سعدت كما لم أسعد من قبل لحملة أسندت لبعض مشاهير مجتمعنا من رجالات الدين والمثقفين والعلماء والفنانين والرياضيين، ألا وهى حملة أخلاقنا، لما يعنى القيام بها من وعى وإدراك بأن أمور الأمم ومقدراتها لا تستقم إلا باتباع الاخلاق القويمة والحرص على التمسك بها من قبل الأفراد والمجتمعات.
فصلاح أمورنا للأخلاق مرجعه، وتقويم الأنفس بها هو ضمان لاستقامتها، أما إذا أصيب القوم فى أخلاقهم فذهب عنهم المحمود منها فأقم عليهم مأتما وعويلا، والأمم تذهب وتندحر إذا ما انعدمت فيها الأخلاق حتى يأتى يوم يصبح فيه الخلوق الصادق الأمين غريبا منبوذا بل ومحل سخرية
وليس فى هذا المجال أبلغ من قول أمير الشعراء أحمد شوقى: إنما الأمم الأخلاق ما بقيت فإن هم ذهبت أخلاقهم ذهبوا.
لذا فإننى أرى أن هذه الحملة هى الملاذ والملجأ لإنقاذ بلدنا مما يريده لها أعداءنا من تخلف وضياع نال من دول تحيط بنا.
وإذا كان الخلق فى اللغة هو الطبع المكتسب وما يأخذ به الإنسان نفسه من الأدب وهو المروءة بالتطبع فإنه علينا أن نؤدب أنفسنا ونهذبها فتليق بما نبتغيه من تحضر بين الأمم.
وإذا كانت الأسرة هى أول ما يفتح الإنسان عينيه عليه فى طفولته، فإنه يجب عليها التأكيد المتواصل على القيم الصالحة والأخلاق الحميدة وأن نعلم جميعا أن ذلك لا يتأتى بالنصائح العابرة بل بالتهذيب والتدريب المستمر والقدوة الحسنة.
ويتجلى الحث على اتباع حسن الخلق والحرص عليه فى الأديان السماوية من خلال الوصايا العشر فى المسيحية وفى بث نبى الله عيسى -عليه السلام -معنى المحبة فى نفوس أتباعه، كما لم يترك ديننا الإسلامى أمرا إلا أوصانا فيه بالحرص على إنجازه وتأديته بالأخلاق الحميدة حتى أن قبول العبادات مرهون بأدائها على نحو من الإتقان وحسن الخلق، فالصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر والزكاة تطهر وتزكى إذا ما ابتعدت عن المن والأذى والصيام مؤداه تقوى الله.
وقبول الحج مشروط بألا يصحبه رفث أو جدال أو فسوق، وأكثر مايدخل الناس الجنة تقوى الله وحسن الخلق وأحبنا إلى رسول الله وأقربنا منه مجلسا يوم القيامة أحاسننا خلقا، وعندما أثنى الله تعالى على نبيه قال: (وإنك لعلى خلق عظيم). و(ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك).
أفلا نلتزم ونحن ندعى حب رسول الله-صلى الله عيه وسلم-التأسى بأخلاقه الكريمة فى جوهر الأمور قبل مظهرها.
من الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر والتبسم فى وجوه الآخرين وإماطة الأذى عن الطريق (فما بالكم بمن يتعمدون وضع أذاهم فيه )، إلى المروءة وبر الوالدين وصلة الرحم والصدق وعدم الإسراف حتى فى المزاح ونظافة البدن وحسن المظهر وطيب الرائحة والتأدب فى تناول الطعام وفى احترام الصغير للكبير وعطف الكبير على الصغير والرفق بالنساء والارتقاء بلغتنا والبعد عن السب واللعن وصولا إلى ترك المرء التدخل فيما لا يعنيه، وقيم أخلاقية متعددة لو تمسك بها عموم الناس ومن يدعون المثالية والتدين خاصة لبلغنا أوج التحضر ولسمونا بمكانة وطننا فوق سائر الأوطان والأمم.
أما ما يفعله البعض اليوم من الانحطاط والتردى فى مستوى الأخلاق خاصة على مواقع التواصل الاجتماعى بدعوى ممارسة الحريات وحق المعارضة ما هو إلا ضلال ينأى بهم عن الرقى ويدنيهم إلى حضيض سوء الخلق بما يخالف ادعاءاتهم ابتغاء بلوغ التحضر وممارسة الديمقراطية وإرساء مبادئ الحرية، وماهم إلا أناس فى ضلال أنفسهم يعمهون، حيث إن بلوغ الأهداف - النبيلة منها-لا يتأتى إلا بحسن الخلق واستخدام الحسن من الألفاظ والمفردات لا بالفظاظة أو البذاءة والكذب والادعاء ومحاولة إثارة الفتن وإنكار الجهود والإنجازات على أصحابها.
وليعلم الجميع أن نبل الهدف (إن وجد) لا يبرر سوء الوسيلة ولا يشفع لضلالها وأن ظهور الفساد فى البر والبحر.
ما كان إلا بما كسبت أيدى الناس وما توارت أمجاد الأمم إلا بتوارى الأخلاق القويمة عنها- وهل أسوء خلقا من سخرية بعض المغرضين من حملة تحث على الالتزام بالأخلاق الكريمة وتدفع الفرد والمجتمع إلى التمسك بها؟!
فامضوا أصحاب حملة أخلاقنا قدما إلى الأمام وقوموا الأنفس بالأخلاق تستقم.
سوزان بدوى تكتب: أصحاب حملة أخلاقنا: امضوا قدما إلى الأمام
الخميس، 18 فبراير 2016 12:11 ص
حملة أخلاقنا
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة