نقلا عن اليومى...
تعالت أصوات الجهل مؤخرا، وامتلأت شاشات التلفاز بالإعلانات الخاصة بـ«العلاج الروحانى» والتى تروج لفكرة مفادها «شيخ واحد يعالج جميع الأمراض الجسدية وغير الجسدية» كما يزعمون.
ولا يقتصر العلاج فقط على «الحسد والمس والعين واللمسة الأرضية» بل وصل الأمر إلى «جلب الحبيب وتزويج العانس ورد المطلقة وقضاء الحوائج وتيسير الأمور وتوسيع الرزق، وإعادة الغائب والكشف المستور واسترجاع المسروقات»، وذلك مع استخدام جميع أنواع التكنولوجيا الحديثة ووسائل التواصل الاجتماعى، هذا يعالج بالقرآن، وآخر يعالج بالأحجار، وغيره يسخر الملائكة العليا والجان السفلى.
«اليوم السابع» اقتحمت هذا العالم لمعرفة خباياه، فتوجهت إلى شخص يدعى أنه يحمل علم الأحجار الكريمة، ويرجع حياة الإنسان كاملة إلى الحجر الذى يتحكم فيه قبل ميلاده فى هذه الدنيا وحتى بعد وفاته.
طه عبدالمقصود، صاحب مغارة على طه للأحجار الكريمة، والحفيد الثامن لصاحب أقدم محل أحجار كريمة فى منطقة الحسين، توارث المحل بما فيه من أحجار وحرص على عدم تغيير نشاطه، لأن لديه قناعة بأن الأحجار لها صلة بكل شىء فى الكون، يقول طه «الطين يأتى نتاج نحر الأمطار للجبال فيتكون الطمى، لذلك فأساس تكوين الإنسان حجر، ويمكن للحجر أن يتحكم فى حياة إنسان بالكامل».
ويتابع «طه» عن كيفية تحكم الأحجار فى حياة الإنسان قائلا «ذلك عن طريق معرفة اسم الإنسان، وتاريخ الميلاد ثم اسم الأم والجدة من الأم واسم أحد الأخوال واسم أحد الأعمام، ويكتب إذا كان متزوجا أم لا مع اسم أحد الأبناء، وثم نأخذ هذه الأسماء ونستخدم «علم الجفر» للإمام على وهو علم ربط الأرقام بالحروف، للشخص الذى يريد معرفة الأحجار التى لها تأثير كبير عليه ودرجة تأثيرها».
ويقول طه إنه «يتم التعرف على الدرجة التى يحملها نجم الإنسان من بين 199 درجة قوة سواء كانت الذهنية أو العضلية، وغيرها التى يمنحها الله له، وأن هناك ما يسمى بالسبع أحجار كل حجر له درجة معينة تناسب الشخص نفسه، وتعالجه سواء من الوساوس أو السحر أو اللمس وتضفى عليه القوة والجاذبية، وذلك يحدث من خلال الدورة القمرية وهى 21 يوما التى يتم فصل الشخص فيها عن أى عوامل يمكن أن تؤثر عليه فى هذه الفترة، حيث يتم عمل دائرة مقسمة إلى أربعة مربعات شاملة على 16 مثلثا، ويتم إدخال أرقام الشخص فى هذه الدائرة، وهذه الأرقام عدد حروف اسمه واسم والدته وأقاربه وجمعها على بأرقام الملوك العلوية عن طريق تسخير أقرب ملائكة للشخص وندمجهم مع الأحجار لتحصين الشخص من كل شىء، وتكون فى شكل ميدالية أو حجر فى خاتم، ذلك لعلاجه من الأمراض وإعطائه طاقة وهالة تجذب من حوله وتعطيه هيبة وعزة وشموخا».
ويضيف طه عبدالمقصود أنه يتردد عليه الكثير من المشاهير فى الوسط الفنى منهم نجم كوميدى معروف جداً قصير القامة وقد صنع له خاتما فى فص من الحجر الخاص به، ولو الحجر فصل منه هو نفسه الفنان فصل عن كل من حوله، وكذلك كل المشاهير بدون استثناء سواء رؤساء أو وزراء.
ويتابع: «الأحجار توقف جميع الأمراض ولا تجعلها تتفشى فى جسم الإنسان أمثال السرطان، الفيروس الكبدى، وضبط أمراض ضغط الدم، وغيرها من الأمراض المزمنة وغير المزمنة».
طه عبدالمقصود واحد فقط ممن يزعمون أنهم يعالجون بالأحجار الكريمة، هناك أيضاً من يقولون إنهم يعالجون بالقرآن الكريم والرقية الشرعية، حيث تعددت الإعلانات فى بعض القنوات الفضائية التى تنادى بالعلاج الروحانى وهى الإعلانات التى ما تركت مرضا ولا مشكلة ولا حالة إنسانية إلا ولها «الحل الأكيد».
تواصلت «اليوم السابع» مع أحد هؤلاء الذين يزعمون أنه «معالج روحانى» تليفونياً ويدعى «أبو مصعب» وهذا نص المكالمة:
اليوم السابع:
ألو سلام عليكممساعد الشيخ:
حضرتك عشان تتواصل مع الشيخ لازم تشحن كارت بـ50 جنيه، وهتتصل تمليهولى.المحرر:
ده قبل ما أقعد مع الشيخ ولا بعدمساعد الشيخ:
قبل ما تتكلم مع الشيخ عاوز تقابله مقره فى شرم الشيخ فى السوق التجارى.المحرر:
طب أنا ممكن أقابل الشيخمساعد الشيخ:
عاوز تكلمه عن طريق التليفون بتشحن كارت بـ50 جنيه، عاوز تقبله بتيجى شرم الشيخ الشارع التجارى وبتدفع 2000 جنيه.نص مكالمة أخرى:
اليوم السابع:
ألو السلام عليكممساعد الشيخ:
وعليكم السلام يافندم أول مرة تتصلالمحرر:
لا تانى مرة، أخويا اتصل وحضرتك قلت له محتاج نشحن كارت بـ50 معايا الكارت أشحنه إزاىمساعد الشيخ:
معاك كارت اتصالاتالمحرر:
أيوه معايامساعد الشيخ:
تمام يافندم خربشت الكارت؟المحرر:
خربشت الكارت أيوهمساعد الشيخ:
طب مليهولى من الشمال لليمينالمحرر:
1628****9489مساعد الشيخ:
تمام اسمك إيهالمحرر:
محمد عبدالفتاحمساعد الشيخ:
اسم والدتكالمحرر:
..مساعد الشيخ:
حضرتك كام سنةالمحرر:
24مساعد الشيخ:
متزوج ولا عازبالمحرر:
عازبمساعد الشيخ:
منين يافندمالمحرر:
مدينة نصرمساعد الشيخ:
ده رقمك الشيخ يكلمك عليهالمحرر:
أيوه هو أنا مش هكلم الشيخمساعد الشيخ:
انتظر مكالمة الشيخ خلال 48 ساعةالمحرر:
هو مش هيكلمنى دلوقتىمساعد الشيخ:
لا هو لو كنت جيت من الصبح كان كلمك هو نايم دلوقتىالمحرر:
ليه كده بس الواحد تعبان أوىمساعد الشيخ:
لا يا فندم عشان رقمك فى الكشف 582المحرر:
طب هو هيكلمنى أمتىمساعد الشيخ:
انتظره بكره أو بعده، أى رقم غريب يتصل عليك رد عليهالمحرر:
طب هو مافيش مكان لعيادة أو مكان نروح للشيخمساعد الشيخ:
مقرنا فى شرم الشيخ السوق التجارىالمحرر:
طب ممكن العنوان بالضبط عشان لو روحت هناك الواحد تعبانمساعد الشيخ:
السوق التجارى بوابة واحد 16 ألف.المحرر:
ويعنى الشيخ هيكلمنىمساعد الشيخ:
أيوة يافندمالمحرر:
مع السلامةانتظرت «اليوم السابع» 48 ساعة كما قال مساعد الشيخ ولم يتصل أحد، وحاولنا الاتصال به ولم يرد.
كان ولا بد التعرف على حكم الإسلام فى مثل هذه الجرائم، وعلى حكم الدين فيمن يلجأ لهؤلاء لحل مشكلاته، فالتقت «اليوم السابع»، الدكتور عبدالعزير النجار، مدير عام شؤون مناطق الوعظ بمجمع البحوث الإسلامية، الذى قال «هناك أكثر من ظاهرة الآن وخاصة فى عصر الفضائيات والتقارب بين القنوات والدول فى العالم عن طريق شبكة الإنترنت».
وقال النجار: «سهلت هذه الوسائل انتشار هذه الظاهرة لمن يدعون العلاج الروحانى من الدجالين والنصابين والمحتالين أمثال من يدعى علاج أمور أخرى، مثل العلاج بالزيوت والعلاج بالأحجار، وعلاج أمراض ربما لم يتوصل الطب الحديث لعلاج لها، والأسوأ من ذلك أنهم يتخذون من الدين ستاراً لهم، يسمون هذا «بالعلاج الروحانى» وأنه مستمد من شريعة النبى صلى الله عليه وسلم ومن القرآن والسنة، والقرآن والسنة براء من كل هذا، لأن الإسلام أقر العلم، والنبى «صلى الله عليه وسلم» أول ما نزل عليه «اقرأ باسم ربك الذى خلق»، فنزلت دعوة إلى العلم والقراءة والبحث».
وتابع: «أما هذه الخزعبلات التى نراها الآن من هؤلاء فهى بعيدة كل البعد عن دين الإسلام وما هى إلا وسيلة من وسائل الاحتيال والنصب على ضعاف الإيمان الذى جعله فريسة سهلة لهؤلاء النصابين، ينبغى أن يكون هناك قانون يحاكم هؤلاء بالنصب والاحتيال، ليس هناك ما يسمى بالعلاج الروحانى».
وتابع عبدالعزيز النجار، «لا يمكن أن يسلط الله عز وجل جنسا على جنس؛ فالإنس مكلف والجن مكلف، وحتى نبينا محمد صلى الله عليه وسلم رسالته كانت للإنس والجن، وفلا يمكن أن نقول إن جنا يلبس إنسانا أو العكس، لأن كلا منهم له تكوينه فلا يجوز أن يندمج أى منهم داخل الآخر».
وأضاف النجار أن «مسألة أصل الإنسان طين أو حجر أو قرد تشغل كثيرا من الناس، حيث إن العلم أثبت أن العناصر التى كون منها الإنسان هى نفس التى كون منها الطين، لكن هذا لا يعنى أن الإنسان يعالج نفسه بالطين أو الحجارة أو ما شابه ذلك، فهذه مسألة ليست واقعية وليس لها دليل شرعى، وأن علاقة الإنسان بالأحجار الكريمة هى علاقة إعجاب وحب، لأن الإنسان بطبيعته يحب اقتناء الأشياء الجميلة والثمينة وهذه الصفات موجودة فى الأحجار الكريمة ومسألة العلاج ليس للأحجار أى علاقة بها».
وتابع مدير عام مناطق الوعظ بمجمع البحوث الإسلامية أن الرسول «صلى الله عليه وسلم» قال «من أتى عرافا أو كاهناً لا يقبل منه صلاة أربعين»، ولم يحدد إذا كانت يوماً أو شهراً أو سنة ولكن الدين يحذر من أن يقصد الإنسان إلى مثل هؤلاء الدجالين، فإذا أصاب الإنسان هم أو حزن فيتجه لله عز وجل فهو الذى يفرج الهم والكرب.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة