بعد أكثر من 40 يوما من المشاورات والمداولات قضى حزب الله وحلفائه فى لبنان ليلة سعيدة أمس بعد أن خرجت الحكومة اللبنانية المتعثرة أخيرا إلى النور وفقا للسيناريو الذى وضعه، فيما مثلت تلك الحكومة خسارة كبيرة لرئيس الوزراء سعد الحريرى والتى لا يملك فيها أغلبية وزارية.
وأطلقت الأوساط اللبنانية على الحكومة الأولى فى عهد ميشال عون"حكومة حلب"، حيث اعتبروا أن نتائج الحرب فى حلب ومكاسب الرئيس السورى بشار الأسد فى حربه ضد الإرهاب، انعكست على المعادلة اللبنانية وقلبت الموازين فى اللحظات الأخيرة ورجحت كفة حزب الله ومن يتبعه.
واستطاع الأمين العام للحزب، حسن نصر الله أن يفرض شروطه على الحكومة الجديدة وإحباط الصورة التى كان يرسمها سعد الحريرى ومن خلفه حلفائه الإقليميين حيث يعد إعلان الحكومة المواليه لحزب الله ضربه جديدة لدولا خليجية والتى كانت تراهن على إمكانية انتزاع لبنان من محور "إيران ـ سوريا" إلا أنها لم تكن تضع فى الحسبان النتائج المفاجئة للحرب فى حلب.
واضطر الحريرى لتقديم العديد من التنازلات لخروج حكومته للنور دون تعقيدات لعهده حيث يعود للرئاسة مجددا بعد غياب 6 سنوات، وأولى التنازلات التى قدمها هو الرضوخ لرفض تشكيل الوزارة من 24 وزيرا فقط، حيث أصر حسن نصر الله على الحكومة الثلاثينية لتوسيع دائرة حلفائه فى وزارة العهد الجديد. وهو ما تم بالفعل حيث تم تعيين يعقوب الصراف وزيرا للدفاع، وهو محسوب على الرئيس السابق أميل لحود والقريب من الحزب الشيعى، كما عين يوسف فنيانوس، وهو ضابط الاتصال بين تيار المردة وحزب الله وزيرا للأشغال، ورئيس الحزب السورى القومى الاجتماعى على قانصو المعروف بخياراته الحاسمة وتحالفه مع المقاومة ودمشق.
وعلى ما يبدو أن السياسة الخارجية للبنان ستظل على حالها، دون تغيير فى أجندتها والتى كانت على مدار الثلاث سنوات الماضية ضمن محور "روسيا ـ إيران ـ سوريا"، حيث احتفظ وزير الخارجية الحالى جبران باسيل مهندس سياسة "النأى بالنفس" بحقيبته كما هى، وهو المعروف بمواقف صامدة فى اجتماعات عربية ودولية حاولت المساس بحزب الله وسلاحه.
وكان حزب الله يرغب من وراء توسيع التشكيلة الحكومية إلى الحصول على ثلث ضامن معطل مقنع داخل الحكومة للسيطرة على مقاليد العهد فى بعبدا، إلا أنه حصل على أكثر مما كان يأمل، فإن فريق"8 آذار" مع التيار الوطنى الحر، حصد 17 مقعدا، يملك منهم حركة أمل وحزب الله 8 وزراء: 6 شيعة والوزير أرسلان ووزير "المردة" يوسف فينانوس، هذا بخلاف الوزير الصراف فى الدفاع وإلى حد ما وزير العدل الكاثوليكى سليم جريصاتى المحسوب من حصة التيار العونى.
وذلك فى مقابل 13 مقعدا لتحالف "14 آذار"، لا يملك منهم الحريرى سوى 6 وزارات فقط وهى غطاس خورى (مارونى) وزيرا للثقافة، جان اوغاسبيان (أرمنى) لشئون المرأة، خمسة سنة هم: محمد كبارة (للعمل)، معين المرعبى (للنازحين)، جمال الجراح (للاتصالات)، نهاد المشنوق (للداخلية)، بالإضافة إلى الرئيس الحريرى.
هذه الأغلبية لفريق حزب الله وحلفائه والرئيس عون فى مواجهة سعد الحريرى تعنى أن لبنان مقبل على صراعات جديدة حول قانون الانتخابات، حيث أكد الحريرى أمس على أن أولى مهمات هذه الحكومة، الوصول بالتعاون مع المجلس النيابى إلى قانون جديد للانتخابات، يراعى النسبية وسلامة التمثيل، لتنظيم الانتخابات النيابية فى موعدها منتصف العام المقبل مؤكدا أن هذه الحكومة حكومة انتخابات.
واستحدثت الحكومة الجديدة 5 وزارات فرضتها الأوضاع الداخلية، وهى وزارة للنازحين بعد تفاقم أزمة اللاجئين السوريين، ووزارة دولة لشئون محاكمة الفساد عقب الأزمة التى شهدتها بيروت بسبب "المخلفات"، وزارة لشئون رئاسة الجمهورية، وزارة للمرأة، ووزارة لحقوق الإنسان.
وأعلنت لبنان مساء أمس الأول تشكيلة الحكومة اللبنانية الجديدة برئاسة سعد الحريرى بعد تأخر دام لأكثر من 40 يوما، لتكون بذلك حكومة العهد الأولى منذ تولى الرئيس ميشال عون الرئاسة اللبنانية. واحتفظ وزير الخارجية جبران باسيل بمنصبه فى الحكومة الجديد، وكذلك وزير الداخلية نهاد المشنوق، والمالية على حسن خليل، فيما تولى يعقوب الصراف القريب من حزب الله وزيرا للدفاع.
وتتكون الحكومة من 30 وزيرا، وقال سعد الحريرى رئيس الحكومة، إن الجميع قدم تنازلات من أجل إنجاز الحكومة، مؤكدا أن أول مهام الحكومة التواصل مع مجلس النواب للاتفاق على قانون الانتخابات وفقا للنسبية، مشددا على أن الحكومة تضع فى رأس أولوياتها الحفاظ على الأمن.
وتبدأ الحكومة اللبنانية عملها رسميا غدا، بالتقاط الصورة التذكارية وعقد أولى جلساتها بقصر بعبدا بحضور الرئيس ميشال عون، لتنسى الأوساط اللبنانية المشكلات التى أحاطت بتشكيل الحكومة وتتوجه من جديد إلى العقبة الحالية فى التوافق على قانون انتخاب من المتوقع أن تعود الانقسامات حوله كل وفقا تحقيق مصالحة.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة