تتجه أنظار الأوساط الاقتصادية فى مصر إلى قرار البنك المركزى بشأن أسعار الفائدة، والمقرر حسمه فى اجتماع لجنة السياسة النقدية، الخميس، وسط حالة من الجدل حول جدوى رفع أسعار الفائدة فى كبح جماح التضخم الذى انفلت عياره الفترة الأخيرة.
ورفع البنك المركزى أسعار الفائدة، منتصف مارس الماضى، بمقدار 150 نقطة أساس، أى بنسبة 1.5%، من 9.25% إلى 10.75%، ومن 10.25% إلى 11.75%، على التوالى، كما طرح شهادات ادخارية بمعدل فائدة 15% مقابل التنازل عن الدولار، ضمن حزمة من القرارات التى استهدفت السيطرة على ارتفاع الأسعار بعد تخفيض الجنيه.
وتباينت آراء الخبراء وبنوك الاستثمار بشأن قرار البنك المركزى بخصوص أسعار الفائدة، ففريق يؤيد تثبيتها عند معدلاتها الحالية، مؤكدين أن تكلفة رفعها تفوق الفوائد المحتملة، فيما يرى فريق آخر أنه لا بديل عن رفع أسعار الفائدة للسيطرة على التضخم، والذى يتوقع أن يقفز بوتيرة أعلى خلال الشهور المقبلة، مع اتجاه الحكومة لتطبيق ضريبة القيمة المضافة بمجرد إقرارها من مجلس النواب، والتى سيترتب عليها ارتفاع أسعار السلع والخدمات، وهو ما يتطلب حماية الفقراء ومحدودى الدخل.
وقفز معدل التضخم السنوى العام فى مايو الماضى إلى 12.3% مقارنة بـ9.5% فى إبريل، كما ارتفع الرقـــم القيـــاسى العـــام لأسعـــار المستهلكـــين بنسبة 3.05% الشهر الماضى.
وجاء ارتفاع التضخم نتيجة طبيعية لتخفيض الجنيه أمام الدولار بنسبة 13% دفعة واحدة فى مارس الماضى، فضلا عن زيادة الطلب المعهودة سنوياً قبيل شهر رمضان الكريم، والتى تزامنت مع قفزات غير مسبوقة فى سعر صرف العملة الأمريكية فى السوق السوداء، والتى اقتربت من 12 جنيهًا، ما تسبب فى ارتفاع أسعار معظم السلع المستوردة وخامات ومدخلات الإنتاج الخاصة بالمنتج المحلى.
وقال بنك "فاروس" للاستثمار فى مذكرة بحثية بالإنجليزية، إن رفع أسعار الفائدة لن يدعم العملة المحلية إلا إذا تراوح بين (200 إلى 300 نقطة مئوية)، أى حوالى 2 إلى 3% دفعة واحدة، وهو قرار لا يساعد على احتواء عجز الموازنة المرتفع بالفعل، فى إشارة إلى أن رفع الفائدة يرفع تكلفة الدين المحلى وخدمة الدين التى تلتهم ثلث الإيرادات الحكومية تقريباً.
ولاحتواء الضغوط التضخمية المترتبة على تخفيض الجنيه، لجأ البنك المركزى إلى عدة سياسات، أبرزها ما يعرف بـ"تعقيم السيولة"، أى جعلها عقيمة، ومن هذه الأدوات طرح شهادات الادخار بالعملة المحلية بمعدل فائدة 12.5%، والتى بلغت حصيلة بيعها لدى البنوك العامة حوالى 125 مليار دولار، أى ما يعادل 4% من إجمالى السيولة.
وأضاف "فاروس"، أن شح الدولار والعملات الأجنبية الأخرى لا يزال يشكل ضغطاً على النمو الاقتصادى، لا سيما فى القطاع الصناعى، بالإضافة إلى ذلك فإن رفع الفائدة لن يكون مفيدا لرجال الأعمال والقطاع الخاص بصفة عامة لأنه يرفع تكلفة الاقتراض، وهو ما يحد من خطط توسيع الاستثمارات أو ضخ استثمارات جديدة.
وأكد "فاروس" أنه ثمة إجماعا على اتجاه الفيدرالى الأمريكى (البنك المركزى الأمريكى) إلى رفع الفائدة على الدولار فى يوليو المقبل بدلا من يونيو الجارى، ومن المقرر أن يجتمع مجلس الاحتياطى الفيدرالى خلال هذا الأسبوع لاتخاذ قرار بشان أسعار الفائدة، وبعد تقرير الوظائف المخيب للآمال فى مايو الماضى تحول الإجماع إلى رفع الفائدة فى يوليو بدلا من يونيو.
وأشار "فاروس" إلى أنه إذا قرر الفيدرالى الأمريكى تثبيت أسعار الفائدة، فإنه سيعزز وجهة نظرنا بأن لجنة السياسة النقدية ستبقى على أسعار الفائدة دون تغيير.
وبناءً على هذه العوامل الثلاثة التى تم شرحها فى السطور الماضية، يرى "فاروس" أن المركزى سيثبت أسعار الفائدة، مع احتمال رفعها خلال أحد الاجتماعين التاليين فى يوليو أو سبتمبر.
وقالت مؤسسة "كابيتال إيكونوميكس" البريطانية، المتخصصة فى الأبحاث الاقتصادية، إن البنك المركزى حاول، باعتراف الجميع، استباق ارتفاع التضخم عندما رفع الفائدة بمقدار 150 نقطة مئوية، بعد وقت قصير من تخفيض قيمة العملة المحلية فى مارس، ومع ذلك، فقد أوصينا منذ فترة طويلة بأن تشديد السياسة النقدية ستكون مطلوبة على الأرجح.
ورجحت "كابيتال إيكونوميكس"، فى تقرير بالإنجليزية، أن يقبل البنك المركزى على رفع أسعار الفائدة فى الاجتماع المقبل، فى ضوء أرقام التضخم المعلنة، مصحوبة بتصاعد الضغوط على الجنيه.
وتوقعت "كابيتال إيكونوميكس" أن يحافظ البنك المركزى المصرى على أسعار الفائدة دون تغيير خلال اجتماع لجنة السياسة النقدية، المقرر عقده غدا.
من جهته قال بنك "بلتون" للاستثمار، إن الضغوط التضخمية تفاقمت، نظرًا لقدوم شهر رمضان، والذى يشهد أعلى مستويات للاستهلاك، ولتعديل أسعار الخدمات والأدوية لأخذ ارتفاع التكاليف فى الاعتبار فى الوقت الحالى.
وأضاف "بلتون"، فى ورقة بحثية حصل "اليوم السابع" على نسخة منها، "فى ظل هذه التعديلات الصعبة، اختارت الحكومة عدم تطبيق تعديلات بأسعار الوقود، كما لم يحرك البنك المركزى المصرى السعر الرسمى للدولار/ جنيه، ما يتفق تمامًا مع التوقعات."
وتوقع "بلتون" استمرار هذه المرحلة بعد شهر رمضان، خاصة مع ضعف احتمالات رفع أسعار الفائدة فى يونيو بالولايات المتحدة، ومع الهبوط الأخير فى عائدات السندات بألمانيا، نتيجة تجدد مخاوف النمو. وبناءً على ذلك، استبعدت "بلتون" تغيير البنك المركزى لسعر الصرف الرسمى أو أسعار الفائدة على المدى القصير.
وقال بنك "مباشر" للاستثمار، فى تقرير بالإنجليزية، إن رفع أسعار الفائدة فى اجتماع لجنة السياسة النقدية له ما يبرره بهدف احتواء توقعات التضخم، مضيفاً أن توقعات التضخم تتخذ اتجاها صاعدا لعدة أسباب، أهمها استقرار أسعار النفط عند مستويات أعلى قرب 50 دولاراً للبرميل، كما أن الفيدرالى الأمريكى سيتجه لرفع الفائدة على الدولار بمجرد استيفاء الشروط الثلاثة التى حددها، التضخم والنمو وخلق فرص العمل، وهو ما سيضيف مزيداً من الضغط على الجنيه، والسبب الثالث أن التعريفات الجديدة على الكهرباء ستدخل حيز التنفيذ فى يوليو المقبل، كما أن تطبيق ضريبة القيمة المضافة سترفع الأسعار بنسبة 1.5% على الأقل.
لذلك يرى "مباشر" أنه لا يمكن استبعاد رفع أسعار الفائدة فى يونيو فى ضوء عوامل داخلية وخارجية ملموسة.
على الجانب الآخر، أكد "مباشر" أن الانتظار حتى الاجتماع المقبل فى يوليو يتيح أفقاً أكثر تماسكاً، حتى تتراجع الأثر الموسمى لأسعار رمضان، والقضاء على حالة عدم اليقين الخاصة بسيناريو خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبى وتداعيات ذلك على الاقتصاد العالمى، متوقعا هدوء المضاربات على الجنيه لحين صدور تقرير الوظائف الأمريكية فى 8 يوليو المقبل.
وفى ضوء ما تقدم، يتوقع "مباشر" أن يكون الاجتماع المقبل سيناريوهين مختلفين برفع الفائدة أو تثبيتها عند معدلاتها الحالية.
بعد قفزة التضخم الأخيرة.. ترقب لقرار البنك المركزى بشأن الفائدة فى اجتماعه غداً.. رفعها يزيد تكلفة الاقتراض وخدمة الدين ويضغط على القطاع الخاص.. وبنوك استثمار: مرهون بقرار الفيدرالى الأمريكى
الخميس، 16 يونيو 2016 12:10 ص
البنك المركزى المصرى
كتبت ياسمين سمرة
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة