أثارت كلمة رئيس وزراء بريطانيا، تيريزا ماى، خلال مشاركتها فى قمة مجلس التعاون الخليجى التى استضافتها مملكة البحرين، وشهدت عقد القمة الخليجية البريطانية الأولى، غضب إيرام، بعد أن فاجأتها المسؤولة البريطانية الأولى بموجة هجوم غير مسبوقة على سياساتها، وتعهدت بالتصدى لها فى المنطقة، وذلك بعد يومين من تسلم سفير طهران الجديد لدى بريطانيا "حميد بعيدى نجاد" مهام منصبه، وتسليم أوراق اعتماده لملكة بريطانيا إليزابيث الثانية، فى إطار استئناف العلاقات الدبلوماسية بين البلدين بعد انقطاعها الذى دام 4 اعوام.
وفى هذا الإطار، علقت وزارة الخارجية الإيرانية على كلمة "تيريزا ماى" أمام القمة، التى هاجمت فيها طهران، معتبرة تصريحات رئيس الوزراء البريطانية تيريزا ماى، بأنها تأتى لكسب ود الخليج، وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية، بهرام قاسمى، إن الدول التى أسفرت تدخلاتها غير المسؤولة فى شؤون الدول الأخرى، عن نشر الفوضى والحرب والعنف والإرهاب، ليست فى موقع يمكّنها من اتهام الآخرين بالتدخل فى شؤون المنطقة.
الخارجية الإيرانية: هدف هذه التصريحات إبرام صفقات عسكرية ضخمة مع العرب
وأضاف "قاسمى" فى تعليق وزارة الخارجية الإيرانية على تصريحات رئيس وزراء بريطانيا، أن بلاده تعتبر أن جذور بعض هذه التصريحات تعود إلى العلاقات بينها وبين الاتحاد الأوروبى، موضّحا أن هذه العلاقات أثارت بعض المشكلات والنقائص والتعقيدات فى المصالح والمكانة الدولية لبريطانيا، ما دفع رئيس وزراء بريطانيا "تيريزا ماى" إلى إطلاق تصريحات غير مدروسة ضد إيران، حكومة وشعبا، وذلك بما يتناسب ومناخ اجتماع مجلس التعاون لدول الخليج، واسترضاء عدد من قادة الدول الأعضاء فى هذا المجلس.
وتابع متحدث الخارجية الإيرانية: "يبدو أن الهدف من مثل هذه التصريحات هو السعى لإبرام اتفاقيات عسكرية جديدة وضخمة بين بريطانيا وبعض الدول العربية فى منطقة الخليج، ومن ثمّ تعقيد الأزمات الناجمة عن جرائمها الحربية ضد الشعوب المظلومة فى اليمن وسوريا والبحرين والعراق وغيرها من الدول الإسلامية فى المنطقة".
إعلام طهران: رقص تيريزا ماى العربى.. و"بريطانيا" تدخل عداء مع إيران
من جانبه، عبر إعلام طهران عن غضب صناع القرار الإيرانيين من هجوم رئيسة وزراء بريطانيا على بلادهم، وقالت صحيفة "جوان" المتشددة تحت عنوان "رقص تيريزا ماى العربى"، إن شمس بريطانيا أفلت شرق البحر المتوسط منذ 45 عامًا، ورجح البريطانيون أن يكونوا عامل توازن للمصالح الأمريكية فى الاتحاد الأوروبى، والآن بعد خروجهم من الاتحاد تفكر لندن فى العودة للخليج مجددا.
وقالت صحيفة "شرق" الإصلاحية، إن حكومة بريطانيا، التى خرجت من الاتحاد الأوروبى، اتخذت سبيل التصدى لإيران، بينما تم تبادل السفراء مؤخّرًا بين طهران ولندن، وتزايدت الآمال بتطبيع العلاقات بين البلدين، بعد أن سافر سفير طهران لدى بريطانيا، حميد بعيدى نجاد، إلى لندن منذ يومين، لتسلم مهام منصبه، وقدم أوارق اعتماده لدى ملكة بريطانيا، متابعة: "يبدو أن بريطانيا لا تعتزم تحسين علاقتها بإيران، بل دخلت فى عداء معها، وتحدثت بلسان الرئيس الأمريكى دونالد ترامب".
وقالت الصحيفة فى تقريرها بشأن العلاقات الإيرانية الخليجية، بعد توقيع الاتفاق النووى أثيرت مخاوف لدى دول الخليج فى عهد الرئيس الأمريكى المنتهية ولايته باراك أوباما بفقدان الدعم الغربى، وبعد فوز "ترامب" زالت مخاوفها واتجهت إلى صديقتها القديمة "بريطانيا"، ولأول مرة دعت تيريزا ماى رئيس وزراء بريطانيا لحضور القمة الخليجية، وهاجمت طهران.
وقالت الصحيفة إن حكومة بريطانيا المحافظة من ناحية تنفصل عن الاتحاد الأوروبى، وتسير فى ركب حكومة "ترامب" فى التصدى لإيران، ومن ناحية أخرى تسعى لشغل مكان الولايات المتحدة الأمريكية لدى دول الخليج، ورأت أن بريطانيا تسعى لإيجاد شركاء اقتصاديين جدد لأن خروجها من الاتحاد الأوروبى سيخفض من تبادلها التجارى والاقتصادى مع أعضاء الاتحاد، لذا لم تجد أمامها سوى جذب دول أعضاء مجلس التعاون الخليجى تجاهها.
تسلسل زمنى للعلاقات الإيرانية البريطانية
قطعت العلاقات بين إيران وبريطانيا فى 2011، إثر هجوم المئات من عناصر قوات التعبئة "الباسيج" على السفارة البريطانية بـ"طهران" بعد الإعلان عن عقوبات بريطانية جديدة بحقها بسبب البرنامج النووى، فحطموا محتويات السفارة وحرق العلم البريطانى.
وتعتبر بريطانيا إحدى دول مجموعة "5+1"، التى وقعت على الاتفاق النووى مع طهران، وبعد 4 سنوات من إغلاق السفارات فى لندن وطهران، بدأت العلاقات بين البلدين فى اتخاذ منحنى آخر بعد انتخاب حسن روحانى، المحسوب على المعتدلين والعودة لطبيعتها ببطء منذ انتخابه رئيسا لإيران فى 2013.
وفى سبتمبر 2013، عُقد اجتماع بين وزيرى خارجية البلدين، محمد جواد ظريف ووليام هيج، على هامش اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة فى نيويورك، إذ تم بعد ذلك بشهر تعيين قائم بالأعمال البريطانية غير مقيم فى طهران.
وفى يونيو 2014، أعلن وزير الخارجية البريطانى "وليام هيج" عن خطط لإعادة فتح سفارة بريطانيا فى إيران، بعدما عينت الدولتان قائمين على الأعمال ومسؤولين يقومون بسلسلة من الزيارات للدولتين، كما أبلغ رئيس الوزراء البريطانى وقتها "ديفيد كاميرون"، الرئيس الإيرانى حسن روحانى، بأن الاتفاق النووى يمثل بداية جديدة فى العلاقات، وأنه ملتزم بإعادة فتح السفارة البريطانية فى طهران.
وشهد شهر نوفمبر 2014 استئناف العلاقات الدبلوماسية بين طهران ولندن، وهو الشهر نفسه الذى شهد قطعها، وقررت بريطانيا تعيين قائم بالأعمال غير مقيم فى إيران، وقالت الخارجية البريطانية فى بيان: "تم تعيين أجاى أشارما قائمًا بريطانيًا بالأعمال غير مقيم فى إيران، وعينت الخارجية الإيرانية محمد حسن حبيب زادة قائمًا إيرانيًّا بالأعمال غير مقيم فى بريطانيا".
وفى أغسطس 2015، زار وزير الخارجية البريطانى "فيليب هاموند" طهران، لإجراء مباحثات مع المسؤولين الإيرانيين، تم خلالها إعادة افتتاح السفارة البريطانية، وكانت هذه أول زيارة يقوم بها وزير الخارجية البريطانى لإيران بعد 12 عامًا، كما ترافقت هذه الزيارة مع افتتاح سفارة إيران فى لندن، وفى 1 ديسمبر الجارى قدم السفير الإيرانى الجديد لدى بريطانيا أوراق اعتماده لملكة بريطانيا.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة