"وعلى الباجى تدور العواصم".. أوروبا تُغرق "السبسى" بالمساعدات وتتجاهل محاكمة الصحفيين عسكريا.. 1.2 مليار يورو فى 5 سنوات وزيادة مِنح 2017 لـ300 مليون.. وصمت تام أمام تراجع ملف الحريات و"التوريث"

الخميس، 08 ديسمبر 2016 01:33 م
"وعلى الباجى تدور  العواصم".. أوروبا تُغرق "السبسى" بالمساعدات وتتجاهل محاكمة الصحفيين عسكريا.. 1.2 مليار يورو فى 5 سنوات وزيادة مِنح 2017 لـ300 مليون.. وصمت تام أمام تراجع ملف الحريات و"التوريث" الرئيس التونسى الباجى قايد السبسى
كتبت آمال رسلان

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

أيام قليلة وتحتفل تونس بالذكرى السادسة لثورتها على رئيسها الأسبق زين العابدين بن على، ليشعل البلد الأفريقى الصغير بثورته شرارة أولى لثورات عديدة شهدها الوطن العربى، وصل بعضها لبر الأمان، وما زال بعضها يصارع أمواج التوتر والإرهاب والاحتراب الأهلى، ولكن كيف كان العبور لمن عبروا، وفى القلب منهم تونس صاحبة الشرارة الأولى؟ كيف تخطت محنة زين العابدين بن على؟ وكيف يسيّر الباجى قايد السبسى أمورها وملفاتها الاقتصادية؟

الإجابة عن هذه الأسئلة لن تجدها إلا شمال البحر المتوسط، وليس على سواحل تونس فى جنوبه، فمنذ ثورات الربيع العربى تعامل الاتحاد الأوروبى مع تونس على أنها فتاه المدلل، إذ يسعى دائمًا لتصدير صورة إيجابية عن نظامها السياسى وأنها تسير على الدرب الصحيح، رغم أن فترة انتقال الحكم فيها بعد "ثورة الياسمين" فى 2011 لم تكن فى أحسن حال، بل إنها مرت بفترات تعثر كبرى، وما تزال، ومع كل سقوط لها فى حفرة تجد يد أوروبا تمتد لها لإخراجها، ما يعكس ازدواجية فى معايير الاتحاد الأوروبى وآليات تعامله مع دول الربيع العربى.

ثلاث صور على مدار سبعة أيام، رسخت فكرة الدعم اللا محدود من الاتحاد الأوروبى لتونس، والتسويق لها على أنها تجربة فريدة فى الديمقراطية الناشئة، فقبل ساعات أعلنت ثلاث دول أوروبية، هى بلجيكا، وهولندا ولكسمبورج، اتخاذ قرار بإلغاء حظر سفر مواطنيها إلى تونس، والذى فرضته قبل أكثر من عام ونصف العام، على خلفية حادث إرهابى أودى بحياة عدد من السياح الأوروبيين، وقبل إعلان عودة السياحة بساعات استضافت العاصمة البلجيكية "بروكسل" قمة هى الأولى من نوعها، بين الرئيس التونسى الباجى قايد السبسى، والاتحاد الأوروبى، بالتزامن مع الذكرى الأربعين لأول اتفاق تعاون بين الطرفين عام 1976، ليعلنوا فى بيان رسمى خلالها، عدم تخليهم عن دعم تونس، والاستمرار فى مساندة التجربة الديمقراطية التى وصفوها بـ"الفريدة" فى تونس، مع العمل على تعزيز الحوار المجتمعى بينهم وبين الدولة الواقعة فى جنوب المتوسط.

 

أوروبا تقدم 1.2 مليار يورو فى 5 سنوات.. وزيادة منح 2017 لـ300 مليون

فيضان الدعم الأوروبى الذى تفجر من البيان الأوروبى خلال الزيارة، يؤكد أن تونس هى فتى الاتحاد الأوروبى المدلل فى المنطقة، إذ أكد الاتحاد منذ ثورة 2011 حرصه على دعم الديمقراطية التونسية الناشئة، وجعلها من أولويات سياسته الخارجية، مجدّدًا العزم على تعزيز الجهود التونسية الرامية لتثبيت المكاسب الديمقراطية، ومواصلة تنفيذ أحكام دستور 2014 بشكل فعال، إضافة إلى مواجهة التحديات الأمنية والاقتصادية والاجتماعية، وإلى جانب الدعم المعنوى قدم الاتحاد الأوروبى دعمًا اقتصاديًّا كبيرًا، بالكشف عن عزمه زيادة المساعدة المالية المقدمة لتونس فى شكل منح، لتصل إلى 300 مليون يورو فى 2017، والحفاظ على هذا المستوى من الدعم خلال السنوات المقبلة.

ولم يقتصر الأمر على المنح والمساعدات، بل امتد ليشمل كل المجالات، إذ وعد الاتحاد بالعمل من أجل تقليص نسبة البطالة، ودعم مجهود تحسين مناخ الأعمال والاستثمار، وتيسير اندماج تونس فى سوق الكهرباء الأورومتوسطية، وإطلاق المفاوضات حول اتفاقيات تسهيل الحصول على التأشيرات وإعادة القبول، والحوار من أجل وضع مخطط تعاون فى المجال الأمنى، ودعم إصلاح قطاع الأمن فى تونس.

الصورة الثالثة كانت منذ أسبوع واحد، من خلال تكثيف أوروبا لاهتمامها وحضورها لمؤتمر الاستثمار "تونس 2020"، الذى شهد سيلا من المعونات الأوروبية، ليبلغ إجمالى المساعدات المالية والهبات التى قدمها الاتحاد الأوروبى لتونس بين 2011 و2016 ما يساوى 1.2 مليار يورو، إذ قدّم دعما بين عامى 2014 و2015 فى إطار برنامج الحوار الأوروبى مبلغ 169 مليون يورو، إضافة إلى 168.8 مليون يورو فى شكل "هبة".

 

"المنتدى التونسى للحقوق" يندد بالأحكام ضد الصحفيين والشباب

الصورة التى يسعى الاتحاد الأوروبى لتصديرها عن تونس عالميًّا، ليست كل الحقيقة، بل نصفها، فبالتركيز فى أوضاع أولى الدول التى "لفحتها" رياح الربيع العربى خلال الأسبوع الذى شهد تدفق الدعم الأوروبى، نجد أن الأوضاع ليست فى أفضل حالتها، إذ يؤكد المراقبون أن التجربة التونسية تشهد بعض الانتكاسات التى لا يراها الأوروبيون، أو لا يرغبون فى رؤيتها، خاصة فيما يخص حرية الصحافة، فخلال الأسبوع نفسه أحالت السلطات التونسية اثنين من الصحفيين إلى المحاكمة العسكرية العاجلة، ومثل الصحفيان راشد الخيارى مدير موقع "الصدى"، والصحفى جمال العرفاوى، أمام النيابة العسكرية بتهم التشهير بسمعة الجيش و"تقويض الروح المعنوية" لأفراده، وذلك بعد الكشف عن وجود قاعدة عسكرية أمريكية فى تونس، وهى تهم تزيد عقوبتها على السجن 3 سنوات.

وفى الوقت ذاته، أثارت الأحكام القضائية التى صدرت مؤخّرًا بحق بعض المتظاهرين، حالة من الغضب فى تونس، إذ طالبت عضو الهيئة المديرة للمنتدى التونسى للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، إيمان البجاوى، بضرورة إلغاء معظم النصوص القانونية المتعلقة بالإحالة فى قضايا المحبوسين على خلفية التحركات الاحتجاجية الاجتماعية، كونها تتعارض مع الدستور، مؤكّدة أن نصوص الإحالة تمس أسس الديمقراطية وتضرب الحق النقابى وحق التظاهر.

 وندّدت إيمان البجاوى، بصدور عدة أحكام اعتبرتها "قاسية" فى حق عدد من الشباب فى عدة أنحاء من البلاد، تتراوح بين 4 و14 سنة سجنًا، لتضرب بالتالى مشروعية الحراك الاجتماعى، كل ذلك فى ظل التعثرات على المستوى الأمنى، إذ كشفت الأجهزة الأمنية عن تحدٍّ وصفته بالخطير، مع تسلل  خلايا إرهابية من عدد من المدن فى ولايات تونس الكبرى، وسوسة، والمهدية، وصفاقس، نحو جبال كل من ولايتى القصرين والكاف، وذلك بهدف الالتحاق بإرهابيى كتيبة "عقبة بن نافع" المنضوية تحت لواء تنظيم "القاعدة" وتنظيم "جند الخلافة" التابع لتنظيم داعش.

 

حزب "السبسى" يهدد تماسك تونس.. ويوفر فرصة لـ"الإخوان" لانتزاع السلطة

وأوضح تقرير أمنى رسمى، أن حوالى 65% من الشباب المستقطبين من التنظيمات الإرهابية فى تونس، بين 17 و19 سنة، إذ تسعى التنظيمات الإرهابية إلى ضم عناصر شابة فى صفوفها لتنفيذ العمليات الإرهابية، وبين الإرهاب وتراجع حريات الرأى والتعبير، تعيش تونس أزمة اقتصادية تعد الأسوأ فى تاريخها على الإطلاق، إذ تسعى حكومة يوسف الشاهد إلى إقرار ميزانية للعام 2017، بها مواد مجحفة، تؤثر على مستوى معيشة المواطنين، ولا تتضمن زيادات فى الأجور، فى ظل تزايد نسبة الفقر وارتفاع معدلات البطالة، ما يُصعّد من درجة الغضب الشعبى الداخلى وتزايد الإضرابات والاحتجاجات.

واستكمالا لدائرة الأزمات فى تونس، تشهد الأحزاب السياسية ضربات متلاحقة، وانقسامات تُعزّز من عودة صعود الإسلام السياسى وجماعة الإخوان، ممثلين فى "حركة النهضة" التى يتزعمها راشد الغنوشى، إذ يوشك حزب نداء تونس، حزب الرئيس الباجى قايد السبسى، على الانهيار نتيجة انقسامات عديدة سببها توريث "السبسى" قيادة الحزب لنجله.

تأتى هذه المشكلات بينما تحل بعد أيام الذكرى السادسة لاندلاع ثورة الياسمين، التى أطاحت بنظام الرئيس زين العابدين بن على، وتعيش الدولة الأفريقية ممزقة بين صورة يزينها الغرب ويُسوّقها عالميًّا، ربما لأهداف تخدم مصالحه، وبين صورة الواقع التى تعكس كثيرًا من المشكلات والتحديات، والملفات المفتوحة التى ما زالت قائمة منذ العهد البائد، بل وتفاقمت خلال الفترة الأخيرة.










مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة