"خير أجناد الأرض" لم تكن مقولة تردد على الألسنة فقط، ولكن ثبت التاريخ براعة الدولة المصرية فى فنون الحرب والقتال والاستعداد للمعارك، وفى هذا السياق تضم مصر على أرضها أقدم كلية حربية فى أفريقيا والشرق الأوسط.
الأثرى حسن جبر، مدير منطقة آثار أسوان الإسلامية والقبطية، وعضو اتحاد الأثريين العرب، قال "مسجد بدر بالطابية فى مدينة أسوان، كان موقعاً لأقدم كلية حربية فى مصر وأفريقيا والشرق الأوسط، وعرفت تسمية المنطقة بهذا الاسم نظراً لوجود طابيتين حربيتين أسسهما محمد على باشا فى مدينة أسوان خلال عام 1811، الأولى مبنى عليها مسجد الطابية حالياً، والطابية الثانية تعد ملحق بالكلية الحربية فى منطقة الشيخ هارون حالياً".
وأضاف مدير منطقة آثار أسوان الإسلامية والقبطية، لـ"اليوم السابع"، أن محمد على باشا فكر فى تأسيس كلية عسكرية لتعليم فنون الحرب وتعزيز قدرات الجيش المصرى، واختار هاتين الموقعين بمدينة أسوان نظراً لارتباط مصر بالجنوب السودانى لتحقيق أهداف إستراتيجية عسكرية فى أفريقيا، وأيضاً لارتفاع الموقعين فوق تبة عالية عن سطح الأرض، ولجأ لاستقطاب أعداد بالآلاف للكلية الحربية من دولة السودان والتى كانت حكم مصر وقتها، وأسكنهم فى مناطق تسمى بـ"القطانية" بأسوان لمجاورتها للكلية، وهى مناطق "الأحمدية والبشارية" حالياً بمدينة أسوان.
وأوضح الأثرى حسن جبر، بأن هذه التجربة لمحمد على باشا لاقت فشلاً فى بداية الأمر، نظراً لعدم ولاء السودانيين المتطوعين للجيش المصرى واختلاف الثقافات، ففكر حاكم مصر والسودان فى استقطاب وتجنيد المصريين للتدريب داخل الكلية، تحت إدارة الكولونيل سليمان باشا الفرنساوى، الفرنسى الأصل والذى أسلم وعاش فى مصر، وأسند محمد على باشا إليه مهمة الإشراف على الترسانة البحرية فى الإسكندرية بجانب مدير الكلية الحربية فى أسوان.
وأشار إلى أن الكلية الحربية فى أسوان اندثرت بعد ذلك بسبب الإهمال عقب فترة حكم محمد على باشا، ونظراً لعوامل ظهور الأسلحة المتطورة وانشغال الجيش المصرى بالفتوحات الأفريقية، وأيضاً التدخل الأجنبى فى مصر من خلال الوصاية الإنجليزية.
وتابع عضو اتحاد الأثريين العرب، الحديث قائلاً "فى عهد الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، تم التفكير فى بناء مسجد فى موقع الطابية يحمل اسم مسجد بدر بالطابية، تيمناً بذكرى غزوة بدر، وتم تأسيس المسجد خلال الفترة من 1969/1970، وتم افتتاح المسجد فى عهد الرئيس الأسبق محمد أنور السادات.
واستكمل الحديث قائلاً "المسجد مبنى على الطراز المملوكى بمساحة 700 متر مربع، بخلاف مساحة الحدائق، وللمسجد مدخلان رئيسيان من الجهة الجنوبية والغربية، أمام كل مدخل مظلة ترتكز على أعمدة دائرية يعلوها عقود مدببة تشبه حدوة الفرس، من الداخل الأعمدة موزعة فى تناسق معمارى يبلغ عددها 24 عموداً مزينة بدليات جصية كثيرة الزخارف تحمل فوقها القبة الضخمة المميزة التى تتوسط صالة الصلاة، ومن السقف تتدلى مشكاوات زجاجية عليها كتابات قرآنية بالخط الكوفى، والمحراب الموجود فى جدار القبلة صنع من الرخام المعشق بألوانه المتجانسة، وبجانبه المنبر الخشبى ذو القبة الجميلة المليئ بالزخارف الهندسية على شاكلة المنابر الأثرية فى العصور السابقة، وعلى جانبى المسجد اثنين من المآذن كتبت عليهم كلمات من نوع الخط الكوفى المربع باستخدام قوالب الطوب الأحمر بوضعيات مختلفة، كما أن العناصر المعمارية للمئذنة تشترك مع القباب الفاطمية يتمثل ذلك بوجه خاص فى وجود المخروط الركنى بجبانة أسوان".
ولفت إلى أهمية مسجد الطابية، حيث يعد المكان مزار سياحى تأتى إليه الأفواج السياحية لزيارته نظراً لأهميته التاريخية، ونظراً لارتفاعه النسبى عن المدينة يمكن الزائرين رؤية المدينة بأكملها من فوق قمة المسجد، ويتم استخدامه أحياناً لاستطلاع هلال شهر رمضان، ويقبل عليه المواطنين المصريين فى العديد من المناسبات الدينية والاحتفالات والأعياد، وكان يقام فيه قبل ذلك عرض للصوت والضوء.
الأثرى حسن جبر
ميدان الطابية
موقع الطابية أقدم كلية حربية فى مصر
مسجد بدر بالطابية
مسجد بدر بالطابية من الخارج
مسجد الطابية بأسوان
داخل حرم الطابية
قبة المسجد من الداخل
قبلة مسجد الطابية
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة