رغم إعاقته وإصابته بالعمى منذ عام 1986 لفترة ظلت لمدة تصل إلى 30 عاما، ولكن لا يمنعه ذلك عن استمراره فى أداء عمله وحصوله على لقمة عيش دون الحاجة إلى شخص، "عم نبيل" تخطى إعاقته برغم كل الظروف العصيبة التى واجهته فى الثلاثين عام الماضين، من يلقى نظرة أولية على ورشة عبد العال متولى السيد وشهرته "عمو نبيل" لإصلاح السيارات فى منطقة العمرانية بالجيزة لا يلفت نظره شيئا غير عادى بل يعمل كل شىء بمفرده، بداية من نزوله من منزله وإلى عمل كوب الشاى وأيضا ممارسة مهنته التى قد تعلمها لفره تصل إلى 10 سنوات قبل إعاقته.
بداية الإصابة ورحلة المشقة
يروى "عم نبيل" بداية إصابته بالعمى التى جاءت حين كان جالسا يوم 14/6/1986 أمام ورشة شقيق زوجته المهندس سيد بمنطقة الجيزة، وفوجئ بشخص يهجم على المارة فى الشارع ويطلق عليهم الخرطوش، متابعا أنه كان لواء فى الداخلية، وقد تمت إحالته إلى المعاش المبكر من قبل وزارة الداخلية، وذلك الأمر الذى قد جعله يمر بحالة نفسية عصيبة جعلته يفقد أعصابه ويقتل مواطنا ويصيب آخرين، وسرعان ما ذهب اللواء إلى شقته بعد وصول قوات الأمن لمحاولة القبض عليه إلا وأنه قتل نفسه برصاصه قبل وصول قوات الأمن إلى شقته.
بدأت بعد ذلك رحلة عم نبيل للبحث عن علاج مناسب لحالته الذى أطلق عليه طلقة الخرطوش ووقع على الأرض بعدها وفقد نظره الذى شعر وقتها أنه فقد الحياة وما فيها، استمر بعد ذلك فى البحث عن علاج من دكتور إلى آخر، والأمر لن ينتهى.
وأكد "عم نبيل" أن شقيق زوجته لم يتركه عند إصابته، وظل يسانده حتى إلى رحلة علاجه إلى إنجلترا، التى لم يحصل منها على شىء لمحاولة استرجاع نظره الضائع من موقف طائش، ليس ذنبه.
الزوجة الأصيلة ترفض التخلى عن عم نبيل
عاد عم نبيل من رحلة إنجلترا "وكأنك يابو زيد ما غزيت" احتاجت العملية لمبلغ ضخم من المال والأمل فيها ليس أكيدا، لكن كل ذلك لم يوقفه عن العودة إلى حياته الطبيعية، فى سبيل إرضاء وإسعاد زوجته الأصيلة التى رفضت أن تتركه وهى فى شبابها، ومعه طفلان، عاش عم نبيل فى حالة يملؤها العناء والمشقة، إلا أن زوجته كانت بصره فى منزله، أطلعته على كل ما يحتاجه، بالفعل استطاع عم نبيل تخطى الأزمة التى كانت تواجه فى المنزل، وبدأت مرحلة العودة إلى العمل.
سافر زوج أخته للعمل خارج البلاد، وترك ورشته المتخصصة فى ميكانيكا السيارات، ليعتبرها أقل تعويض له وللأيام الصعبة، نقل عم نبيل الورشة إلى أسفل العقار الخاص به، حتى لا يعانى من الذهاب إلى منطقة أخرى والعودة إليها، استطاع بالفعل أن يستعيد عمله بمرافقة ذراعه اليمنى الذى ظل يعمل معه من عام 1994، اعتبره ابنه الذى لا يستطيع الاستغناء عنه فى العمل.
أحمد حسن شاب مصرى رفض الذهاب إلى خارج البلاد للعمل وظل مستمرا فى العمل مع "عم نبيل" الكفيف الذى اعتبره والده، رافضا تركه لأى حال من الأحوال، قال أحمد: "عم نبيل أحبه وتعلمت منه المهنة، ومبعرفش أشتغل حاجة فى العربية من غير لمساته الأخيرة، مبقدرش أسيبه قاعد ولازم يتمم على الشغل بنفسه علشان يقولى تمام ياحمد وقفل".
يروى عم نبيل عن مأساة البحث عن شقة التى قدم لها بمحافظة الجيزة منذ عام 2010 ويبحث عنها حتى الآن، لكن المحافظة "ودن من طين وودن من عجين" على حد قوله.
يطالب بزرع قرنية
وعن الحاث الأليم الذى تعرض له عم نبيل قال "مازلت أصحى كل صباح والدموع تغرق عينى، أتذكر ذلك اليوم بكل مشاعرى". ومن المبهج فى حياة عم نبيل أن لديه ولدين وهما خريجان كليات الهندسة.
وجه عم نبيل رسالة بمد يد العون والحنان للمعاقين، وأى طلب للمعوق يستجاب من قبل الدولة، لأن المعاق ليس من ذنبه أنه معاق، وطالب بزرع قرنية لمحاولة العودة إلى الحياة التى يفتقدها منذ حوالى 30 عاما.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة