يسرا محمد سلامة يكتب: وداعًا.. نور الشريف

الأربعاء، 12 أغسطس 2015 04:49 م
يسرا محمد سلامة يكتب: وداعًا.. نور الشريف نور الشريف

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
سيمضى عام 2015 حزينًا على كل المصريين ومُحبى الفن الراقى، فبعد رحيل الرقيقة الراقية فاتن حمامة، فاجأنا خبر وفاة العالمى عمر الشريف، وها نحن استقيظنا على خبر رحيل الكبير، المبدع، المميز بفنه وأخلاقه الرائع المحترم نور الشريف.

رغم أن بداياته الفنية كانت وسط جيل من العمالقة، إلا أنه استطاع أن يرسم لنفسه منهجًا فنيًا مختلفًا عن ما حوله، لمع اسمه بسرعة لا لموهبته الجميلة فقط، بل لصدق ما يقدمه، واندماجه الشديد فى شخوص العمل، فهو يعشق الأدوار المركبة ذات الطابع الانفعالى التى تجعل المشاهد يظل ساكنًا فى مكانه دون حراك، يحبس أنفاسه من أجل المشهد التالى الذى سيظهر فيه نور الشريف بأداء أفضل من المشهد السابق، فهو لا يُخيب أبدًا حُسن ظن الناس به، ممثل قدير بارع، لا يظهر فى عمل إلا وقد حمل شهادة الجودة والتميز، فأعماله فى مُجملها يُمكننا أن نُصنفها تحت بند "مشاهدة عائلية".

فى السينما لا أنسى له ما حييت أفلام أيام الغضب، سواق الأوتوبيس – الذى يُعد واحدًا من أهم وأفضل أفلام السينما المصرية – هو وليلة ساخنة إخراج العظيم عاطف الطيب، حبيبى دائمًا، العار، زمن حاتم زهران، دماء على الأسفلت، كتيبة الإعدام – فيلمى المُفضل – دائرة الانتقام، الصرخة، أهل القمة، بئر الخيانة، جرى الوحوش، وغيرها من الأفلام الرومانسية أو التى تُعالج قضية ما.

أما فى التليفزيون فحدث ولا حرج، إلا أن ثنائيته الشهيرة مع المبدعة عبلة كامل فى مسلسل لن أعيش فى جلباب أبى ستظل علامة فارقة فى تاريخ الفن المصرى وتاريخ الراحل نور الشريف، ما هذا الأداء؟!، حرفية مُنقطعة النظير، تأخذك إلى عالم الرواية أو القصة المكتوبة دون أن تدرى، فتجد نفسك مُرغمًا أسير للشخصية التى يُقدمها، ومُتابعًا للعمل ككل دون كلل أو ملل، وفى عائلة الحاج متولى الفانتازيا التى عرضها المؤلف مصطفى محرم بكوميديا راقية عالية المستوى، كان اختياره للمبدع نور الشريف مُوفقًا فلا أتخيل غيره من الممكن أن يكون الحاج متولى، وفى سعد الدالى كان الرهان الكبير الذى كسبه كل من اشترك فى هذا العمل وعلى رأسهم الراحل الخلوق، فها هو يقدم من جديد شهادة إبداعه كواحدٍ من أفضل من أنجبهم الفن المصرى على مر العصور، وفى الرجل الآخر كان لأدائه طعم مختلف، مثلما الحال فى العطار والسبع بنات.

نور الشريف أو محمد جابر، لا يهم، فالفنان هنا لا ينفصل إطلاقًا عن الإنسان، كلاهما شخصية واحدة عظيمة معطاءة، مُحبة، تعشق ما تُقدمه، تتنفس الرُقى فى شتى مناحى الحياة، فتلفظه فى صورة أعمال خالدة، كان صابرًا على مرضه، راضيًا بقضاء الله، لم يتوقف عن عمله رغم المرض الذى كان ينخر فى جسده يومًا بعد يوم، وبعد ما شهدناه من عام 2015 يُمكننى القول: نعم.. رحل آخر الرجال المحترمين، رحمك الله أيها القدير المبدع وجعل ما عانيته فى أواخر أيامك فى ميزان حسناتك أن شاء الله، فأنت باقيًا معنا رحلت بجسدك، وأعمالك وسيرتك الطيبة هنا نتوارثها جيل بعد جيل ونفخر أن كان بيننا فنان بقيمتك، بقيمة نور الشريف، وإنَّا لله وإنَّا إليه راجعون.








مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة