أن يفر من المنطقة تحت ضغط القوات العراقية، تاركًا خلفه الدليل الصادم والمثير للانتباه والقلق.
حكاية الجريمة "الداعشية" ضد عقول العراق ومستقبله
استبدل تنظيم "داعش" الإرهابى، الشموس الضاحكة من أوراق دروس التربية الفنية فى المناهج العراقية، وغرس الشر والرصاص والكراهية بدلاً منها، بعدما ساهم فى ذبح آبائهم ودفنهم أحياء، وسبى أمهاتهم واتخاذهن جوارى للاغتصاب.
وتُرك هؤلاء الأطفال، الذين جندهم تنظيم "داعش" ضمن ما يُسمى بـ"ديوان الجند" و"أشبال الخلافة"، رسوماتهم على دفاتر مخصصة للخط والأرقام، فى نفق عثرت عليه القوات العراقية حديثًا، فى "نينوى" شمال بغداد.
"داعش" يعلم طفلا عراقيا رسم مصفحة عليها مقاتل تابع للتنظيم
"سبوتنيك" تنشر رسوم من كراسات الأطفال الواقعين تحت سيطرة "داعش"
ونشرت وكالة "سبوتنيك" الروسية، صورًا للرسومات التى حصلت عليها من مصدر أمنى عراقى، بعدما وجدتها القوات العراقية ملقاة ومبعثرة فى مقر تابع لتنظيم "داعش"، محفور تحت أرض منزل لعائلة مسيحية فى قضاء الحمدانية جنوب شرق الموصل، فى مركز نينوى.
وخصص التنظيم الإرهابى، النفق لتعليم الأطفال الشريعة الإسلامية، والقتال، ومنه الرماية بالأسلحة (المسدسات والرشاشات)، والرسم الذى يُمجّد ويدوّن بطولات بـ"حبر على ورق"، يُرضى خيال خلافته المزعومة القائمة على القتل والخراب.
دروس التربية الفنية التى يعلمها "داعش" للأطفال العراقيين
الأطفال يتبنون أفكار "داعش" ويعبرون عنها بالرسم
وتفضح إحدى الرسومات، ملاحظة الطفل لدور التحالف الدولى ضد الإرهاب، وتحليق مروحياته بشكل واضح فى سماء "نينوى"، ومركزها فى مدينة "الموصل"، حتى أنه رسم اثنتين منهما، واحدة قريبة والأخرى بعيدة، على جانبى مسجد كبير يتوسطه شعار وعلم التنظيم الإرهابى.
والرسم الآخر، عن قتال يدور بين تنظيم "داعش"، وحزب العمال الكردستانى، المعروف اختصارا برمز (PKK)، وفيه دبابة لمقاتلى الحزب داخلها مقاتل يطلق النار، ويصفه الطفل بالمرتد، إذ يقصف المسلمين، ويحدد إصابته بغير الصحيحة، وهناك أيضا اثنان ملثمان من عناصر تنظيم "داعش"، يردان من سلاح رشاش فوق سيارة "بيك أب"، على المقاتل الكردستانى.
دروس التربية الفنية للأطفال العراقيين الخاضعين لسيطرة "داعش" تبث العنف فى نفوسهم
ووجدت القوات العراقية أيضًا، رسمًا لمصفحة تابعة لتنظيم "داعش"، مكتسية بالسواد، وغيرها لعنصر إرهابى فوق سيارة يطلق النار عشوائيًا، إضافة إلى صفحتين، الأولى لخطوط بيانية خاصة بمادة الرياضيات تتخللهما أسلحة رشاشة بدينة أقرب بشكلها إلى الطائرات الحربية بلا أذرع، والثانية لدعاء يرجو فيه الطفل العلم من الرب.
رسوم بيانية وأسلحة فى دروس "داعش" للأطفال العراقيين
يُذكر أن أطفال "نينوى" العراقية، التى تشهد عمليات عسكرية واسعة لتحريرها من قبضة تنظيم "داعش" الإرهابى، حُرموا من التعليم والذهاب إلى مقاعد الدراسة، ولازموا بيوتهم أكثر من عامين، بسبب المنهج الذى غيره تنظيم "داعش"، إذ بث منهجًا آخر مشبعًا بالعنف والتطرف على أقراص مدمجة، منذ استيلائه على المحافظة ومركزها "الموصل" فى منتصف عام 2014.
وبزوال تنظيم "داعش" من مناطق نينوى والساحل الأيسر لمركزها الموصل، بتقدم القوات العراقية فى معركة انطلقت يوم 17 أكتوبر الماضى، عاد الأطفال لمدارسهم ودروسهم التى فارقوها لأعوام، ما أخر انتقالهم إلى مراحل أعلى، والأخطر أنه زرع فى نفوسهم طوال هذه الفترة أفكارًا متطرفة وقيمًا تعادى الإنسانية والجمال، ولا شكّ ترك جروحًا وندبات فى أرواحهم، تحتاج جهودا محلية وإقليمية ودولية لعلاجها، واستعادة العراق وأطفاله المحبين للحياة والجمال.
طفل عراقى يرسم مسجد وعليه علم تنظيم داعش وطائرات التحالف الدولى تحلق فى السماء
عدد الردود 0
بواسطة:
تقرير صحفي
اا
ليبيا والعراق وسوريا بها حرب الإرهاب منذ فترة ولم اقرأ تقرير عن جنسيات الإرهابيين أو صورهم أو صور للأسلحة التي تضبط معهم وكذلك السيارات التي يتنقلون بها .... وكان داعش تأتي وتذهب مع الرياح ولا تترك وراءها أي أثر ... أفضحوا الدول التي تمدهم بالسلاح والعتاد اطلبوا لقاء سفراء تلك الدول للتعليق على ما تفعله دولهم بالبلاد العربية .