قبل أيام من دخوله البيت الأبيض، بدأ الرئيس الأمريكى المنتخب، دونالد ترامب، صدام مع واحدة من أقوى حلفاء الولايات المتحدة فى أوروبا والعالم، حيث أدلى ترامب بتصريحات مثيرة للجدل أثارت غضب ألمانيا.
هذا الصدام الذى ربما يتطور خلال الأيام المقبلة، يشير إلى أن المجتمع الدولى مقبل على حقبة جديدة من التحالفات السياسية فى العالم، لاسيما مع إصرار ترامب على التقارب مع روسيا رغم الغضب الداخلى حيال قضية القرصنة الروسية خلال الانتخابات الرئاسية الأمريكية.
ترامب على طريقته المثيرة الصاخبة أثار غضب ألمانيا بتصريحات إستفزازية إنتقد فيها المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، ففى مقابلة صحفية قبل أيام، قال إن ميركل ارتكبت "خطأ كارثيا" بسياسة السماح لمليون مهاجر بالتدفق على بلادها، وهو ما يمنح فرصة كبيرة لليمين الألمانى المعارض الذى يمكن أن يستغل مثل هذه التصريحات ضد ميركل.
ولم يتوقف ترامب عند ذلك الحد بل ذهب للقول فى مقابلة مشتركة مع صحيفة تايمز البريطانية وصحيفة بيلد الألمانية إن الاتحاد الأوروبى أصبح "عربة لألمانيا" وتوقع أن يصوت مزيد من أعضاء الاتحاد الأوروبى على الانسحاب منه كما فعلت بريطانيا فى يونيو الماضى. وهى أول تصريحات عدائية نحو دولة أوروبية يدلى بها رئيس أمريكى منذ الحرب العالمية الثانية.
ولم يكتف الرئيس الأمريكى المنتخب، الذى سيتولى السلطة رسميا الجمعة المقبلة، بهذا القدر من استفزاز الحلفاء، فوصف حلف شمال الأطلسى "الناتو" بأنها منظمة "عفا عليها الزمن". واتهم ترامب دول أعضاء فى الحلف بأنها لا تدفع حصتها فى إطار عملية الدفاع المشتركة والاتكال على الولايات المتحدة.
تصريحات ترامب دفعت القادة الألمان للرد سريعا ، حيث قال وزير الخارجية الألمانى فرانك فالتر شتاينماير فى تصريحات له أمس الأول إن حلف شمال الأطلسى تلقى "بقلق" تصريحات الرئيس الأمريكى المنتخب.
وبحسب الإذاعة الإلمانية دعت صحيفة "هانوفيرشه الجيمانية تسايتونج" إلى "بناء تحالف دولى ضد ترامب وقالت صحيفة "مانهايمر مورجن": "حينما يحتشد الأوروبيون ضد بعضهم البعض، ويسمحون للوجه القبيح للقومية بالظهور، فستواجه حينها القارة أياما عصيبة. وستصبح دول القارة العجوز حينها كرة يلعب بها ترامب وبوتين، اللذان يريدان فرض مصالح دولهم الكبرى بشكل صارم. ولمواجهة ذلك لا ينفع عدا وجود أوروبا موحدة".
وفى خطوة استفزازية أخرى حذر ترامب شركات السيارات الألمانية، ومنها "بى إم دبليو"، من فرض رسوما تبلغ 35% على السيارات التى تدخل السوق الأمريكية. وقال فى لهجة غير معهودة بين الحلفاء: "إذا أردتم تصنيع سيارات حول العالم فأتمنى لكم حظا وافرا، ويمكن تصنيع سيارات للولايات المتحدة، ولكن كل سيارة ستدخل الولايات المتحدة ستسدد ضريبة 35%". وتابع: "أقول لـ بى إم دبليو إذا كانوا يبنون مصنعا فى المكسيك ويعتزمون بيعها فى الولايات المتحدة دون ضريبة 35% فلتنسوا الأمر".
وردت برلين على كلمات ترامب برفض وزير الاقتصاد الألمانى، سيجمار جابرييل، تهديد ترامب برفع الرسوم الجمركية، وقال: "إن مثل هذه التعريفات ستجعل قطاع صناعة السيارات الأمريكية أسوأ وأضعف وأكثر تكلفة" ، وأضاف جابرييل: "إن الولايات المتحدة بحاجة لتصنيع سيارات بمواصفات أفضل... اصنعوا سيارات أفضل منا".
الأمر الثانى الذى لم يلتفت له أحدا، وهو ما يتعلق بقضية فضيحة الغش فى الأنبعاثات الضارة التى تورطت فيها شركة "فولكس فاجن"، الألمانية للسيارات. فبعد إقرار الشركة بالخطأ وبينما هناك دعاوى قضائية مرفوعة من المستثمرين الأمريكيين ضدها، أصدرت السلطات الأمريكية، الأسبوع الماضى أوامر إعتقال بحق ستة من المديرين التنفيذيين للشركة.
وبينما تم إعتقال المدير التنفيذى السابق أوليفر شيميدت، فى فلوريدا، فإن الخمسة الباقون يعتقد أنهم فى ألمانيا. وليس من الواضح عما إذا كان المسئولين الخمسة سوف يمثلون أمام القضاء الأمريكى، فألمانيا لا تقوم عادة بتسليم مواطنيها، وهو ما قد يكون مثار أزمة بين البلدين.
هذه جميعها تطورات مثيرة فى علاقة الولايات المتحدة ليس بألمانيا فقط بل أوروبا كلها. وبحسب موقع ماركت ووتش، الأمريكى، فإن تودد ترامب لروسيا وبريطانيا ربما يثير الخوف داخل ألمانيا من إتحاد أعدائها القدامى. حيث أعرب ترامب عن دعمه لإنسحاب بريطانيا من الإتحاد الأوروبى، وشجع البريطانيين على قيادة الدول المستعدة لإعداد إتفاقية تجارية جديدة مع أمريكا. كما يعمل على مغازلة الرئيس الروسى فلاديمير بوتين، وعلى الأرجح فإن أى رئيس فرنسى ممكن أن يخلف الرئيس الحالى فرانسوا هولاند، الذى أعلن أنه لن يترشح لفترة رئاسية جديدة هذا العام، لن يكون قريبا من ألمانيا.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة