كل ثورة قامت فى أى بقعة على الأرض كان لها توجه سياسى، ولها هدف أو أهداف تسعى لتحقيقها.. وكانت ثورتا 25 يناير و30 يونيه لهما شعار (عيش وحرية وعدالة اجتماعية وكرامة إنسانية) مجرد شعار وكلمات ليس لها برنامج أو دليل أو دستور أو حتى مرجع قوى يكون سندا لتك الثورة.. أو برنامج زمنى لخطوط محددة.. أو مؤسسات شعبية أو حكومية أو رئاسية تسعى لنشر أفكار محددة من خلال الإعلام الرسمى للدولة.. وكيف يكون ذلك ولم يصدر من أى جهة رسمية للدولة وثيقة تشرح الأفكار والرؤى لأصحاب الثورة والذين قاموا بها.. ولهذا ظهر الفراغ والفجوة الكبيرة والتى من خلالها اصبح لكل ذى بوق رأى وتصريح بلا سند أو منطق!
ننتظر أن يكون هناك كتاب أو وثيقة متفق عليها تحوى تلك الرؤى الجديدة وترسم خطوط المستقبل الذى يلزم الجمبع اتباعه لعبور مرحلة التخبط الفكرى.. نعلم جيدا ان النظام الحالى فى مصر يحتاج إلى ظهير سياسى.. يدعمه ويدعم رؤيته فى اسلوب التقدم الاقتصادى.. وهو الهم الأكبر وهو الاحتياج الاهم والملح لمصر... بعد سنوات من التجمد والتخلف عن ركب الحضارة وسط عالم يكاد ان يطير متقدما ومسرعا فى كل مناحى الحياة وفى كل لحظة نجد ان هناك جديد فى العلم.. وفى الافكار والاختراعات تتبناها الدول والشعوب لتنمو وتتقدم مستغلة كل شبر فى ارضها.. وكل يد وكل فرد يعيش تحت علمها.. نحن الان نحتاج إلى افكار قابلة للتنفيذ الفورى... ولكن كيف هى ؟ ومن اين نبدأ ؟ وانى أسأل هل نحن نعرف ارضنا حق المعرفة ؟. ونعرف كل شبر فى مساحة مليون كيلومتر مربع..هى مساحة مصر.. فى بداية التسعينات من القرن الماضى ظهر اسم عالم كبير فى الجغرافيا (دكتور/ جمال حمدان ) من خلال كتابه الاشهر شخصية مصر...والذى يحوى فصولا كثيرة أشهرها.. عبقرية المكان. ويقصد به عبقرية الموقع الجغرافى لمصر.. وانتشر بين المثقفين هذا الكتاب وأصبح كل من يقتنى أو يقرأ هذا الكتاب يعتبر نفسه واحدا من المثقفين الحقيقين لانه قد حصل على معرفة حقيقية لطبيعة وجغرافية مصر..والدكتور جمال حمدان صنع حالة من الوطنية الصادقة عاشها جيل التسعينات وما قبلها.. فصل واحد من الكتاب بأخذك إلى السهول والوديان والصحراء.. يفتش فيها عن كنوز مدفونة تحتاج إلى من يزيح التراب من عليها..كنوز تجعل من مصر واحدة من ارقى دول العالم.. ولما لا ؟ وقد سبقنا الفراعنة فى بناء اقدم حضارة فى المنطقة.. ومازالت تشكل لغزا للعالم..كيف كانت؟ وكيف صمدت ؟ أكثر من 90 مليون مصرى منتشرون على ارض مصر..يعيشون على خير تلك الارض..ويحتفظون باسرار الحضارة فى المعيشة اليومية وفى الصناعات القديمة..
ليس بمقدرة الكثيرين من المثقفين ان يطوف ببقاع مصر المختلفة ليتعرف عن قرب على المعالم.. وإنما قد يتصادف للبعض القيام بزيارات لمناطق نائية اثناء عملهم وسفرياتهم لأغراض مختلفة لأن المسافات كبيرة بين العواصم وبين نقاط الاهتمام.. – مثل واحة سيوة.. العلمين.. الواحات الداخلة.. مدن رشيد وإدكو ساحل البحر الأحمر.. وجبال المنطقة الشرقية والصحراء الغربية.. ذات التاريخ والآثار الفرعونية - ومدن الجنوب.. بداية من أبو سمبل مرورا بأسوان وحتى المنيا.. كل بقعة من تلك الاماكن هى تاريخ فى حد ذاته ويكتب عنها مجلدات.. ولها عائد اقتصادى كبير اذا اكتشفت بعيون خبير.
هذا هو الظهير الذى نحتاجه للرئاسة.. ظهير مثقف.. وواعى.. يدرك قيمة كل حجر على سطح أرض مصر.. وما تحت الأرض.. من معادن وثروات...آن الأوان أن نكشف عنها للعالم.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة