أفكار طُرحت على الطاولة
- بدأت حكومات الدول الغنية فى بادئ الأمر بالسماح بارتفاع ديونها لتوازن تراجع الديون الخاصة، كما واصلت دول ناشئة- أبرزها الصين-الاقتراض.- قدمت البنوك المركزية المساعدة فى ذلك، حيث خفضت الفائدة إلى الصفر أو أدناه، ورغم أن هذه السياسة لم تسفر عن تراجع تكاليف الاقتراض فى جميع الأحوال- مثل اليونان- فإن تلك التكاليف على الديون هبطت فى أغلب الدول المتقدمة.
- رغم أن هذه الإجراءات قد حالت دون وقوع كارثة، فإنها لم تعالج المشكلة، فقد تسبب ارتفاع الديون فى استمرار العمل بسياسة الفائدة المنخفضة، وهو ما شجع على المزيد من الاقتراض.
- يعزف مسؤولو البنوك المركزية عن رفع الفائدة سريعا، لعدم التسبب فى كارثة، ويبدو العالم المتقدم واقعاً بين مطرقة ركود النمو وسندى الفائدة المنخفضة.
ووفقا للتقرير، فهناك عناصر ثلاثة لوقوع أزمة مالية عالمية أخرى، أولها انخفاض أسعار الأصول الممولة بالدين، والثانى تركيز المدينين فى الاقتصادات الكبيرة المعلومة، والعنصر الثالث يكمن فى أن المستثمرين سيكونون معرضين للاستدانة، واجتمعت هذه العناصر فى أزمة 2007 و2008، حيث تحولت ديون الرهن العقارى الأمريكى إلى رديئة، مما أثار القلق بشأن النظام المصرفى فى الغرب.
لو حدثت أزمة مالية أخرى، فالأمر سيكون مختلفا، نظرا لوجود المدينين فى مجالات متنوعة كالدول الناشئة ومنتجى السلع، ولكن - باستثناء الصين – هذه القطاعات لا تشكل أهمية مصيرية للاقتصاد العالمى، وتتركز غالبية الديون الصينية على الصعيد المحلى بدلاً من توزيعها على محافظ مالية لبنوك دولية أو صناديق تقاعد أو شركات تأمين، بينما تتركز ديون حكومات الدول الغنية فى أغلب محافظها المؤسسية.
ولن يكون من السهل التخلص من الديون بسبب تضخمها، ولا تزال البنوك المركزية تحاول دفع معدلات التضخم نحو المستهدف، ومن غير الواضح مدى تأقلم الحكومات مع ارتفاع التضخم فى ظل تزايد الديون، وربما يكون الإعفاء من الديون فكرة جيدة نظرياً، ولكن شطب ديون فى القطاع الخاص أو الحكومى ربما يضر القطاع المالى، ويثير أزمة تصعب معالجتها.
طرح بنك «مورجان ستانلى» اقتراحات بديلة مثل استبدال الديون بسندات شبيهة بالأسهم، ففى القطاع العام، تصدر حكومات سندات مرتبطة بالناتج المحلى الإجمالي على سبيل المثال، فعندما يرتبط سداد الدين بالناتج المحلى الإجمالى الحقيقى، فإن الحكومات ستكون بمنأى عن ارتفاع نسبة الدين للناتج المحلى الإجمالى، الذى يحدث أثناء فترات الركود، ويمكن أيضاً إصدار سندات «لا تعوض» التى تزيل مخاطر أزمة إعادة التمويل، و تعد هذه الأفكار جيدة، ولكن يمكن تطبيقها فقط بالنسبة للسندات التى أصدِرت حديثاً بعكس الالتزامات القديمة، وبالتالى فإنها يمكن أن تجدى نفعا على المدى الطويل.
محسن عادل، نائب رئيس الجمعية المصرية للتمويل والاستثمار، قال خلال ندوة عقدها مؤخرا المركز المصرى للدراسات الاقتصادية: إنه فى ظل التطورات التى تشهدها أساليب إدارة الدين العام المتنامى فى مصر فإنه يجب الانتباه إلى أن:
* يمثل حجم الدين المحلى وأعباء خدمته تحديا كبيرا، مقارنة بالدين الخارجى، الذى يمثل نسبة محدودة من الناتج المحلى الإجمالى، مقارنة بمتوسط منطقة الشرق الأوسط، ولا يمكن التحكم فى حجم الدين دون التعرض لعجز الموازنة المزمن، الذى عانت منه مصر على مر أعوام، وما زالت تعانى منه، خصوصاً خلال الأعوام الأربع الأخيرة، التى انخفضت فيها الإيرادات، وزادت المصروفات بشكل مضطرد، بينما يمكننا محاولة تخفيض أعباء خدمة الدين عن طريق الإدارة الرشيدة لمحفظة الدين الحكومى.
* نرى ضرورة التوجة إلى اعتماد الأداة المالية (صكوك التمويل) فى الوقت الحالى، على المستوى الحكومى، مما سيجذب استثمارات عربية خليجية للدخول فى سوق الدين، بما يرفع من الحصيلة الدولارية من جانب ويخفف العبء عن البنوك المحلية من جانب آخر، ويرفع من مساحة البدائل التمويلية المتاحة، فهناك ضرورة للاستفادة من هذه الأداة فى إطار خطة الدولة نحو تطوير الأدوات المالية وتنويعها لزيادة قدرة الشركات والحكومة وغيرها من الجهات الاعتبارية المختلفة فى الحصول على التمويل، لما فى ذلك من أثر إيجابى على زيادة حجم الاستثمار والتشغيل فى الاقتصاد القومى، و تمكين تلك الجهات من تنويع مصادر تمويلها، وتلبية احتياجات شريحة كبيرة من الأشخاص الاعتبارية العامة والخاصة، والشركات الراغبة فى تمويل أنشطتها ومشروعاتها أو التوسع فيها عن طريق الصكوك.
* مثلت أدوات الدين المحلى نسبة متصاعدة من ودائع وحدات الجهاز المصرفى، فى الوقت الذى تراجعت فيه معدلات توظيف القروض إلى الودائع على مستوى القطاع ككل ، وهو الدور الرئيسى المعنى به البنوك كوسيط مالى لتوظيف ودائعها فى مشروعات تحقق قيمة مضافة لاقتصاد البلاد، ونري إنه لا بد من وضع حد أقصى للاستدانة الداخلية وحجم طروحات الأوراق المالية التى تنوى طرحها من إجمالى ودائع البنوك، وأن يكون لديها مؤشر يربط بين محفظة استثمارات البنوك فى أدوات الدين، وبين إجمالى الودائع المتوفرة لدى وحدات الجهاز المصرفى، إذا كانت تهدف فعليًّا لإنعاش الأسواق ومحاربة الركود الاقتصادى، وفى حال تطبيق ذلك سيكون على وزارة «المالية» تقليص حجم الطروحات لفترة زمنية؛ حتى تهبط بالمؤشر للحدود الآمنة التى تسمح لها باستئناف الاقتراض، وهو ما سيدفع البنوك حتمًا لبذل المزيد من الجهد للبحث عن قنوات بديلة لتوظيف ما لديها من سيولة وتوجيهها لقنواتها الصحيحة، عبر ضخها بسوق القروض والتسهيلات الائتمانية للشركات وأصحاب المشروعات.
*على الرغم من استمرار وزارة المالية فى زيادة السندات ذات الاجال المتوسطة فى مقابل أذون الخزانة ذات الاجال قصيرة الاجل وبناء منحنى عائد لإصدارات الحكومة، من خلال اصدارات منتظمة لآجال مرجعية (1.5، 3، 5، 7، 10 سنوات) وإعادة فتحها لخلق سيولة فى جانب المعروض من السندات؛ إلا أن نشاط السوق الثانوي لسندات الخزانة مازال ضعيفاً حيث يبلغ النشاط نسبة 1.1% من إجمالي الإصدار، وذلك حتى فى ظل زيادة المعروض من الإصدارات بالإضافة إلى تركز المستثمرين فى سندات الخزانة لهذا نري ضرورة الاسراع بخطوة تفعيل سوق السندات الثانوي بالبورصة المصرية، حيث أن السوق ما زال ضعيفًا وغير عميق، وتستحوذ البنوك على كل تعاملاته، وذلك على عكس الأسواق الأخرى عالميا المتوافر بها أسواق ثانوية نشطة مما يسمح بتوفيرتمويلات متوسطة وطويلة الاجل للشركات.
ويستدعى ذلك اتخاذ حزمة من الاجراءات المتكاملة لتعزيز قدرة السوق الثانوي لسندات الخزانة ومنها توسيع قاعدة المستثمرين، واستحداث آليات مثل بيع وإعادة شراء السندات، وتوحيد تسوية الأذون والسندات لتفعيل آليات تسليف الأوراق المالية الحكومية، والمحافظة على الإصدارات المنتظمة وخلق نقاط مرجعية فى كلٍ من سوق الإصدار والتداول وكذلك توحيد نظام التسوية للأوراق المالية الحكومية لتعزيز سيولة السندات. حيث تساهم سيولة السوق الثانوى فى تخفيض تكلفة تلك الأوراق من خلال خفض عائد الإصدار. هذا بالإضافة إلى إعادة النظر فى نظام طرح العطاءات (Uniform vs. Competitive auctions) ونظام التداول بالسوق الثانوى.
موضوعات متعلقة..
خبير: تخفيض الجنيه واهتمام الدولة وراء زيادة عمليات شراء الأجانب بالبورصة
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة