بالورود والزغاريد، شيعت الكنيسة البطرسية، اليوم الثلاثاء، آخر شهداء التفجير الذى وقع الأسبوع الماضى، إذ استشهدت الطفلة ماجى مؤمن متأثرة بجراحها بعدما نقلت لمستشفى الجلاء العسكرى، وودعتها الكنيسة فى جنازة مهيبة اختلط فيها صوت النحيب بزغاريد نيل الشهادة، واكتست حوائط الكنيسة بصور الطفلة أثناء أدائها الترانيم أو مشاركتها بالمسرحيات الكنسية التى كانت تحرص على تمثيلها.
تسبب تأخر تصريح الدفن فى تأخر تشييع الجثمان، هكذا أعلنت الإذاعة الداخلية للكنيسة البطرسية، التى حولت قاعة أفراحها التذكارية إلى كنيسة صغيرة تودع فيها جثامين شهداء الانفجار الذى أدمى قلب مصر.
القاعة الصغيرة لم تتسع لتضم كل أحباء ماجى التلميذة بالصف الرابع الابتدائى بمدرسة كلية رمسيس ولاعبة الكرة الطائرة بفريق الناشئات بنادى وادى دجلة.
حملت ماجى رقم ٢٧ ضمن قائمة شهداء تفجير البطرسية بعدما كانت تحمل أرقامًا مشابهة على ظهرها كلاعبة لفريق شهير، وفى انتظار ماجى علقت الكنيسة البطرسية صورها حين لعبت دور الملاك فى المسرحيات الكنسية، وكانت الكنيسة تتوجها بتاج الملائكة وتضع لها جناحين قبل أن يأخذها الموت ويرفرف بعيدًا.
على جانبى الكنيسة اصطف تلاميذ مدرسة كلية رمسيس بحقائبهم المدرسية وأزيائهم الرياضية يودعون زميلتهم ماجى فى مشهد مهيب أكبر من ذاكرة التلاميذ الصغار.
وفى منتصف الطريق إلى جثامنها الذى وضع فى قلب الكنيسة، اصطفت الكشافة الكنسية على الجانبين تتدرب على عزف لحن النهاية، تقرع الطبول وتضرب الدفوف فى وداع الشهداء من الأرض للسماء.
وجهزت الكنيسة موضعًا لجسد ماجى الطاهر محفوفًا بالورود ويعلوه الصليب، بينما تصلب أمها وهى تودع فى التراب كامل أمومتها.
محمد عبده المدير الفنى لفريق ناشئات وادى دجلة الذى لعبت له ماجى يقول: كانت لاعبة مميزة جدًا وكان المستقبل فى انتظارها قبل أن يخطفها الموت حتى إنها كانت تحب الكنيسة جدًا وتحرص على الصلاة.
يؤكد المدرب الشاب لـ"ليوم السابع"، أن ماجى لعبت لفريقها يوم الجمعة الذى سبق الانفجار مباراة نهاية الدور الأول قبل أن تذهب لصلاتها النهائية فى الكنيسة صباح الأحد.
فيما رفع مرتلو الكنيسة تسابيح وترانيم شهر كيهك أو الشهر المريمى الذى تحتفل به الكنيسة هذه الأيام قبيل ميلاد السيد المسيح ، وحضر خورس الكلية الإكليريكية على الجانبين أمامهم المعلم إبراهيم عياد كبير شمامسة الكاتدرائية.
وارتدى المشيعون ملابس بيضاء لتشييع عروس السماء الشهيدة بناءً على طلب أسرتها التى طالبت الجميع بارتداء الأبيض رمز الفرح والإيمان.
من جانبه، قال الأنبا رافائيل سكرتير المجمع المقدس للكنيسة القبطية، أن البابا تواضروس كان راغبًا فى الصلاة على الطفلة ماجى مؤمن وتوديعها وتعزية أسرتها ولكنه انشغل باستقبال السفراء.
وأضاف الأنبا رافائيل خلال عظة الجنازة: الشهداء الذين سبقوها استعجلوها لماذا تأخرتى علينا، وأمها قالت إننا ننجب لكى نرسل أبناءنا للسماء، مستكملًا: نرفع الصلوات إلى السماء من أجل قبول هذه الذبيحة المقدسة، ماجى فى صفوف جميلة فى السماء.
واستكمل: ماجى نشأت فى أسرة جميلة ظهر ذلك من فرحهم بهذه التجربة، إذ كانت الطفلة فى يد أمها فى قداس الأحد حتى تمتعت بقرب المسيح فى السماء، لتنضم لشهداء السماء الأطفال مثل الشهيد أبانوب لأنهم تربوا فى بيوت جميلة.
وتابع سكرتير المجمع المقدس: الطفل نموذج للنقاوة، وكأنه آدم قبل السقوط، وقبل أن يأكل من الشجرة ويورثنا هذه الخطيئة، ثم يصير كل طفل بعد معموديته نقيًا كآدم فور ميلاده.
واستطرد: من استشهدوا فى البطرسية قتلوا لأجل المسيح، فيقول الإنجيل: رأينا تحت المذبح نفوسا قتلوا لأجل كلمة الله، مستكملًا: نصلى من أجل أن يشفى الله عقل الإرهابيين.
ونقل الأنبا رافائيل تعزيات الأنبا موسى أسقف الشباب الذى عاد للتو من العلاج بالخارج ومازال تحت الفحص الطبى.
واختتم: نصلى من أجل سلام البلد وسلام الكنيسة وأن يهتدى الناس لمعرفة الله الحقيقى وليس المعرفة المشوهة
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة