مازالت قضية ارتفاع الأسعار تؤرق المواطن، وتنغص عليه عيشته بسبب السياسات الاحتكارية التى يفرضها التجار، وقانون العرض والطلب الذى يفرض نفسه دومًا على الأسواق، الأمر الذى يجعل المواطن مكتوف اليدين وخاو "الجيوب" أمام احتياجاته اليومية.
الأزمة ليست جديدة وسبق وأن تحدث عنها الرئيس عبد الفتاح السيسى، موصيًا حكومة المهندس شريف اسماعيل بالتدخل وضبط السوق، إلا أن الأسعار أخذت طريقها نحو الصعود، ما دفع القوات المسلحة حينها للتدخل لمساندة المواطن بتوفير السلع الأساسية بأسعار مدعومة، إلا أن المشكلة ظلت قائمة، الأمر الذى يفرض تساؤل عن دور جهازى حماية المستهلك والمنافسة ومنع السياسات الاحتكارية.
بالنسبة لجهاز "حماية المستهلك" الذى أنشئ عام 2006 طبقا لقانون 67 ، نجد أن اختصاصته "ضبط السوق وتحقيق الأمان فى كافة المعاملات التجارية، وتوفير الحماية الكاملة للمستهلك وإلزام كل تاجر بتطبيق بنود القانون وإلا تعرض كل من يخالفه للعقوبات والغرامات التي أقرها قانون الجهاز".
أما"جهاز حماية المنافسة" الذى أنشئ عام 2005 طبقا للقانون رقم 3 ويتبع وزارة التجارة والصناعة، فضمن اختصاصته "اتخاذ إجراءات التقصى والبحث وجمع الاستدلالات وعمل الدراسات والأبحاث في السوق لكشف الممارسات الضارة بالمنافسة، كما يختص الجهاز بنشر ثقافة المنافسة في المجتمع والتنسيق مع الأجهزة التنظيمية للقطاعات الاقتصادية".
الأمر الذى يفرض تساؤلا كبيرًا عن المعوقات التى تحول دون تنفيذ الجهازين اختصاصاتهما سواء كانت البيروقراطية أو ضعف الإمكانيات.
مدحت الشريف، وكيل اللجنة الاقتصادية بمجلس النواب، قال إن ضبط الأسعار فى الأسواق لن يأتى دون تفعيل جهاز حماية المستهلك ، وجهاز حماية المنافسة للوقاية من الممارسات الاحتكارية، مشيرًا إلى أن هذا المقترح لن يكبد الدولة عشرات المليارات، موضحًا أن تكلفة تطوير جهاز حماية المنافسة للوقاية من الممارسات الاحتكارية سيكلف الدولة مبلغًا ضئيلا مقارنة بعشرات المليارات من الجنيهات التى أهدرتها وزارة التموين فى ملف الفساد.
وأكد الشريف لـ"اليوم السابع"، أن تفعيل الجهاز سيكلف الدولة 60 مليون جنيه حتى يتمكن من نشر مكاتبه بمختلف المحافظات المصرية، وهو مبلغ زهيد مقابل الخدمات التى سيوفرها للدولة والمواطن، مدللا على الممارسات الاحتكارية بالخطابات المرسلة من قبل اللجنة وتضمنت اختفاء مليون و250 ألف طن أرز من الأسواق، وهو رقم مهول يزيد عن حجم استهلاك السوق، الأمر الذى كشف تورط وزارة التموين.
وتابع الشريف:"الاحتكار لا يفرضه تاجر بعينه بل يقف وراءه رؤوس أموال"، مشيرًا إلى أن القضاء على الظاهرة مسئولية مجتمعية ولابد من تضافر جهود الأفراد والحكومة، لافتًا أن مسئولية الأفراد تحتم عليهم مقاطعة المنتجات المرتفع أسعارها، فى الوقت الذى تطور فيه الدولة جهاز حماية المستهلك.
بدوره فند المهندس محمد فريد، نائب رئيس اللجنة الاقتصادية بحزب المصريين الأحرار، مشكلة ارتفاع الأسعار مستبعدًا أن يكون السبب هو ضريبة القيمة المضافة، قائلا: "ليس عيبًا فى القانون أو طريقة تطبيقه وإنما لغياب الرقابة واجراءات ضبط الأسواق ".
وأوضح فريد لـ"اليوم السابع"، أن شائعة غلاء الاسعار قبل طرح موافقة مجلس النواب على قانون القيمة المضافة خلق حالة تهيئة للشارع بتقبل فكرة الغلاء، ومن ثَمَّ استفاد التجار ورفعوا من سعر بعض المنتجات بالفعل على المستهلك.
وشدد على ضرورة اصلاح جهازي حماية المستهلك وجهاز وجهاز حماية المنافسة للوقاية من الممارسات الاحتكارية، لافتًا إلى أن الحديث عن التسعيرة الجبرية "كلام عبثى".
وفى سياق متصل، اقترح هانى الحسينى، سكرتير اللجنة الاقتصادية بحزب التجمع، إنشاء جهاز قومى للسلع الغذائية يشرف على الشركات المنتجة لحماية المستهلك من السياسات الاحتكارية والتلاعب بالأسعار، أسوة بالشركة المصرية للاتصالات وتعاملها مع شركات شبكات المحمول الثلاثة.
وأوضح الحسسنى لـ" اليوم السابع" أن التنافسية التى تشرف عليها الشركة المصرية للاتصالات مكنت المستهلك، متلقى الخدمة، من الاستفادة بأفضل العروض والأسعار مشيرًا إلى أن المصرية الاتصالات تجبر الشركات على كشف العروض للشركات المنتجة قبل طرحها على الإعلان، مشددا على ضرورة فرض رقابة على الأسواق وتحديد هامش ربح ثابت عادل لكل منتج لمحاسبة المحتكرين للسلع الأسياسية.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة