طالبنا العرب بتجريم الفكر التكفيرى.. والتردد فى القرار «جهل».. والإرهاب ليست له صفقة عاطفية مع أحد وبدأ يقرع طبوله فى مصر أرض الأمن والأمان
إيران لم نستقطبها من القطب الشمالى وعلاقتنا بها ليست جناية ولا عقدة نستحى أن نقولها.. وطهران وقفت معنا دون أن تتدخل فى سيادتنا
فتح الدكتور إبراهيم الجعفر، وزير خارجية العراق، النار على قطر لاستضافتها عناصر عراقية وصفها بالمشبوهة والطائفية، وقال إنها تحاول تكريس الطائفية فى العراق من خلال الإلحاح على تناولها من زاوية شيعية أو سنية.
وأكد الجعفرى فى حوار مع «اليوم السابع» على أهمية أن تتبنى جامعة الدول العربية المقترح الذى تقدمت به العراق والخاص بتجريم الفكر التكفيرى، وقال إن العراق لا يتحدث من موقع الخيال وإنما من موقع الاكتواء والتجربة أيضاً، وأنه ما لم يتم تطويق هذا الفكر وهذه الثقافة فسرعان ما ينتشر ويجد لدى صدى فى أوساط بعض الشباب.
وتحدث وزير خارجية العراق عن علاقة بلاده بإيران وقال إنها دولة جارة ساعدت العراق وفق قاعدة عدم التدخل فى سيادتها، كما أشار إلى علاقات بغداد بتركيا، والأزهر الشريف.. وإلى نص الحوار:
كيف كانت مشاركة العراق فى اجتماعات وزراء الخارجية العرب؟
الاجتماع تناول ملفات عدة وأيضا العراق كان لديه ملف، من واقع الاهتمام بشؤون الدول العربية التى تعرضت لحالة من الانتهاك والاضطراب سواء سوريا أو ليبيا واليمن وتونس، فنحن لدينا وجهة نظر كنا نريد إيصالها للوزراء.وهذه الوجهة تقوم على رغبة العراق فى تجريم الفكر التكفيرى بعد أن أصبحت مسألة الفكر التكفيرى مسلمة ليس فقط عربياً وإنما عالمياً، وهو يتجاوز مسألة انتهاك حقوق الإنسان لكل الديانات، وسلوكيات هذا الفكر ونمطيته تتطلب أن يتخذ موقفا تاريخيا إنسانيا بحق هذا الفكر، بحيث نعبر فكرة الإنسان الضحية والإنسان الجانى إلى الفكر نفسه الذى يجمع، بغض النظر عن هذه الحالة التى أقل ما يقال فيها بأنها جهل ولا ينبغى أن تمنى بها الجامعة العربية.
هذا جهل حينما نتردد فى أن نسمى الأشياء بأسمائها، فنحن لم نواجه فكرا أكثر إجرامية من الفكر الإرهابى المعاصر الذى يستبيح المرأة والطفل وينتهك الحرمات ويسلب الأموال ويقتل ويتفنن فى التعذيب، فأقل ما يوصف به بأنه فكر يجب أن يجرم.
لذلك العراق لا يتحدث من موقع الخيال وإنما من موقع الاكتواء والتجربة أيضاً، ونعتقد أنه ما لم يتم تطويق هذا الفكر وهذه الثقافة فسرعان ما ينتشر ويجد لدى صدى فى أوساط بعض الشباب، لذلك نوصل هذه الصرخة العراقية التى تعبر عن وجدان كل الضحايا فى كل العالم، للدول العربية وتضعهم أمام مسؤولياتهم وتاريخهم، بأنه لا مجال للمجالة فى هذا الأمر.
هناك بعض الدول التى أبدت تحفظها وربما رفضها لهذا المشروع؟
نحن لا ندافع عن القرار باعتباره عراقيا، وإنما لأن القرار واقعى ويعبر عن صورة الواقع الآن، ونناشد العدالة لأن تقف موقفا تاريخيا حتى يتجنب العالم مغبة هذا الفكر التفكيرى، وهو فكر الإسلام منه برىء براءة الذئب من دم يوسف.. هؤلاء يجنون على الفكر الإسلامى والأمة الإسلامية ويجنون على كل شىء يمت للقيم الإسلامية، فلذلك لا نجد مناصاً من أن نطرح نقرر ونلقى الحجة ويسجل التاريخ أن العراق طالب بهذا الأمر.قيمة الفكرة التى طرحتها العراق لا تقتصر فقط على أن يتجاوب معها الجانب الرسمى، وإنما قيمتها أنها تعبر عن حقيقة وجدانية إنسانية، لذلك نحن نتمسك بها.
فإذا نظرنا إلى مسألة اليمن فلنا رؤية مستوحاة من نظرة إنسانية ومن دستورنا العراقى الذى ما كتبناه حتى يكون كتيباً على الرف، وإنما كتبناه باعتباره ميثاقا نتعامل ونتعاطى معه ونطالب بتطبيقه، وهذا ما ينطبق أيضاً على موقفنا من الإرهاب الذى يحدث فى دول أخرى فى سوريا وليبيا وحتى فى مصر.. الإرهاب ليست له صفقة عاطفية مع أحد، فهو بدأ الآن يقرع طبوله هنا فى مصر.. أرض الأمن والأمان.. الدولة العربية الكبرى ومحتضنة جامعة الدول العربية، وقد قلنا هذا من وقت مبكر أن الإرهاب لا دين له ولا مذهب له ولا وطن له، للأسف هذا ما قلنا وما كنا نتمنى أن يحدث لكنه حدث.
حديثكم عن الفكر التكفيرى هل يعنى وجود أدلة لديكم حول تورط بعض الدول فى أعمال الإرهاب التى تعانى منها العراق؟
بدون شك فطريقة تعامل منظمة داعش الإرهابية وسهولة التدريب وانتقالهم من بلد إلى آخر تكشف عن إمكانيات دول تجاوزت إمكانية المنظمة نفسها، لكننا نتقى الله فى أن نتهم هذه الدولة أو تلك حتى وإن دلت الأدلة على تورط بعض الدول.الإرهاب مركب، فالإرهاب التنفيذى والأذرع التنفيذية هذه أحد العناصر، والمال الذى يدخل فى الإرهاب والإعلام الذى يروج له، والفقه وبعض المتزلفين بالفقه ويرتقون منابر المسلمين ويحرضون على القتل الجماعى، والدول التى تساهم بالتدريب، والدول التى تساهم بتسخير أراضيها لمرور الإرهابيين ليعبروا من دولة الجناية إلى دول الضحية.. كل هؤلاء مركب كامل يتحملون أوزار وخطايا الإرهاب.
هل الخلاف حول مشروع العراق فى الجامعة العربية مرتبط بالخلاف الأساسى بين العراق وقطر بسبب استضافة الأخيرة لاجتماعات معارضين عراقيين خاصة أن قطر من الدول الرافضة للمشروع؟
نحن فى الوقت الذى نحرص فيه على مدى الجسور لكل العلاقات لكن بوعى وليس عن غفلة، نحن نريد علاقة مع قطر كما نريد علاقة مع بقية الدول شريطة أن تكون هذه العلاقة لخدمة البلدين، أما عندما تدخل قطر عن قصد أو عن خطأ وغير قصد فإننا لا نجبن ولا نضعف وإنما نعبر عن رأينا ونقول إن هذا الأمر مرفوض.. ماذا يعنى أنها تستقطب تحت عناوين معينة سياسية مشبوهة وطائفية مفترضة لا وجود لها بالساحة العراقية.لا تستطيع أن تلتقى جمعا من العراقيين إلا وتجد الثنائية الدائمة المتكاملة بين الشيعى والسنى، فمن يتجول فى بغداد وبقية محافظات العراق سيجد هذه الحقيقة ماثلة أمامه، ما من محافظة إلا وبها ثنائية بين الشيعة والسنة، ونحن لا نعانى من أزمة تعامل بين الأشقاء العراقيين الشيعة والسنة.
فهذا التكريس والإلحاح على تناول العراق من زاوية شيعية أو سنية مرفوض، سواء كان بتبنى شيعة العراق على حساب الوحدة الوطنية أو بتبنى سنة العراق على حساب الوحدة الوطنية، فنحن مع الوحدة الوطنية وعلى أصدقائنا أن يعوا هذه الحقيقة، وإذا كانوا يريدون أن يعبروا عن حبهم للعراق فليدخلوا من بوابة العراق دون القفز من شبابيك ضيقة بداعى أن هذا سنى هذا شيعى، لأن هذا الأمر غير موجود بالعراق.
ماذا كان رد قطر على رسالتكم؟
حاولوا أن يمتصوا ردود الفعل والقول بأنهم لا يقبلون كذا ولا يقبلون كذا.. لكن نحن الشعارات لدينا محترمة عندما تعبر عن واقع الممارسة..والممارسة لم تكن صحيحة، لأن الإتيان بشخصيات عليها شبهات قضائية بل أحكام قضائية على بعضهم واستقطاب عناصر من النظام المقبور، وأن تكون شعارات يجمعها الجانب الطائفى فنحن نفرق بين الانتماء المذهبى والتعصب الطائفى.. الانتماء المذهبى مدعاة فخر ومظهر حضارى ويعتز العراق أنه يتعدد ويتكامل مذهبياً.. والعراق كما به جغرافيا متنوعة فيه ديمغرافيا ومتنوعة وسكانية متنوعة.. ألم يسمع هؤلاء بالمآسى التى حدثت فى زنجار ولم تكن سنية ولا شيعية.. ألم يسمعوا بالفضيحة والجريمة التى ارتكبت بكنيسة النجاة فلم تكن سنية ولا شيعية.. الإرهاب يعادى الجميع، وفتح ملفات جانبية وتكريس حالة طائفية فى ظل أن يتهدد الوضع الوطنى بكامل حجمه فهذا يثير سؤالا لماذا؟.. كل العراقيين الآن يتضررون.. الكل متضرر بدون تفريق، ومن يرد أن يقف بجانب الشعب العراقى عليه أن يبتعد عن مسألة العناوين الجانبية وإيجاد شروخ فى الصف الوطنى العراقى، سواء كانت دولة كأمريكا ودول أوروبا أو دولا عربية.. كل الدول بدون استثناء عليها ألا تلعب بالنار، لأن الدخول من هذه البوابات سيؤدى إلى مشاكل لا طائل من ورائها.هل ترى أن هناك مخططا فعليا لتقسيم المنطقة ومن بينها العراق؟
واضح.. السلوك يكشف عن نفسه وعن شعاراته.. نحن نرى الممارسة ونحكم من خلال السلوك العملى بالميدان على الأرض، مطلوب الآن إشعال المنطقة وتفتيتها.. لماذا.. هذه المنطقة التى كرمها الله بأنها كانت ولازالت مبعث القيم والأخلاق والفكر، ومن هنا انبعث رسل السلام والمحبة، وبها ثروات متعددة وقلب العالم وملتقى القارات الثلاث، وفيها ثروة النفط والزراعة وبها السياحة والآثار، فلماذا تشتعل بهذه الطريقة ومن المستفيد.. مجموعة من الشباب يأتون بعقلية انتحارية بعدما غسلت عقولهم، يقف وراءهم من يقف، لأنه لا يمكن أن يحدث ذلك بدون تخطيط وإمكانيات دولية.. مطلوب تدمير هذه المنطقة.ما الذى تستفيده دولة مثل قطر مما تفعله فى العراق ومصر ودول أخرى؟
هذا سؤال تجيب عليه قطر، لكن من جانبنا فنحن نحذر من أن هذا النوع من التصرف لا يفيد العلاقات ولا يفيد قطر تحديداً.. حرمة الدول العربية أمانة فى أعناقنا جميعاً، وإذا كنا نزعم أننا عرب فالعربى عرف عنه أنه بعيد عن الغدر فلا يغدر، وعرف العربى أن لديه قيما حتى قبل الإسلام «خياركم فى الجاهلية خياركم فى الإسلام»، «وإنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق».. العرب لديهم قيم وأخلاق ومروءة وعليهم أن يعوا هذه الحقيقة، لأن هذه النار إذا شبت ستحرق الجميع، والترويج للثقافة الطائفية وإيجاد حالة من الأحقاد بين أبناء الدين الواحد والملة والجغرافيا الواحدة هذا لا يخدم أحدا.أما ما الذى يدفع هذه الدولة أو تلك فهل هو الجهل وعدم المعرفة أم هو الجهالة، فهذا سؤال تجيب عنه قطر وليس أنا.
هل ما يحدث حالياً مع العراق مرتبط بتوتر العلاقات العربية الإيرانية؟
علاقتنا بإيران ليست جناية ولا عقدة نستحى أن نقولها، فنحن تربطنا علاقات مع الحوض الأوروبى وكل دول العالم، وإيران دولة جوار نعتز بها ونتشرف بها، كما أن تركيا دولة جارة ونعتز بها ونتشرف بها طالما تحترم سيادتنا، أما الدولة التى تنتهك سيادتنا سنرد عليها ونرفض ذلك بشكل قاطع أيا كانت هذه الدولة، إيران أو تركيا أو دولة عربية، والحد الفاصل بين تعاملنا مع كل الدول ناشئ من كون هذه الدولة يجب أن تحترم سيادتنا وألا تتدخل فى شؤوننا.لماذا لا يطرح السؤال من ناحية أخرى وهو لماذا لا توجد لنا علاقة مع إيران.. إيران لم نستقطبها من القطب الشمالى، فهناك حدود بيننا تمتد لـ1400 كيلو متر، وإيران وقفت معنا من أول وقت انتهكت فيه حرمة الموصل وقت أن كان العالم يفكر يدخل أم لا إلى أن صار بعد بضعة أشهر أن يستجيبوا ويدخلوا.. وقفت إيران دون أن تتدخل فى سيادتنا، وهذا هو الحد الفاصل.
إيران ساعدتنا بمقدار ما، ساعدتنا بمستشارين، كما أن الدول الأخرى التى ناشدناها قبلنا مساعداتها ومستشاريها، فنحن ليس لدينا معايير متعددة، فما نقبله ونرفضه من إيران نقبله ونرفضه من دول أخرى.. فلماذا يتواجد مستشارون من أمريكا وبريطانيا ومن دول أخرى مقبول، لكن أن يأتى مستشارون من إيران فهو أمر غير مقبول.
على اعتبار أن إيران شيعية والأمر مرتبط بالمذهب؟
كون إيران غالبيتها العظمى من الشيعة فهذا شىء تتشرف به إيران ونحن نتشرف به، مثلما نحن نتشرف بإخواننا السنة والدول العربية السنة، وننظر لهم من زاوية إسلامية، لأن بوابة الإسلام واسعة وتستوعب كل أبنائها سنة أو شيعة.نحن الآن ننظر لكل الدول بمنظار واحد وهو منظار المحبة، ونعتقد أن علاقتنا مع إيران هى استجابة للحقائق الجغرافية والتاريخية والمصادر الحيوية، فالمياه تأتينا من إيران ومن تركيا، وهناك علاقات وتداخل مجتمعى لتواجد بعض القبائل على الحدود مثلما هناك تداخل مجتمعى بين العشائر بالحدود العراقية السعودية.
نظرة العراق نظرة حضارية، لأن العراق لم يدخل السياسة جديداً وإنما منذ فجر التاريخ يتعاطى مع المجتمعات الأخرى ويتعامل معها، لذلك المواطن العراقى لا يحتاج أن يقرأ كتابا عن الحضارة لأنه يتنفس الحضارة والتاريخ مثل مصر التى تتنفس التاريخ، فإذا كان غيرنا ليس لديه تاريخ مثل بعض الدول الغربية وأمريكا فإن العراقيين والمصريين لهم نمطية تتداول عبر التاريخ.
مع بداية الأزمة كانت العناوين الرئيسية أن المنطقة مقبلة على حرب مذهبية هل أنت مع هذا الرأى؟
من أن يتأتى هذا العنوان.. عنوان الحرب المذهبية فى اليمن وبقية المناطق.. اليمنيون هم مكونات اجتماعية من ضمنهم الحوثيون فهم لم يأتوا من الخارج على عكس القاعدة وداعش والنصرة فهم يأتون من الخارج للعراق، أما الحوثيون فهم من تربة يمنية فلماذا تختنق بهم اليمن.. عليها أن تفكر فى ألا تقصى أحدا من اليمن كما يقصى العراق داعش، لأنهم من خارج العراق.. على دولة اليمن أن تتسع لأبنائها وتتسع لمكوناتهم حتى إذا كان بعض منهم يعتدى فهناك آليات يمنية يمنية تفضى لمعالجة هذه الأمور بشكل صحيح.. الاتهام بأنك مذهبى وطائفى سهل لكن هل هذا يحل المشكلة.. بالعكس.نحن مع استقرار اليمن وحل المشكلة وتذليل العقبات، ومن البداية قلنا إننا لسنا مع التدخل فى شؤون اليمن كجزء من سياساتنا العامة المستوحاة من الدستور العراقى والعرف الدولى فلا نقبل أن نتدخل فى شؤون دولة إذا كان التدخل سياسياً، فكيف بك والتدخل تدخل عسكرى.
هل لذلك السبب لازلتم متحفظين على مشروع القوة العربية المشتركة؟
القوة العربية المشتركة مطلوبة من حيث المبدأ، وحينما تحفظنا عليها فى قمة شرم الشيخ كنا نعتقد أن مكوناتها والمقدمات المطلوبة مع الأسف سار عليها قفز فكانت تحتاج للدراسة بشكل مستفيض بأيادى خبراء وتقدم نظرية كيف يكون شكل هذه القوة.والدول العربية تحتاج للقوة العربية المشتركة قدر احتياجها للسوق العربية المشتركة، ونحن لسنا ضد هذا الأمر، لأن أوروبا لم تستطع التوحد إلا بعد أن توحدت وقواها الأمنية، لكن أعتقد أن مسألة القوة العربية كانت تحتاج لبعض التريث وعندما تتوفر مبرراتها بالنسبة لنا سنشترك بها لكن بطريقة نطمئن فيها أن مبررات وهيكلية وأهداف ومستلزمات وموازنة وكل ما يتعلق بالقوة العربية المشتركة قد توافرت.
هل ترى أن الجامعة العربية لازال لها وجود؟
لا أستطيع أن أنفى وجودها لكن أنفى فاعلياتها، فهى ليست بمستوى الأحداث.. الجامعة العربية لكى تكون جامعة عربية يجب أن تعبر عن كامل الدول العربية الأعضاء، والدول العربية عليها أن تعبر أيضاً عن الشعوب الممتدة، ومن غير الصحيح أن يكون هناك استئثار أو يكون هناك تحكم من جانب دولة أو دولتين أو حتى محور.. فهى جامعة الدول العربية لكل الدول العربية، ونحن نحترم كل الأنظمة الملكى والأميرى والجمهورى سواء كان رئاسيا أو برلمانيا، لكن جامعة الدول العربية تمثل كل هذه الأنظمة لذلك لا يجب أن تختزل أى دول الجامعة فى نظامها وأهدافها، وعلى الجامعة أن ترتقى فى مستواها وتعرف كيف تتعاطى مع الدول الأعضاء لأن الجلوس على طاولة واحدة لا يعنى أن الأمة العربية اجتمعت.. الاتفاق على أهداف مشتركة والتعبير عن وجدان الأمة العربية فى كل مناطقها ودفع الأخطار المشتركة عنها وتحقيق الأهداف والمصالح هذه هى أهداف الجامعة العربية.كيف تسير حالياً العلاقات المصرية العراقية؟
العراق لها علاقة خاصة مع مصر منذ زمن طويل إضافة إلى كون البلدين الأكبر عربياً، كما أن مصر حاضنة لجامعة الدول العربية وهناك حالة من التشابه بين العراق وبين مصر، رغم أن كل دولة منهما فى قارة، لكن اليوم لا يعد العالم يعيش أزمة المسافات البعيدة، فهناك تقارب كبير بين العراق ومصر وكثيراً ما شهدت الساحة العراقية تواجدا مصريا على مستوى المؤسسات والمدارس وأساتذة الجامعة، فنحن نتطلع إلى تقوية العلاقات أكثر، فبيننا اتفاقيات نعمل على تطبيقها، بل نتطلع إلى إبرام اتفاقيات جديدة أخرى، ونتصور أن عوامل التقارب بيننا كثيرة جداً تتطلب أن نحولها إلى آليات تعامل فى السياسة والاقتصاد وحتى فى الجانب العسكرى.هل مطروح أن يحدث تعاون بين العراق ومصر والأزهر تحديداً فى مسألة مشروع مواجهة الفكر التكفيرى أم أن التوتر لازال قائماً بينكم وبين الأزهر؟
الأزهر وقت شيخه الراحل، المرحوم محمد سيد طنطاوى، الذى التقيت به أكثر من مرة فقد سمعت أحاديثه فهو رجل كان يتفهم ما يحدث بالعراق بشكل جيد، ربما يكون السبب فى ذلك أنه عاش فى العراق لفترة فهو خريج من جامعة البصرة وكلما التقيت به ازددت إعجابا به. نحن نتطلع أن تكون واجهة مثل الأزهر الشريف والنجف الأشرف أن تتعامل بطريقة تأخذ بأيدى أبناء الأمة نحو المحبة والتكامل والإخوة والنهى عن كل ما من شأنه أن يسبب التأزم بينهم، هذا هو دور الأخ الأكبر.. الأزهر ليس مؤسسة عسكرية ولا مؤسسة مسيسة، قد تدخل بالسياسة لكن هناك فرقا بين السياسة والتسييس.. الأزهر عليه أن يبرهن أنه لن يسمح لأحد أن ينزل به إلى مستوى الخلافات والمشاكل وأن يبقى محافظاً على الدور الأبوى حتى يملك أسرار الوحدة الإسلامية بين مكونات الشعوب، وهذا شرف كبير لا ينبغى للأزهر أن يتنازل أو يتراجع عنه.
لازلنا نعتقد أن دور الأزهر مهم، ونرى من مسؤوليتنا تقويته لكن هذا لا يعنى أننا لا نوجه له نقدا بناء بأنه لا يتعجل حينما يحكم عن بعد، وأن يعمل بالآية الكريمة «يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوماً بجهالة وتصبحوا على ما فعلتم نادمين».. فأنا لا أحكم على مصر من خلال معلومات هنا وهناك، كما لا أحكم على الجزائر واليمن والبحرين وليبيا وتونس من خلال معلومات متناثرة، فالإعلام المنحاز يوقعنا فى مشاكل، وللأزهر احترامه لدى العراقيين، لكن كان يمكن أن يمحصوا ويدققوا النظر قبل أن يطلقوا أحكاما أثبت الواقع أنها ليست فقط بعيدة عن الواقع بل منافية للواقع.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة