لا أعرف تحديدا ما الذى راهن عليه، صناع فيلم "البر التانى" بدءا من كاتبة السيناريو زينب عزيز، والمخرج على إدريس، وصولا إلى البطل والمنتج محمد على الذى حاصرنا بأفيشاته فى الطرقات، وعلى الأتوبيسات وحتى التكاتك، إذا هل كان الرهان على قضية الفيلم، وهى الهجرة غير الشرعية؟ أم على الميزانية الضخمة التى رصدها المنتج -البطل ليقدم أولى بطولاته فى السينما، بعد عدة أدوار فى فيلم "المعدية" أو مسلسل "شارع عبدالعزيز" وهى الأدوار التى لم تترك علامة، أو تلفت إليه الأنظار كممثل قادم بقوة الصاروخ، أو موهبة حقيقية تنتظر الدور المناسب ؟
الفيلم الذى طرح فى ٥٥ شاشة عرض لم يصمد ولم يحقق إيرادات تتجاوز الـ ٢٠٠ ألف جنيه، فى حين أن ميزانيته تجاوزت الـ ٢٥ مليون جنيه مصرى؟ إذا على أى شىء كان الرهان ؟ وهو السؤال الذى يجب أن يطرحه صناع العمل على أنفسهم، لأنه لو كان الرهان على القضية التى يطرحها الفيلم التى سبق وشاهدناها فى العديد من الأفلام المغربية والجزائرية وهى الأفلام التى قدمت بحس إنسانى شديد الرقى والتأثير، وحصدت العديد من الجوائز، إلا أن معالجة تلك القضية فى البر التانى سطحية وبليدة سينمائيا وتحاكى السهرات التليفزيونية رغم الميزانية الضخمة التى تخطت الـ 25 مليون جنيه.
وفى ظنى أن هناك العديد من الأفلام التسجيلية قدمت القضية بشكل أفضل من فيلم البر التانى، والذى أتيح لصناعه أيضا الاستعانة بالعديد من المصورين والمونترين الأجانب وواضعى المؤثرات البصرية، إلا أن السيناريو الذى كتبته زينب عزيز يبدأ بمشاهد تمهيدية، لنرى مشاكل هؤلاء الشباب وطموحهم وأحلامهم التى لا تتحقق أبدا ورغبتهم فقط فى أن يحييون حياة كريمة، السيناريو لا يحمل النظام أو الدولة مسئولية ضياع هؤلاء الشباب من قريب أو بعيد، وكانت هذه اللقطات هى الأسوأ، وكأننا بصدد سهرة تليفزيونية ركيكة المستوى _( استعراض الأسر وعلاقة الأب والأم والحديث على ليلة زواجهما )_ بدت لى كمشاهد للحشو والاستهلاك الزمنى فى حين أن الحدث الرئيسى وهو ركوب المركب لم نر فيه أحداثا تذكر، ولم نتعرف على نماذج أخرى أو قصص أخرى لهؤلاء الشباب الذين يملأوون المركب مكتفيا بخط البطل المنتج ومعه الممثل عمرو القاضى _ الحسنة الوحيدة فى الفيلم _ والممثل محمد مهران، واكتفى السيناريو برسم صورة شيطانية مضحكة لقائد المركب المهرب ، والمفارقة المدهشة أن حادث غرق المركب لم يستغرق دقائق على الشاشة رغم أنها من المفترض أن يكون" الماستر سين " فى العمل الذى تتولد منه لحظات مؤثرة دراميا.
البر التانى
ولكن أبدا لم يحدث ورغم أهمية القضية التى يناقشها الفيلم خصوصا أن حادث ضحايا مركب رشيد لا يزال حاضرا فى الأذهان إلا أن المنتج والبطل الذى أراد أن يطلق نفسه نجما فى عالم السينما، وأنا لست ضد ذلك لم يصل أبدا لرهانه أو رهان المخرج على إدريس عليه، الذى أكد أنه موهبة تمثيلية.
البر التانى
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة