وقال شكرى فى كلمته أمام أعمال مؤتمر "المعارضة السورية من أجل الحل السياسى فى سوريا" الذى يشارك فيه أكثر من 150 شخصية تمثل مختلف أطياف المعارضة السورية، "من هذا المنطلق، عملت بعض القوى والشخصيات الوطنية السورية على تشجيع دور مصر وطلب دعمها ورعايتها لجهد سورى وطنى خالص، وجاءت استجابة مصر لهذه الجهود تأسيساً على حرصنا الطبيعى على الحفاظ على سوريا، واستجابةً لمتطلبات الأمن القومى العربى، ومن خلال البناء على مصداقية سياسة مصر تجاه الأزمة منذ بدايتها. فمصر لم تتدخل ولن تتدخل يوماً فى شأن شعب عربى شقيق، فمصر لم تسع لتطويع الثورة السورية أو توظيفها تحقيقاً لمصالحها وأهدافها، وستظل دوماً على استعداد لتقديم يد العون والرعاية لأشقائها العرب".
تقريب وجهات نظر قوى وشخصيات المعارضة الوطنية السورية بدأت فى القاهرة
وقال شكرى "إن عملية تقريب وجهات نظر قوى وشخصيات المعارضة الوطنية السورية التى بدأت فى القاهرة فى يناير الماضى، أثمرت حتى الآن عن "نقاط عشر" تم التوافق عليها، وتطورت تلك العملية بالارتكاز على جهودكم لنلتقى هنا اليوم فى مؤتمر موسع يستهدف صياغة تصور يتأسس على تلك النقاط التوافقية، ويتضمن رؤية واضحة لمستقبل سوريا، وصيغة تنفيذية لوثيقة جنيف، وبحيث يتم طرح هذا التصور على الشعب السورى والمجتمع الدولى من أجل الحل السياسى.
سيطرة الطائفية وانتشار الميليشيات الإرهابية على معظم الأراضى السورية يهدد مستقبل المنطقة
وشدد سامح شكرى على أن سيطرة الطائفية وانتشار الفوضى والتنظيمات والميليشيات المتطرفة والإرهابية على معظم الأراضى السورية، هو أمر يهدد مستقبل المنطقة برمتها ولا يمكن السكوت عليه، أو القبول به باعتباره أمراً واقعاً، كما أن التجربة أثبتت أن مواجهة خطر تلك التنظيمات وإعادة توحيد الأراضى السورية، لن تتحقق دون التوصل لتسوية سياسية، تسوية مبنية على وثيقة جنيف، تبدأ بإنشاء هيئة حكم انتقالية تتمتع بكل الصلاحيات التنفيذية، وتكتسب شرعيتها من الشعب السورى ومن الاعتراف الدولى بها باعتبارها صيغة توافقية مدعومة من قبل المجتمع الدولى، وبحيث تتمكن تلك الهيئة بمؤسساتها المختلفة من إدارة عملية عودة المهجرين وإعادة الاستقرار وإنفاذ القانون، وتتمكن من جذب الدعم الداخلى والخارجى مواجهة القوى المسلحة الرافضة للتسوية ولكى تتمكن هيئة الحكم من ممارسة السيادة على كل الأراضى السورية.
شعب مصر وسوريا كان وسيظل شريان العروبة وقلبها النابض
وقال شكرى "إن شعب مصر وسوريا كان وسيظل شريان العروبة وقلبها النابض، وإن كان التاريخ قد جمع بيننا فى حقبة لم تخل من التحديات، فإنه لمن الطبيعى، بل لمن الواجب علينا، أن نوحد جهودنا اليوم وغداً لمواجهة المخاطر العاصفة الذى تحيط بأمتنا العربية وتهدد مستقبلها، بل وتهدد بقاء دولها وشعوبها"، موضحاً "أن حديثى إليكم اليوم غير مبنى على مواقف مسبقة، ولا يجول بذهننا كمصريين، شعباً ودولة، رؤية تتأسس على شخصيات أو قوى بعينها أياً كانت توجهاتها، بل أن وجودنا معكم اليوم وغداً وفى المستقبل، يتأسس على دعم شعب شقيق ورعاية خياراته وتطلعاته وطموحاته المشروعة للتغيير وبناء دولة ديمقراطية تعددية تساوى فى الحقوق والواجبات بين كل السوريين أياً كانت انتماءاتهم، دولة مؤسسات، موحدة، وذات سيادة على جميع الأراضى السورية".
وأضاف شكرى " لقد أثبتت التجارب فى المنطقة منذ اندلاع الثورات فى عام 2011، أن الكلمة الأخيرة ستظل للشعوب العربية، وأن بقاء تلك الشعوب ليس رهناً بحاكم أو بقوى خارجية أياً كانت، وأن الديمقراطية ليست حلماً بعيد المنال، بل هدف قابل للتحقيق بالتعاون الجدى بين الشعب والدولة، وبالتوازى مع الحفاظ على الاستقرار والمؤسسات"، مشيراً إلى أنه فى مارس 2011 انطلق الحراك الشعبى السورى "حراكاً سلمياً يتطلع للتغيير، إلا أن النهج الأمنى العنيف، وعدم إدراك طبيعة المرحلة، أدى لازدياد حدة الاحتجاجات والمواجهات وسقوط الأبرياء، فتدهورت الأوضاع على مدار السنوات الأربع الماضية، وزادت التدخلات الخارجية فى الشأن السورى بصورة غير مسبوقة، وسمح للميليشيات والمقاتلين الأجانب والسلاح بالعبور للداخل السورى للقتال فى صف طرف أو آخر، فقضى على الحراك السلمى، وتحولت الأوضاع إلى صراع مسلح بالوكالة، وتحولت الأراضى السورية ملاذاً آمناً ومرتعاً للإرهابيين من كل حدب وباتت سوريا رهينة لطائفية بغيضة تعمق أزمتها وتباعد بينها وبين الحل السياسى".
فاتورة مأساة سوريا لم يتحملها سوى أبناء الشعب السورى
وأكد وزير الخارجية "أن فاتورة مأساة سوريا لم يتحملها سوى أبناء الشعب السورى، قتلاً وتدميراً وتهجيراً غير مسبوق فى التاريخ الحديث، ورغم عبارات وحملات التعاطف من قبل المجتمع الدولى، لم تزل الأزمة قائمة، ولم يزل الشعب السورى يعانى، ولم تزل المصالح الضيقة والطائفية تتحكم فى حاضر سوريا وتهدد بتدمير مستقبلها"، لافتاً إلى أن المجتمع الدولى لم ينجح حتى الآن فى الخروج بتوافق حول صيغة تنفيذية للتسوية السياسية فى سوريا بناءً على الوثيقة الوحيدة المتفق عليها وهى وثيقة جنيف، وقال "ولست هنا فى معرض الحديث عن أسباب ذلك، إلا أنه يتعين علينا الوقوف على واقع الأمور على الأرض، فالعملية السياسية جمدت لفترة طويلة، والعمليات العسكرية المتصاعدة أصبحت أكثر جذباً للجهود والإمكانيات الدولية والإقليمية على حساب التسوية السياسية".
ووجه شكرى حديثه للحاضرين بقوله "إنكم كباقى الشعب السورى، تحملتم ما لا يطيقه بشر، فمنكم من اضطر لمغادرة وطنه والإقامة بالمنفى، ومنكم من هدمت منازله أو فقد ممتلكاته، بل ومنكم من فقد الابن أو الزوج أو الأخ أو الصديق، ورغم معاناتكم، وتضحياتكم من أجل مستقبل سوريا، فإن المهمة السياسية التى تقع على عاتقكم مازالت ثقيلة، وإننا إذ ندرك حجم الضغوط التى قد تتعرضون لها من أطراف من هنا وهناك تأقلمت على الصراع ووجدت به غايتها من مصالح سياسية أو شخصية، فإننى أؤكد لكم أن مصر شعباً ودولة ستقف وراءكم لدعم جهودكم للتوصل للحل السياسى، ولتمكينكم من الالتزام بواجبكم تجاه شعب محمل بالمآس".
وأضاف شكرى "وإذ إننى على ثقة بأنه فى سبيل تلك الغاية النبيلة، والدور التاريخى الذى فرض عليكم، وحكم التاريخ علينا جميعاً فى المستقبل، فإنكم ستتمكنون من تجنيب أية اختلافات فى وجهات النظر، وتوحيد جهودكم استجابةً لتطلعات شعبكم، وسعياً لتوسيع رقعة تبنى تصوركم المطروح للحل السياسى. وإيمانى هنا أن إنقاذ أرواح الأطفال السوريين يستحق بذل جهد استثنائى لتحقيق التوافق والترفع عن الكثير من الخلافات حول صغائر الأمور".
لا حل إلا سياسى للأزمة
من جانبه أكد الدكتور نبيل العربى الأمين العام لجامعة الدول العربية، أن تفاقم الأزمة السورية وحجم ما خلفته من دمار وحمام دم يفرض ضرورة تتبع ما تم اتباعه من سياسات، مؤكدا أن الجميع أدرك أنه لا حل إلا سياسى للأزمة، مطالبا بتضافر جميع الجهود، مؤكدا أنه فى بداية عمله شارك كدبلوماسى مصرى فى الجمهورية المتحدة، مطالبا بالعمل الجاد لابتكار صيغة مناسبة لتفعيل نقاط بيان جنيف عام 2012.
وقال العربى فى كلمته إن الانتقال الديمقراطى ووضع آلية لكيفية تحقيق ذلك هى نقطة البداية، محملا النظام السورى تداعيات الأزمة من خلال اللجوء للحل العسكرى، مما تسبب فى سقوط آلاف الأبرياء، مشيرا إلى أن ذلك أدى لانتشار الميليشيات الإرهابية فى البلاد، مما أثر على أمن الدولة السورية وعلى استقراراها، مؤكدا أن الحل فى سوريا لابد أن يكون سلميا وبإرادة سورية سياسية، مشيراً إلى أن جامعة الدول العربية فتحت اتصالا مع المعارضة عقب اندلاع الثورة السورية وأنه عقد مؤتمر للمعارضة فى الجامعة لأكثر من 200 شخصية لتوحيد جهود المعارضة السورية، مشيرا إلى أن رعاية الجامعة لهذا المؤتمر فى ذلك الحين تبنى وثيقتين رئيستين أولهما الرؤية السياسية لحل الأزمة والثانية وثيقة العهد الوطنى، وأعرب عن أمله عن يتم الاستفادة منهم والاعتماد عليهم.
كما أعرب عن أمله أن ينجح المؤتمر فى توحيد الجهود وأن تسهم الاجتماعات فى رؤية سياسلية شاملة للأزمة، مؤكدا أن منذ 4 سنوات لجمع المعارضة السورية حول رؤية واضحة ولم يتم النجاح فى ذلك، مناشدا كل القوى والفصائل المعارضة أنه فى ظل شلال الدماء أن تتوحد الفصائل لحل الأزمة.
البرلمان العربى يقف خلف إرادة أطياف الشعب السورى
من جهته قال أحمد الجروان رئيس البرلمان العربى إنه يتابع بقلق ما يحدث فى سوريا محملا النظام السورى مسئولية ذلك، وطالب المجتمع الدولى بالتحرك لإيجاد حل للأزمة السورية، وأكد أن حل الأزمة السورية سيكون سوريا خالصا وأن البرلمان العربى يقف خلف إرادة أطياف الشعب السورى، مطالباً المعارضة للعمل بشتى الطرق لحل الأزمة فى سوريا سياسيا ودبلوماسيا، وأن تتم تنحية الخلافات جانبا للوصول لحل يوقف نزيف الدم فى البلاد.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة