حملات إعلامية كثيرة بدأت فى موسم الهجوم على الشركة المجموعة بعد أزمة "الخديعة البيئية" فى أمريكا الأسبوع الماضى وقبلها أزمات أخرى دفعت الشركة إلى سحب ما يقرب من نصف مليون سيارة.
أزمة الثقة الحالية لأكبر شركة ألمانية - الثالثة عالميا بعد تويوتا وجنرال موتورز من حيث الإنتاج - قد يمتد إلى باقى الشركات الألمانية الأخرى المنتجة للسيارات، وفقا لتوقعات خبراء الصناعة، مثل "دايملر مرسيدس، وبى إم دبليو"، خاصة أن العملاء بدأت تهتز ثقتهم فى المنتجات التى تحمل شعار "صنع فى ألمانيا"، حيث إن شركة "فولكس فاجن" العالمية قد صرحت فى آخر بيان صادر لها، بأن جهاز خداع اختبارات الانبعاثات قد تم استخدامه فى 11 مليون سيارة قامت بالتحايل فى اختبارات انبعاثات عوادم سياراتها التى تعمل بوقود الديزل.
"defeat device" شرح عملية الخداع فى اختبارات انبعاثات عوادم السيارات
ووفقا لوكالة حماية البيئة الأمريكية فإن بعض السيارات المباعة فى الولايات المتحدة تم تزويدها بأجهزة تمكن المحركات من معرفة أوقات اختبار الانبعاثات، ما يجعلها تحسن من أدائها وقت الاختبار من أجل تحسين الأداء لاجتيازه، رغم تأكيد وكالة حماية البيئة أن السيارات المزودة بذلك الجهاز مدعومة ببرمجيات إلكترونية تساعد المحرك على الإحساس بسيناريو اختبار الانبعاثات من خلال رصد السرعة، ووضعية تشغيل المحرك، وضغط الهواء، وحتى وضعية عجلة القيادة.
وعندما تعمل السيارة فى ظروف معملية مراقبة، والتى تتضمن وضع السياراة على منصة اختبارات الانبعاثات فى وضع الثبات، تضع أجهزة الخداع السيارة فى وضع يشبه وضع "الأمان" فى الكمبيوتر ليبدأ المحرك فى العمل بمستوى أقل من مستوى القوة العادية له ويظهر أداء أضعف من الطبيعى، وهنا تكون النتيجة الطبيعية أن يصدر المحرك انبعاثات نيتروجين أقل، ولكن ما أن تنطلق السيارة على الطريق، ترتفع نسبة الانبعاثات مرة أخرى.
وكشفت وكالة حماية البيئة الأمريكية عن أنه هناك ما يقرب من 482 ألف سيارة زودت بتلك الأداة التى تخدع أجهزة قياس الانبعاثات فى الولايات المتحدة وحدها "A3 أودى" التى تصنعها فولكس فاجن من طرازات "جيتا 2009 و2014"، و"بيتل"، و"فولكس فاجن جولف"، وفولكس فاجن باسات فى عامى 2014 و2015"، فيما ذكرت شركة "فوكس فاجن أن هناك فيما يقرب من 11 مليون سيارة حول العالم مزودة بأجهزة الغش، ويتوقع أن تتكبد فولكس فاجن خسائر تصل إلى 18 مليار دولار وهى غرامة "الخداع البيئى".
تأثير الأزمة على "بى إم دبليو" و"دايملر" و"مرسيدس" الألمانية
وحتى نتعرف على حجم الأزمة وتاثيرها على الشركات الألمانية، فإن هناك عددا من التحقيقات التى تجريها جهات تنظيمية وحكومية منوط بها تحديد ما إذا كانت شركات أخرى سيطالها الشك فيما يتعلق بنتائج اختبارات الانبعاثات.
وقالت شركات فورد، وبى إم دبليو، ورينو- نيسان إنها لا تستخدم جهاز خداع اختبارات الانبعاثات أو "defeat device، فيما لم تصدر شركات أخرى أى استجابة أو رد فعل للأزمة، وأخرى قالت إنها تلتزم بالقوانين، فيما أكدت شركة دايملر – مرسيدس أن شركتها ليس لها علاقة بما فعلته فولكس فاجن وما زال عملاء الشركة يثقون فى النجمة والتى تحمل شعار "صنع فى ألمانيا".
وقالت جمعية صانعى وتجار السيارات فى بريطانيا إن "الاتحاد الأوروبى يستخدم نظاما مختلفا تماما فى اختبار السيارات المقرر بيعها فى الولايات المتحدة مع إجراء الاختبارات الأوروبية للانبعاثات، وفقا لشروط صارمة تفى بمتطلبات القانون الأوروبى وتحت إشراف وكالة حكومية مستقلة مكلفة بالتصديق على النتائج.
لكنها أضافت أن "اختبارات الانبعاثات المطبقة حاليا قديمة، وهناك مساع تستهدف التوصل إلى اتفاقية من قبل المفوضية الأوروبية من أجل استحداث طريقة جديدة لتلك الاختبارات تتضمن تكنولوجيا جديدة لتلك الاختبارات وتختبر السيارة فى وضعية السير على الطرق .
وقد أجرت شركة الاستشارات العالمية الخاصة "ريبوتيشن انستيتيوت" استطلاعا للرأى على حوالى 100 شركة، وذلك خلال الربع الأول من العام الحالى 2015، تم نشره فى مجلة " فوربس" العالمية"، حيث شمل الاستطلاع حوالى 61 ألف شخص من 15 دولة حول العالم بشأن مدى الثقة والاحترام وجودة الأداء والمنتجات والشعور الجيد تجاه بعض الشركات المعروفة بالعالم، وذلك من أجل تقييم الشركات العالمية التى تحقق إيرادات سنوية تزيد عن 6 مليارات دولار، وقد احتلت صدارة الاستطلاع شركة "بى إم دبليو" الألمانية بفضل ما قدمته لعملائها خلال الفترة الماضية، كما ضمت القائمة أيضاً أسماء خمس شركات صناعة سيارات أخرى منها "دايملر"، والتى حصدت المركز الثالث، أما شركة "فولكس فاجن" فقد حصدت المركز الرابع عشر، ويبقى السؤال هل ستتسبب الأخيرة فى انهيار ثقة عملاء دايملر- مرسيدس وبى إم دبليو، بالرغم من أنهم يتفوقون عليها بمراحل ويتصدرون المراكز الأولى .
انهيار حملة "انبعاثات أقل" وتصريحات واهية لقيادات فولكس فاجن
عملت شركة "فولكس فاجن" جاهدة قبل هذه الأزمة المدوية على زيادة مبيعات سياراتها فى الولايات المتحدة من سيارات الديزل فى الولايات المتحدة، حيث قامت بعمل حملة دعائية كبيرة فى إطار حملة تسويق حملت شعار "انبعاثات أقل" مع فولكس فاجن، وهذا يدل على أن الشركة كانت تحمل نية استمرار كذبتها .
وأصبح وضع الشركة فى مأزق كبيروحالة من التخبط، إذ يقول رئيس الشركة فى الولايات المتحدة مايكل هورن "لقد أخطانا خطأ فادحا".
وقال المدير التفيذى السابق للشركة "مارتن فينتركورن" إن الشركة فقدت ثقة عملائها وثقة الرأى العام، ورفض قيادات الشركة التعليق على الأزمة مكتفين بقول إنه تجرى الشركة حاليا تحقيقا داخليا موسعا، فيما أعلنت سلطات النقل فى عدة دول فتح تحقيقاتها الخاصة فى القضية .
وبعد ما تم تعيين "ماتياس مولر" رئيساً تنفيذياً لشركة "فولكس فاجن" الألمانية لصناعة السيارات، وفى أول تصريحات لـ"مولر" قال: إن استعادة سُمعة "فولكس فاجن " تأتى على رأس أولوياته فى منصبه الجديد.. كما أعلن عن تغييرات واسعة فى أسلوب إدارة الشركة، منها منح الأقسام الإقليمية درجة أكبر من الاستقلال الذاتى.
تأثير أزمة فولكس فاجن على الاقتصاد الاوروبى
ويبدو أن الأثر المالى السلبى لفضيحة فولكس فاجن سوف يكون مضاعفا فى أوروبا ولن تتوقف خسائر فولكس فاجن عند تكلفة سحب 500 ألف سيارة من الولايات المتحدة، وهى التكلفة التى تقدر بـ6.5 مليار يورو، بل يمتد الأثر المالى على الشركة إلى غرامة مالية يحق لوكالة حماية البيئة فرضها على الشركة.
ومن الممكن أن يتعرض عملاق السيارات الألمانى للمزيد من الخسائر حال لجوء العملاء وحاملى أسهم الشركة إلى القضاء للحصول على تعويضات، علاوة على تكهنات تشير إلى إجراء وزارة العدل تحقيقا جنائيا فى تلك الأزمة .
ازدياد عدد البلدان التى يوجد بها سيارات فولكس فاجن المغشوشة
الأزمة التى تعيشها "فولكس فاجن" يبدو أنها لم تقتصر فقط على الولايات المتحدة الأميركية، لكنها بمبدأ" المصائب لا تأتى فرادى"، بل امتدت إلى دول أخرى مثل بريطانيا، وإيطاليا، وفرنسا، وكوريا الجنوبية، وكندا، وبالطبع ألمانيا، وهى الدول التى فتحت بالفعل تحقيقا فى تلك المسألة ، وتقول أستراليا إنها تراقب الموقف الحالى قبل اتخاذ أى إجراء ويتسائل السياسيون، والمسئولون، وجماعات الدفاع عن البيئة من جميع أنحاء العالم عن مدى شرعية اختبارات الانبعاثات التى تتعرض لها سيارات فولكس فاجن.. وقال مايكل سابين، وزير المالية الفرنسى فى بيان، إن هناك ضرورة لإجراء تحقيق فى جميع أنحاء أوروبا لطمأنة العملاء .
نشطاء بأوروبا يدافعون عن شركة "فولكس فاجن"
لكن على الجانب الآخر فقد بدأت حملات مضادة للدفاع عن فولكس فاجن من "محبى وأنصار الشركة ونشطاء البيئة"، حيث يرى الكثير من نشطاء البيئة إن قواعد الانبعاثات يتم اختراقها فى أوروبا، حيث تؤكد "جوز دينغر"، من جماعة ضغط تُدعى "النقل والبيئة"، أن سيارات الديزل فى أوروبا يتم تشغيلها بتكنولوجيا أسوأ بكثير مما هى عليه فى الولايات المتحدة.
ويوضح ناشطون فى الدفاع عن البيئة أن أغلب سيارات الديزل فى أوروبا غير مطابقة للمواصفات الخاصة بالانبعاثات فلما كل هذه الجلبة والضجة.
ويستعرض النشطاء تقريرا حديثا يوضح أن 90% من سيارات الديزل تكون غير مطابقة للمواصفات المطلوبة من حيث مستوى الانبعاثات عند انطلاقها على الطرق وهى بملايين المركبات .
تأثير الأزمة على سوق سيارات الديزل فى العالم
تداعيات الأزمة لا يتوقف عند حدود الانبعاثات بل تمتد إلى صناعات وأسواق أخرى، وهو ما يجعل خبراء صناعة السيارات يتساءلون عن تأثير تلك الأزمة على على سوق سيارات الديزل على مستوى العالم، فعلى مدار العشر سنوات الماضية ضخت شركات السيارات استثمارات هائلة فى تلك الفئة من السيارات علاوة على تلقيها دعما من قبل حكومات عدة، اعتقادا منها أنها أفضل للبيئة .
لكن أدلة علمية توفرت فى الآونة الأخيرة رجحت أن هذا ليس صحيحا، مما أدى إلى ظهور اتجاه نحو الحد من سيارات الديزل فى عدة مدن، وكانت مبيعات سيارات الديزل قد بدأت فى التدهور بالفعل حتى قبل أزمة فولكس فاجن .
ويقول "ريتشارد غاين"، الخبير الاستشارى فى السيارات لدى شركة "فينديجيتال" فى بيان له، إن الكشف عن فضيحة "فولكس فاجن" من الممكن أن يؤدى إلى تراجع حاد فى الطلب على سيارات الديزل.
وأضاف أنه فى الولايات المتحدة، تمثل مبيعات سيارات الديزل 1% فقط من مبيعات السيارات الجديدة، وهو ما يجعل الزيادة فى تلك المبيعات أمرا غير متوقعا على المدى المتوسط .
وأكد أنه رغم ذلك من الممكن أن تشهد مبيعات سيارات الديزل فى أوروبا أثرا سلبيا مضاعفا لتلك الفضيحة، ما قد يؤدى إلى تحول قطاع كبير من مستخدمى السيارات إلى استخدام سيارات البنزين .
هل تقوم الولايات المتحدة الأمريكية بحظر بيع سيارات فولكس فاجن؟
ويبدو أن إجراءات عملية ضد فولكس فاجن فى أوروبا قد اتخذتها سويسرا بعد إعلانها الحظر المؤقت لبيع سيارات الشركة الألمانية المزودة بمحركات الديزل، والتى يمكن أن يكون بها أجهزة قادرة على التلاعب باختبارات العوادم، وذكرت تقارير أن الخطوة قد تشمل 180 ألف سيارة لم يتم بيعها أو تسجيلها بعد فى فئة الانبعاثات الخاصة بمعايير يورو5.
وأصدر مكتب الطرق الاتحادية السويسرى قرار الحظر، وقال المكتب، فى بيان، إن السيارات المزودة بمحركات فولكس فاجن سعة 1.2 لتر و1.6 لتر و2.0 لتر من بينها علامات أودى وسيت وسكودا التجارية لفولكس فاغن- قد يشملها الحظر .
ولا ينطبق الحظر على السيارات التى دخلت إلى الخدمة الفعلية أو السيارات المزودة بمحركات ضمن معايير يورو5 الخاصة بتقليل نسبة التلوث، وشكلت السلطات السويسرية كذلك فريق عمل لإجراء تحقيق كامل فى هذه القضية.
ويبقى السؤال: ما هو الإجراء التى ستتخذه الولايات المتحدة الأمريكية؟.. هل ستحظر تداول سيارات فولكس فاجن، خاصة بعد تصريحات وزارة العدل الأمريكية أنها ستنضم إلى التحقيق الذى تجريه هيئة الحماية البيئة الأمريكية فى قضية فولكس فاجن؟
اعترافات أودى وأزمة الانبعاثات
وقال منتج السيارات الألمانى أودى إن هناك حوالى 2.1 مليون من سيارات الشركة حول العالم زودت بالبرمجيات التى سمحت بها فولكس فاجن للتحايل على اختبارات الانبعاثات فى الولايات المتحدة.
وتأثرت قرابة 1.42 مليون سيارة لشركة "أودى" مزودة بمحركات "يورو5" فى أوروبا الغربية، من بينها 577 ألفا فى ألمانيا، ونحو 13 ألفا فى الولايات المتحدة.. وقال متحدث باسم الشركة إن من بين الطرازات المتأثرة إيه 3 وإيه 4 وإيه 5 وإيه 6 وتى تى وكيو3 وكيو5.
وطالبت السلطات الألمانية شركة "فولكس فاجن" بتحديد إطار زمنى بحلول السابع من أكتوبرالمقبل، بشأن السبل التى ستضمن الشركة من خلالها أن سياراتها الديزل تلتزم بالمعايير القومية للانبعاثات دون استخدام تقنيات خادعة .
وأفادت تقارير ألمانية بأن الحكومة تجاهلت تحذيرات منذ عامين تقول إن شركة فولكس فاجن تستخدم هذه التكنولوجية الخادعة، ونفى متحدثا باسم الحكومة الألمانية صحة ما ورد فى هذه التقارير.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة