هذه قصة لأحد أصدقائى والذى جاءنى ليبوح لى بسره باعتبار أننى مثل والده ولدى خبرة كطبيب ويمكننى إصلاح ذات البين مع والده وهو زميلى، حكى لى قصته وقال:
"أنا طبيب صيدلى ووالدى طبيب بشرى مشهور ووعدنى بأن يزوجنى مبكرًا وطلب منى البحث عن عروسة واشترط أن تكون على قدر مستوايا التعليمى خاصة أن شقتى جاهزة.
قدرى أخذنى إلى بنت جميلة وطيبة وتعرفت عليها فى أحد محلات الملابس الشهيرة وتعرفت على والدتها وتوطدت علاقتنا وهى فتاة بسيطة وحاصلة على دبلوم شهادة متوسطة نعم أحببتها وفكرت وقررت الزواج بها وعندى القدرة على إقناع أبى بعدم أهمية مستواها التعليمى والمادى.
كلما اندمجت معها ومع أسرتها تظهر لى مشاكل جديدة فى البداية أخبرتنى أنها كانت مخطوبة وأن سنها من سنى وبعد ذلك بفترة اكتشفت أنها عقدت قرانها ولم تدخل بمن تزوجته وتركته لأنها كانت لا تحبه وتغاضيت ثم بعد فترة علمت أنها تكبرنى بأربع سنوات ولم أهتم وأخبرتنى أن والدها متوفى وبعدها اكتشفت أنه محبوس فى قضية بلطجة وقلت ما ذنبها.
كل ذلك ابتلعته ولكن حدثت الطامة الكبرى عندما علمت أنها تزوجت فعلاً ودخل بها زوجها ثم طلقها بعد شهرين".
قلت له يابنى ليس معنى أن يشجعك والدك ويقدم لك الوعود ويسمح لك بأن تخطب وأنت طالب أن يريد فعلاً أن يزوجك فهو أراد تشجيعك لكى تتفوق فى دراستك. أما أنت فواضح أنك لا تمتلك أى خبرة فى الحياة ولم تنضج بعد لذلك كان من السهل أن تقع فى فخ إنسانة كاذبة ولا تصلح لك زوجة على الإطلاق.
أردت أن أسرد هذه القصة الحقيقية على هذا المنبر الحر لكى تكون درسًا لأبنائى وأبناء أحبابى من الشباب المقبل على الزواج وأردت أن أقول أن النسب تناسب صح ولكنه ليس تناسبًا فى التعليم أو المال أو الحسب والنسب ولكنه تناسب فى الأخلاق والدين.
قال صلى الله عليه وسلم تنكح المرأة لثلاث لجمالها أو لمالها أو لحسبها فاظفر بذات الدين أو كما قال صلى الله عليه وسلم أى صاحبة الأخلاق القرآنية الراسخة فى القلب والمتحكمة فى الأفعال والأقوال لا منتقبة ولا عارية بل ملتزمة بما اتفق عليه جمهور العلماء.
ومن أسوأ العيوب فى شريكة حياتك المستقبلية هو الكذب وهو تزييف الحقائق جزئيًا أو كليًا وخلق روايات وإحداث بنية الخداع والكذب فعل محرم فى جميع الأديان وإذا تمكن من صاحبه فيتحول إلى حالة مرضية تقترن بالغش والنصب والسرقة وربما الخيانة.
الكذب يحتاج إلى قدرات ذهنية مثل التفكير الجيد والذاكرة القوية ومنطق متطور وخيال واسع ويحتاج أيضًا إلى قدرات نفسية وانفعالية عالية تؤدى إلى قدرة على التحكم فى المشاعر وتعبيرات الوجه والتصرفات. الكذب صفة تلازم الأطفال نتيجة الغموض وعدم القدرة على التمييز بين الحقيقة والخيال وتستمر آفة الكذب مع الضعفاء منهم حتى يكبروا.
إن الكذب هو رأس الخطايا وبدايتها، وهو من أقصر الطرق إلى النار، كما قال النبى صلى الله عليه وسلم: "وإيّاكم والكذِبَ، فإنّ الكَذِبَ يَهْدِى إلى الفُجُورِ، وإِنّ الفُجُورَ يَهْدِى إلى النّارِ وَمَا يزَالُ العبْدُ يَكْذِبُ وَيَتَحَرّى الكَذِبَ حَتّى يُكْتَبَ عِنْدَ الله كَذّابا".[رواه البخارى ومسلم].
للكذب أنواع متعددة، فمنه ما يكون فى الأقوال، ومنه ما يكون فى الأفعال، ومنه ما يكون فى النِّيات.
ولا يُتصور فى المؤمن أن يكون كذَّابًا؛ إذ لا يجتمع إيمانٌ وكذب، ولهذا لما سئل النبى صلى الله عليه وسلم: "أيكون المؤمن كذَّابًا؟ قال: لا". مع أنه صلى الله عليه وسلم قد قرر أنه قد يكون بخيلاً أو جبانًا، لكن لا يكون كذَّابًا.
فإن الكذب فى الحديث من علامات النفاق: "آيَةُ المُنافِقِ ثَلاثٌ: إذَا حَدَّثَ كَذَبَ، وَإِذَا وَعَدَ أخْلَفَ، وَإِذَا ائْتُمِنَ خانَ".
والكذب ليس من شِيم الأكابر، بل هو من شِيم الأصاغر، الذين هانوا على أنفسهم فهان عليهم الكذب، ولو كانوا كبارًا فى أعين أنفسهم لنأوا بها عن الكذب. قال الشاعر:
لا يكذب المرء إلا من مهانته أو فعله السوء أو من قلة الأدب
لبعض جيفة كلب خير رائحة من كذبة المرء فى جدٍّ وفى لعب
وكان عمر بن الخطاب رضى الله عنه يقول: "لأن يضعنى الصدق -وقَلَّما يضع- أحبَّ إلى من أن يرفعنى الكذب- وقلَّما يفعل-". حفظ الله شباب مصر
أرشيفية
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
شيخة الغيد
الكذب اصبح لغه العصر