العباس السكرى يكتب: زعيم اسمه عادل إمام

كأن القدر أراد له أن يكون زعيمًا.. سواء شاء هذا النجم الكبير أم أبى.. فلم يُكتب لأحد الخلود فى الفن، كما كُتب للزعيم عادل إمام.. عاش حياته نجمًا فى السينما والمسرح، حتى عندما طرق باب الدراما كان نجمها الأول.. سبقته أجيال وخرجت معه أجيال وأعقبته أجيال.. لكن لم يستمر منهم أحد، وبقى وحده متفردا على القمة.

عادل إمام

عادل إمام النجم الذى "قَلَب الدنيا" بطولها وعرضها، وشغل بال كثيرون، لم يلتفت لشىء سوى عمله وفنه وسار بمبدأ المتنبى: "أنامُ ملء جفونى عن شواردها ويسهر الخلق جراها ويختصمُ".. حتى صار زعيما وتجاوز رتبة فنان.. ومؤخرًا كرمه الرئيس التونسى الباجى قايد السبسى، ومنحه الصنف الأوّل من الوسام الوطنى للاستحقاق فى قطاع الثقافة، وداعبه بمجرد رؤيته قائلا :"أهلا بالزعيم"، وأثنى على مكانته الفريدة وتأثيره فى الثقافة والفن العربى.. ونقلت جميع وسائل الإعلام فى الوطن العربى خبر تكريم عادل إمام فى تونس، كما لو كان رئيس يكرم رئيس دولة أخرى، وتحولت صفحات الفنانين على "السوشيال ميديا" لباقات من الورود لتهنئة الزعيم بحصوله على الوسام.

الزعيم

لكن من بين تهنئات النجوم للزعيم أقف أمام جملة كتبها أحمد حلمى فى تهنئته إذ قال :"اسم عادل إمام هو إجابة على سؤال لم يستطع أن يجاوبه الكثيرون.. كيف يكون الفنان نجماً لا تقوى القمة على فراقه؟.. الإجابة عادل إمام".. أحمد حلمى صادق فى مشاعره، فالنجم الشاب يحمل الكثير من الحب تجاه أستاذه النجم الكبير.. لكن ليس سؤال حلمى فقط الذى يفسر ظاهرة عادل إمام، بل هناك أسئلة أخرى تحوم حوله، منها زيادة نجومية الزعيم بمرور السنوات عكس كل الأجيال؟.. وكيف صار زعيما للفن العربى كله؟.. وأيضا الإجابة تكمن فى عادل إمام نفسه، هذا الفنان الكبير صاحب اللعبة والقدر والقيمة والمقدار، لم ينتظر أن يفصله النقاد على هواهم، وكانت علاقته مع الجمهور مباشرة دون واسطة.. كثيرا ما تعرض للنقد وكان رده بفنه ونجاحه وهزمهم ومازال يهزمهم بأعمال وتجارب رسخت فى وجدان العالم العربى.

عادل

عادل إمام قدره أن يكون زعيما ومثيرا للجدل، منذ أن جاء إلى الدنيا، فى شهر مايو، وقت أن كانت الأرض تثور فيه على نفسها وتتبدل حقولها بعد قدوم الربيع.. وكذلك كانت البلد.. أيضا تستعد لثورة تيقظها من غفوتها تحققت بـ«ثورة 52».. أتى الزعيم إلى الحياة وكل شىء بها كان ثائرًا، الأرض والبلد، حتى هو ثار فى وجه المجتمعات والأنظمة بفنه، وتمرد على نفسه بشخوصه الفنية حتى صار زعيم الفن العربى كله.