هذه الجملة هى الأشهر فى تاريخ الأفلام المصرية، مشهد ما يدور بين بطل الفيلم وممثل آخر، يبدأ باندفاعية وعصبية غير مبررة من هذا الممثل فى الهجوم على بطل الفيلم، وبعد ذلك واستكمالا لهذا المشهد المتكرر والساذج يكتشف هذا الممثل أنه كان على خطأ وأن بطل الفيلم شخص جيد لا يستحق الهجوم عليه ومن ثم ينتهى المشهد بجملتنا الشهيرة .
مثلى مثل الكثيرين قد تربيت على هذه الأفلام، أشاهدها منذ نعومة أظافرى، استمع إلى هذه الجملة المستفزة تحديدا ولا أفهمها، ومع التقدم فى السن أدركت معناها، فى البداية اتهمتها بالسذاجة والسطحية، جملة تقليدية يكتبها كاتب لا يريد أن يكلف نفسه عناء البحث عن حوار غير تقليدى، ولكنى وبعد الكثير من التفكير أدركت أن هذه الجملة ما هى إلا توصيف دقيق للغاية لطبيعة الشخصية المصرية.
كلنا هذا الممثل الذى اندفع فى مهاجمة زميله من دون أن يعلم عنه أى شىء، الاندفاع الأعمى الذى يقودنا كثيرا إلى الوقوع فى الخطأ، اندفاع تطور بفعل عوامل الزمن إلى تعصب وتطرف.
كلمة تعصب ارتبطت كثيرا فى أذهاننا بالدين، ولكن الحقيقة تقول أن التعصب له أنواع وأشكال كثيرة جدا، فالتعصب أسلوب تفكير وليس مجرد توصيف لحالة أو موقف.
لكل نتيجة سبب والجهل سبب التعصب، أقصد هنا الجهل بالآخر وليس الجهل بالقراءة والكتابة بالطبع .
نبدأ بالتعصب الأشهر وهو التعصب الدينى، أبحث حولك عن مسلم أو مسيحى متعصب واسأله عن الطرف الآخر، ماذا يعلم عنه ؟ وما هى مصدر معلوماته؟
ستندهش من حجم الخرافات الراسخة فى وجدان الطرفين، وللأسف الشديد هذا النوع من الجهل بالآخر ستجده فى جميع الطبقات المثقفة والمتعلمة قبل تلك التى لا تعرف القراءة والكتابة.
أما عن مصدر معلوماتهم، فهم مجموعة من الجهلة مصدر رزقهم خلق حالة من البلبلة فى أذهاننا يستطيعون من خلالها أن يقودوا عقولنا كيفما شاءوا.
التعصب الرياضى، الرياضة أخلاق قبل أن تكون منافسة، ستجد المتعصب للأهلى أو للزمالك جاهل بمبادئ الرياضة وبتاريخ ناديه الملىء بالمواقف الرياضية النبيلة، ولم لا وهو يجد شخصيات رياضية عامة تتكلم عن جهل فى كل شىء وأى شىء لمجرد أنها، وفى غفلة من الزمن حظت بفرصة الظهور على شاشات التليفزيون، قبل أن تصدق هؤلاء أبحث عن مؤهلهم الدراسى واسأل عن ما إذا كان قد تحصلوا على مكانهم هذا عن حق أم "بالفهلوة" و"الحداقة" .
التعصب الفنى، نعم يوجد ما يسمى بالتعصب الفنى، تجد جمهور المطرب الفلانى يهاجم جمهور مطرب آخر على صفحات التواصل الاجتماعى وكأننا فى حرب، وهنا أجد نفسى فى حيرة، أليس من الجائز أن أكون معجبا بفن المطربين معا أم لا يجوز ؟!؟!؟!
أشكال التعصب كثيرة ولكن أصلها واحد، أصلها جهل بالآخر وادعاء العلم بكل شىء وأى شىء، التعصب أسلوب تفكير كما ذكرت بالسابق، بمعنى أنك ستجد المتعصب دينيا متعصب فى الرياضة ومتعصب لكل شىء يراه صحيحا من وجهة نظره، التعصب نتيجة للجهل ومرادف للغباء وسببا للخلاف ووقود للكراهية وقبل أن تكره عليك أن تفكر وتحقق جيدا فى سبب كرهك، وستجده أنك لا تعرف .
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة