بالتزامن مع إجراءات الإصلاح الاقتصادى التى تتخذها حكومة المهندس شريف إسماعيل، ومحاولاتها المستمرة لخلق مناخ جاذب للاستثمارات وتوفير مزيد من فرص العمل وتنويع مصادر العملات الأجنبية، بدأت الحكومة خطوات هامة للترويج لبرنامجها وجذب المزيد من المشروعات، وذلك من خلال مخاطبة المستثمر الأجنبى عبر وسائل الإعلام الأجنبية، ومن بين هذه الخطوات إقدام وزيرة التعاون الدولى سحر نصر، على نشر مقالا مطولا فى صحيفة وول ستريت جورنال الأمريكية والذى قدمت خلاله شرحا تفصيليا للاجراءات والخطوات الأخيرة التى اتخذتها الحكومة على مسار الإصلاح.
وفى مقالها الذى حمل عنوان "مصر ترسم مسار اقتصادى جديد.. إطلاق طاقات البلاد للنمو من خلال القطاع الخاص بعيدا عن اليد الثقيلة للدولة"، استعرضت الوزيرة سحر نصر ملامح برنامج الإصلاح الاقتصادى وحملت رسالة للمستثمر الأجنبى أكدت من خلالها أن الحكومة المصرية تتفهم أن مستقبل مصر يتوقف على تنمية التطلعات الاقتصادية لدى مواطنيها ورواد الأعمال الموهوبين دون الحاجة لتدخل الدولة بشكل كبير.
واستعرضت الوزيرة فى مقالها بعض القوانين والإجراءات الأخيرة التى اتخذتها وزارة التعاون الدولى وغيرها من وزارات حكومة المهندس شريف إسماعيل والتى من شأنها تسيير مناخ آمن وجاذب للاستثمارات حيث يجرى إعادة هيكلة شاملة للبيئة القانونية والرقابية للاستثمار، ومن المتوقع أن يوافق البرلمان على تقليل فترة استخراج الرخص الصناعية إلى 30 يوما بدلا من 360 يوما، بينما يتم تحضير مشروع قانون جديد خاص بإشهار الإفلاس.
وعكس مقال سحر نصر الجهود البارزة التى تقوم بها الحكومة، وحمل العديد من الرسائل التى يحتاجها المستثمر الأجنبى الذى يرغب فى مناخ استثمارى خالى من البيروقراطية والتدخلات الحكومية الكبيرة. كما قدم العديد من التعهدات التى قطعتها الحكومة على نفسها.
وفى رد فعل إيجابى على إجراءات الاصلاح الاقتصادى التى شرحتها الوزيرة فى مقالها، بـ"وول ستريت جورنال" علقت صحيفة "فينانشيال تايمز" البريطانية الاقتصادية الكبرى، والتى تنتشر بشكل واسع فى العديد من الدول الأوروبية، على الإصلاحات الاقتصادية التى تتخذها الحكومة المصرية، قائلة إن تلك الخطوات ستحقق تقدم ملحوظ فى مصر وتعد بداية لتفكيك الآليات الاقتصادية المتحجرة.
وشبهت الصحيفة البريطانية فى تقريرها الاقتصاد المصرى بدول شرق ووسط أوروبا قبل انهيار جدار برلين فى ثمانينيات القرن الماضى، موضحة أن الاقتصاد لا يزال مقيد بقطاع عام غير كفء وغير مرتبط بمؤشرات السوق العالمية، لافتة إلى أن البنك الدولى كان يضع مصر قبل اجراءات الإصلاح الأخيرة فى المرتبة الـ131 ضمن 189 لا تسير فيها الممارسات التجارية بسهولة وتحتل المركز الـ115 فى مؤشر التنافسية العالمية الذى يصدره المنتدى الاقتصادى العالمى.
وأيدت الحكومات الأجنبية ومراكز الأبحاث الغربية وكبرى المؤسسات المالية الدولية إجراءات الإصلاح الاقتصادى التى تتخذها الحكومة فى مصر. فعلى سبيل المثال وعقب قرار تعويم الجنيه وتقليل دعم الطاقة نشرت دورية "صدى" الصادرة عن مركز كارنيجى الأمريكى، تقريرا يفيد بأن هذه الإجراءات تزيح عقبات كانت تعترض طريقها للحصول على الدفعة الأولى من قرض صندوق النقد بقيمة 12 مليار دولار الذى يدفع الحصول عليه بتجدد ثقة المستثمرين وتحفيز فرص الإقراض من المانحين الآخرين.
ومثلما تحتاج الحكومة إلى مخاطبة المواطن المصرى وإتباع نهج المكاشفة والمصارحة وتوضح مدى أهمية الإجراءات التى تم اتخاذها مؤخرا فى إصلاح الاقتصاد المصرى وتحقيق طفرة على غرار تلك التى حققتها ألمانيا عقب الحرب العالمية الثانية، رغم مرارة وقسوة هذه الإجراءات فإن هناك حاجة لا تقل أهمية عن مخاطبة العالم الخارجى والمستثمر الأجنبى.
وقدم مقال سحر نصر تلك الإشارة المهمة على أن الحكومة المصرية بدأت بالفعل التواصل مع العالم وإيضاح ما يجرى إنجازه بالداخل وليس الاعتماد على ما يتم تداوله من أخبار. الخطوة المقبلة تحتاج إلى تكثيف نشاط مراكز الأبحاث فى مصر لنشر تقاريرها ودراستها على صفحات الصحف الغربية وتواجد أكبر لوزراء المجموعة الاقتصادية على صفحات الصحف الغربية.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة