جهزت الدولة كل شئ للبدء فى عملية النقل فى مدة لا تزيد عن 6 أشهر، ووضعت فى اعتبارها أصحاب المدابغ التى وصل عددها إلى 1066 مدبغة تقريباً، لكنها لم تضع فى اعتبارها العاملين بتلك المدابغ، أو الذين تواجدوا فى تلك المنطقة منذ عشرات السنين وأصحبت أعمالهم مرتبطة ارتباطاً وثيقاً بصناعة الجلود كالشيالين وسائقى سيارات "السوزوكى" والعربات "الكارو"، الذين يقومون بنقل الجلود من المدبغة إلى ورش التصنيع مباشرة، وأصبح أكثر من 50 ألف عامل يعملون داخل 1066 ورشة وخارجها، مهددون بالبطالة.
تحدث "اليوم السابع" إلى عدد من العاملين داخل نطاق منطقة المدابغ خلف سور مجرى العيون، وقال أحمد على، شاب يبلغ من العمر 25 عاما، ويعمل سائق عربة "كارو": "والدى أصيب بمرض مزمن فى القلب، الأمر الذى دفعنى إلى النزول مكانه للعمل منذ عامين تقريباً، أقوم بنقل الجلود من المدابغ إلى ورش التصنيع، وتعتبر عربات الـ"كارو" من أهم عناصر نقل الجلود والمعدات داخل المدابغ، ولا يمكن لصاحب مدبغة الاستغناء عنها بأى حال".
وأضاف أحمد، أن هناك أكثر من 400 عربة كارو تعمل داخل شوارع المدابغ الضيقة، ويتناوب على العمل عليها عدد كبير من الناس، منهم الشيوخ والشباب وحتى الأطفال، مشيراً إلى أن جده كان يعمل نفس المهنة، وتوارثها والده من بعده وها هو يعمل بها الآن.
وشكى أحمد بأن الدولة اهتمت بالحديث مع أصحاب المدابغ وسعت لحل مشكلاتهم وبالفعل تم حل جزء كبير منها، إلا أنها لم تنظر ولو مرة واحدة للقطاع الكبير الذى يعمل فى المدابغ والورش، أو الذين تقوم أعمالهم على صناعة الجلود ونقلها، فلا توجد أى مصادر أخرى للرزق، ولا يعرف هو أو أبوه وسيلة أخرى لجلب الرزق غير هذه المهنة.
بدوره أوضح محمد الضبع، عامل بإحدى المدابغ ويسكن بمنطقة مصر القديمة بالقرب من سور مجرى العيون، أنه يعمل منذ أن كان طفلاً داخل هذه المدبغة، ومر على عمله بها 20 عاماً ووالده يعمل سائق على سيارة "سوزوكى"، ينقل البضائع داخل المدابغ وخارجها، كما أنه ينقل الجلود بعد تصنيعها فى الورش إلى محلات مصانع تصنيع الحقائب والأحذية خارج المدابغ، ويملك زبائن فى منطقة المدابغ بداية من السور وحتى منطقة عين الصيرة من الناحية المقابلة للمدابغ.
وأضاف محمد: "اللى زينا مالوش شغل خارج المدابغ، حياتنا كلها هنا"، مشيراً إلى أن منطقة الروبيكى يحيط بها العرب من جميع الجهات، ونقل المدابغ إلى هناك سيكون مصدر رزق جيد لهم، ولن يسمحوا لأحد منا أن يدخل بسيارته أو يعمل داخل مدبغة أو ورشة، وإلا سيتعرض لبطشهم، وتابع:" وهذا ليس لنا طاقة به إطلاقاً، فنحن بعيدين كل البعد عن المشاكل وإثارتها".
لم يكن لأصحاب مصانع الغراء والجيلاتين مكاناً داخل منطقة الروبيكى الجديدة، على الرغم من كونهم المُصنعين للغراء والجيلاتين المحلى، حيث أكد حسين عبد الله، صاحب أحد مصانع الجيلاتين، أن الدولة لا تهتم بمصانع الجلاتين والغراء وتعتبرها ضمن صناعة مهملات، وتعتمد على المهملات التى تخرج من الجلود ولم يتم وضعها ضمن غرفة دباغة الجلود ، وبالتالى لا يتم تصدير منتجاتهم مباشرة ولابد من وسيط.
من جانبه قال سامى حمدان، صاحب مجموعة من المدابغ والمتحدث باسم حقوق أصحاب المدابغ، إنه تقدم بعدة مطالب لغرفة صناعة الجلود ووزارة الصناعة، بعد موافقة جميع العاملين بالمدابغ عليها بما فى ذلك العمال والشيالين والسائقين، كان أولها أن تقنن الدولة أوضاع صغار العاملين بمنطقة المدابغ، خاصة أن ظروفهم المادية لا تسمح لهم بأن ينتقلوا يوميا ًإلى مدينة العاشر من رمضان ليعملوا بضع ساعات هناك ثم يعودون مرة أخرى، فإما أن توفر سكن لما يقرب من 50 ألف عامل أو يتم السماح لبعضهم بالعمل داخل محيط المنطقة.
وعن المطلب الثانى لأصحاب المدابغ، أوضح سامى أنه تمثل فى مراعاة ظروف الصحية والمادية لبعض أصحاب المدابغ أنفسهم، فبعضهم غير قادر صحياً على قطع هذه المسافة يومياً والعودة مرة أخرى، مشيرا إلى أن المطلب الثالث هو توفير حياة متكاملة بمنطقة الروبيكى وادخال جميع المرافق إليها حتى تكون صالحة للعمل طالما كان الهدف هو تطوير وتحسين صناعة الجلود فى مصر وإعادة توطين المدابغ بالروبيكى.
وأضاف أن المطلب الرابع كان تحديد طرق وآليات لعملية النقل، وزيادة ترغيب أصحاب المدابغ والعاملين فى الانتقال إلى الروبيكى، لافتا إلى أنه ليس من المعقول أن تطلب الدولة الانتقال إلى هذه الأرض وتعطينا قطعة أرض وعلينا أن نتكلف جميع تكاليف انشاء المدابغ والورش والمعدات وكل شئ، مشيراً إلى أنه بهذه الطريقة سيتم احتكار صناعة الجلود من مجموعة صغيرة من المستثمرين.
وأوضح أن المطلب الخامس والأخير، هو انعقاد جمعية عمومية دائمة لغرفة دباغة الجلود، شريطة أن يحضرها ممثل من وزارة الصناعة وأخر عن رئاسة الوزراء ورئاسة الجمهورية ورئيس هيئة التنمية الصناعية لبحث هذه الأزمة ودراسة المشكلات الحقيقية للقطاع بالكامل، وذلك لإنقاذ جميع الصناعات والمهن المتعلقة بصناعة الجلود وأهمها مخازن الجلود ومحلات بيع وتجارة الكيماويات وورش الدباغة والصناعة والمطاعم والمقاهى.
من جانبها قالت الدكتور جيهان عبد الرحمن، نائبة محافظ القاهرة للمنطقة الجنوبية، إن منطقة الروبيكى أنفق عليها ما يقرب من مليار جنيه حتى الآن، والهدف من انشائها هو تحسين صناعة الجلود وإعطائها قيمة مضافة وتحسين دخل المواطنين وإعادة توطينها.
وأضافت نائبة محافظ القاهرة، فى تصريحات لـ"اليوم السابع"، أنه تم تخصيص ما يقرب من 1000 وحدة سكنية للعاملين داخل نطاق المدابغ، لاستيعاب أكبر قدر من العاملين هناك، وسيتم عقد جلسات مُكثفة مع أصحاب المدابغ والعمال هناك لتحديد مشكلاتهم وحلها.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة