قال الشيخ عبد الكريم سليم الخصاونة، مفتى عام المملكة الأردنية الهاشمية، إن النصوص الشرعية أكدت على حماية غير المسلمين، وأنه يجب رد أى اعتداء يقع عليهم وتوفير الحرية الشخصية لهم، فقد روى عن رسول صلى الله عليه وسلم أنه قال: «أَلَا مَنْ ظَلَمَ مُعَاهِدًا، أَوِ انْتَقَصَهُ، أَوْ كَلَّفَهُ فَوْقَ طَاقَتِهِ، أَوْ أَخَذَ مِنْهُ شَيْئًا بِغَيْرِ طِيبِ نَفْسٍ، فَأَنَا حَجِيجُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ » وأوصى عمر بن الخطاب رضى الله عنه بأهل الذمة قائلًا: "وَأُوصِيهِ بِذِمَّةِ اللَّهِ وَذِمَّةِ رَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن يُوَفِّى لَهُمْ بِعَهْدِهِمْ، وَأَنْ يُقَاتِلَ مِنْ وَرَائِهِمْ، وَلا يُكَلَّفُوا فَوْقَ طَاقَتِهِم".
وأضاف فى كلمة بعنوان "التعايش" باليوم الثانى لمؤتمر دار الافتاء العالمى، وقد أقر الإسلام بوضوحٍ تام حرية الاعتقاد لقوله تعالى: {لَآ إِكۡرَاهَ فِى ٱلدِّينِۖ}، لا إجبار ولا إكراه لأحد على الدخول فى دين الإسلام، والدعوة واجبة من غير إكراه، وأمر بها ربنا تبارك وتعالى، لقول الله تعالى: {ٱدۡعُ إِلَىٰ سَبِيلِ رَبِّكَ بِٱلۡحِكۡمَةِ وَٱلۡمَوۡعِظَةِ ٱلۡحَسَنَةِۖ وَجَٰدِلۡهُم بِٱلَّتِى هِى أَحۡسَنُ}، أى ادع يا محمد -صلى الله عليه وسلم- الناس إلى دين الله وشريعته القدسية بالأسلوب الحكيم واللطيف واللين بما يؤثر فيهم، وينجح لا الزجر والتأنيب والقسوة والشدة، وجادل المخالفين بالطريقة التى هى أحسن من طرق المناظرة والمجادلة بالحجج والبراهين.
وتابع لقد ربَّى الإسلام أتباعه على التسامح وعلى رعاية حقوق الآخرين وعلى الرحمة بالناس جميعًا بغض النظر عن عقائدهم وأجناسهم، فها هو عبد الله بن عمر رضى الله عنهما يقول: حدثنا مجاهد قال: "كُنْتُ عِنْدَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو وَغُلامُهُ يَسْلُخُ شَاةً، فَقَالَ: يَا غُلامُ، إِذَا سَلَخْتَ فَابْدَأْ بِجَارِنَا الْيَهُودِيِّ، حَتَّى قَالَ ذَلِكَ مِرَارًا، فَقَالُوا لَهُ: كَمْ تَقُولُ هَذَا؟ فَقَالَ: أن رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَزَلْ يُوصِينَا بِالْجَارِ حَتَّى خَشِينَا أَنَّهُ سَيُوَرِّثُهُ".
ويجب على المجتمع الإسلامى أن يؤمِّن لهم كل وسائل الحماية، يقول ابن حزم الأندلسي: "إن من كان فى الذمة وجاء أهل الحرب إلى بلادنا يقصدونه وجب علينا أن نَخرُج لقتالهم، حتى نموت دون ذلك صونًا لمن هو فى ذمة الله تعالى وذمة رسول الله صلى الله عليه وسلم". لأن تسليمه بدون إذنه إهمال لعقد الذمة،مضيفا لقد ضَمِن الإسلام الحرية الشخصية لغير المسلمين بناء على القاعدة التى قررها فقهاء المسلمين: "لهم ما لنا وعليهم ما علينا"، وقد ظفر غير المسلمين بقِسطٍ كبيرٍ جدًّا من الرعاية والحماية فى الشريعة الإسلامية ففى الحديث قال صلى الله عليه وسلم: «مَنْ آذَى ذِمِّيًّا فَأَنَا خَصْمُهُ، وَمَنْ كُنْتُ خَصْمَهُ خَصَمْتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ».
وأضاف لقد أجاز الإسلام حرية العقيدة والعبادة لقوله تعالى: {لَآ إِكۡرَاهَ فِى ٱلدِّينِۖ} [البقرة: 256]، فلا يكره أحد على اعتناقه وإن كان يدعوه إلى ذلك فالدعوة إلى الإسلام شيء والإكراه عليه شيء آخر فالأول جائز والثانى ممنوع. قال الله تعالى فى الدعوة إلى الإسلام: {ٱدۡعُ إِلَىٰ سَبِيلِ رَبِّكَ بِٱلۡحِكۡمَةِ وَٱلۡمَوۡعِظَةِ ٱلۡحَسَنَةِۖ وَجَٰدِلۡهُم بِٱلَّتِى هِى أَحۡسَنُۚ}.
وأوضح أن جميع المواطنين فى الإسلام سواسية كأسنان المشط لا فرق بين فرد وفرد ولا بين مسلم وغيره فالكل يظفرون بعدالة القضاء والمساواة أمامه،ولقد ضرب القضاء أمثلة عديدة على المساواة أمام القانون: ففى زمن الخليفة عمر بن الخطاب رضى الله عنه لطم ابن عمرو بن العاص والى مصر قبطيا لأنه سابقه فسبقه، فاشتكاه عند الخليفة عمر، فأرسل الخليفة إلى عمرو ابن العاص وابنه فلما حضرا أحضر الخليفةُ القبطى المشتكِى وقال له: أهذا الذى ضربك؟ قال: نعم، قال: اضربه، فأخذ يضربه حتى اشتفى ثم قال له عمر: زد ابن الأكرمين، ثم التفت إلى عمرو بن العاص وقال له: منذ كم يا عمرو تعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارًا؟!
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة