وفى الوقت الذى اتفق فيه خبراء القانون والفقهاء الدستوريون على وصف تقرير هيئة المفوضين بالمحكمة الدستورية، الذى أوصى بعدم دستورية تلك المواد، بأنه غير ملزم للمحكمة الدستورية، كان هناك تضاربا فى الآراء حول تأثير حكم المحكمة بعدم دستورية كل أو بعض تلك المواد على الإجراءات التى تم اتخاذها بالفعل، التى كان آخرها تلقى طلبات الترشح.
وشدد عدد من الخبراء القانونيين على أن أكثر الطعون خطورة على العملية الانتخابية برمتها هو الطعن المقدم على قانون تقسيم الدوائر الانتخابية، لافتين إلى أنه فى حالة قبول المحكمة الدستورية لهذا الطعن سيؤدى حتما إلى بطلان الإجراءات السابقة وبدء عملية انتخابية جديدة بعد تعديل القانون بما يتفق مع الدستور.
وأوضح الخبراء أن قبول الطعن على مواد قانونى الانتخابات البرلمانية، ومباشرة الحقوق السياسية، لن يؤدى إلى بطلان ما تم اتخاذه من خطوات فعلية من إجراءات الاستحقاق الثالث والخير من خارطة الطريق.
وعلى الجانب الآخر رأى المحامى أسعد هيكل، أحد أصحاب الدعوى المنظورة أمام المحكمة الدستورية العليا، أن قبول الطعن بعدم الدستورية على أى نص من النصوص السابقة يترتب عليه وقف إجراء الانتخابات البرلمانية، نظرا لأن الحكم بعدم دستورية نص يجعل الأسس التى بنى عليها ما سبق من إجراءات غير سليمة.
الطعن على قانون تقسيم الدوائر هو الأخطر
ومن جانبه أكد الخبير الحقوقى ناصر أمين مدير مكتب الشكاوى بالمجلس القومى لحقوق الإنسان، أن تقرير هيئة المفوضين بالمحكمة الدستورية العليا حول القوانين المنظمة للعملية الانتخابية غير ملزم للمحكمة، موضحا أنه للمحكمة الدستورية أن تأخذ بالتقرير كلية أو ترفضه كلية أو تأخذ منه فقرات ومواد وتترك أخرى.
وفى الوقت ذاته، أوضح ناصر أمين، فى تصريحات خاصة لـ"اليوم السابع"، أن هيئة المفوضين بالمحكمة الدستورية العليا مشكلة من مستشارين كبار على قدر عال من الوعى والإدراك الدستورى، قائلا "وغالبا ما يكونون أصحاب الأحكام وبنسبة 95% تأخذ المحكمة الدستورية بآرائهم وتوصياتهم".
وأضاف المحامى الدولى ناصر أمين، أن أخطر الطعون المنظورة أمام المحكمة الدستورية هو الخاص بقانون تقسيم الدوائر الانتخابية، مشيرا إلى أنه فى حالة الحكم بعدم دستورية مواد القانون سيتم إلغاء كل الإجراءات السابقة وفتح باب الترشح مرة أخرى، أو منح المرشحين فى تغيير دوائرهم، بعد تعديل القانون على أن يتفادى ملاحظات المحكمة الدستورية.
وأشار أمين إلى أن تعديل قانون تقسيم الدوائر الانتخابية قد ينصب على كل الدوائر الانتخابية أو يقتصر على الـ9 نماذج التى يشوبها الخلل، كما ذكر تقرير هيئة المفوضين بالمحكمة الدستورية، موضحا أن تعديل القانون وإعادة إجراءات الانتخابات مرة أخرى قد يعطل الاستحقاق لمدة شهرين، لافتا إلى أن طول أو قصر تلك المدة يتوقف على مدى قدرة مجلس الوزراء على تعديل القانون وتلافى أى عوار دستورى به.
وأضاف الخبير الحقوقى أنه فى حالة قبول الطعن المقدم على قانون الانتخابات لن يكون هناك مشكلة كبيرة، وأنه سيكون على اللجنة العليا للانتخابات تعديل قرارها فيما يخص الدعاية الانتخابية، مؤكدا أن الحكم بعدم دستورية مواد بقانون مباشرة الحقوق السياسية لن يكون له تأثير على العملية الانتخابية، قائلا :"تلك القوانين خاصة بالبرلمان نفسه وعملية التصويت ولا تتعلق بالإجراءات السابقة وبالتالى تجرى الانتخابات فى موعدها بشرط تعديل تلك القوانين وقرارات اللجنة العليا".
واتفق معه المحامى عصام الإسلامبولى الفقيه القانونى والدستورى، مضيفا أن الطعن الذى تقدم به هو الآخر أمام المحكمه الاإدارية العليا على القرار الخاص بإجراء الانتخابات بالنسبة للمصريين فى الخارج، من الممكن أن يؤدى إلى إعادة الإجراءات السابقة مرة أخرى وتأجيل العملية برمتها.
وأوضح الإسلامبولى أن هيئة المفوضين بالمحكمة الدستورية العليا من المقرر أن تصدر تقريرها عن الطعن السابق الإشارة إليه غدا السبت، لافتا إلى أن الطعن شمل اشتراط الجنسية المنفردة فى المرشح، حيث إن الدستور لم يشترط أن يكون المرشح الذى يمثل المصريين فى الخارج حمل الجنسية المصرية فقط.
وأضاف الإسلامبولى أن القانون أخل بفكرة التمثيل الملائم، حيث خصص 8 مقاعد فقط لتمثيل قرابة 10 ملايين مصرى، وأنه أخل أيضا بمبدأ تكافؤ الفرص، حيث لم يخصص دوائر خاصة المصريين فى الخارج بل جعلهم يتنافسون مع مصريين مقيمين فى الداخل على ذات المقاعد.
وأشار الفقيه الدستورى إلى أن قبول الطعن على قانونى تقسيم الدوائر الانتخابية والمادة رقم 37 الخاصة بالجنسية بقانون مجلس النواب، سيؤدى إلى إيقاف العملية الانتخابية بأكملها وإعادة الإجراءات مرة أخرى بقرار من القضاء الإدارى، لافتا إلى أن ذلك من الممكن أن يستغرق ما يقرب من شهران.
"الإقليمى للدراسات": قبول الطعون يؤجل الانتخابات 6 أشهر
بدوره قال المركز الإقليمى للدراسات الإستراتيجية بالقاهرة، إن قبول المحكمة الدستورية لجميع الطعون، خاصة الحكم ببطلان المواد الخاصة بتقسيم الدوائر يعنى تأجيل الانتخابات لفترة طويلة قد تتجاوز الـ6 أشهر، الأمر الذى سيؤدى إلى حدوث ارتباك فى المشهد السياسى الذى أخذ طابع الاستقرار بعد غلق باب الترشح، وأيضا تأخر المرحلة الثالثة من خريطة الطريق، بالإضافة إلى تأثيره السلبى على المؤتمر الاقتصادى الذى اقترب تشكيل ملامحه النهائية.
ورصد برنامج الدراسات المصرية بالمركز الإقليمى، فى دراسة له، 3 مسارات محتملة للعملية الانتخابية قبل حكم المحكمة الدستورية، المسار أو السيناريو الأول وهو الأقل ضررا - بحسب وصف دراسة المركز - هو أن تقوم المحكمة الدستورية العليا بقبول الطعون المقدمة بخصوص المادتين 6 من قانون مجلس النواب والمادة 25 من قانون مباشرة الحقوق السياسية فقط مع رفض الطعن الخاص بقانون تقسيم الدوائر.
وأشارت الدراسة إلى أن المسار السابق يمنع تحصين برلمان به عوار دستورى، وأيضا لا يحدث هبوط فى حالة الحراك السياسى، وفى هذه الحالة سيتم العمل على تعديل تلك المواد، بما يتفق مع رؤية المحكمة الدستورية، وبالتالى يمكن لرئيس الجمهورية أن يصدر قرارا بقانون ملتزما فيه بتوصيات المحكمة.
وفى حال تحقيق هذا السيناريو أكد المركز أنه قد تستمر العملية الانتخابية مع تأجيل جدول سير العملية الانتخابية لفترة قصيرة لا تتجاوز عدة أيام، خاصة أن المواد التى يقبل الطعن عليها هنا لم تتأثر بها الإجراءات التى تمت فى المراحل السابقة من العملية الانتخابية، حيث إن الدعاية لم تبدأ والانتخابات لم تجر بعد.
وأضاف المركز: "لذلك تماشيًا مع هذا السيناريو سيكون على لجنة الإصلاح التشريعى أن تجهز من الآن بدائل مكتوبة للتعديلات المقترحة التى يمكن أن تشملها رؤية المحكمة الدستورية، وذلك اختصارا للوقت الذى يستغرقه التعديل فى مراحله المختلفة حتى وصوله للرئيس للتصديق عليه".
والسيناريو الثانى هو استكمال إجراءات الانتخابات النيابية فى حال رفض الدستورية العليا الطعون المقدمة على قوانين العملية الانتخابية، لا سيما أن تقارير هيئة المفوضين استشارية وليست إلزامية للمحكمة، ويجد هذا الاتجاه سنده فى أنه لا يجوز الطعن على مجلس النواب بعد انعقاده، لأن أحكام المحكمة الدستورية نهائية ولا يجوز الطعن عليها، كما أن هذا المسار ربما يتماشى مع رغبة عدد من الاقتصاديين الذين يتخوفون من انعقاد المؤتمر الاقتصادى المقرر عقده فى مارس المقبل دون تحقيق نجاحات ملموسة فى استكمال المرحلة الثالثة من خارطة الطريق.
أما المسار الثالث يعنى أن صدور حكم بعدم دستورية المواد المشار إليها سابقًا، سيتم تأجيل الانتخابات النيابية حتى يتم تعديل المواد التى لا تتماشى مع منطوق الدستور، ويؤيد هذا السيناريو أن السوابق التاريخية لأحكام الدستورية العليا تُشير إلى أنها فى الأغلب الأعم تتطابق مع ما اقترحته هيئة المفوضين.
وعلى الجانب الآخر رأى المحامى أسعد هيكل، أحد أصحاب الدعوى المنظورة أمام المحكمة الدستورية العليا، أن قبول الطعن بعدم الدستورية على أى نص من النصوص السابقة يترتب عليه وقف إجراء الانتخابات البرلمانية، نظرا لأن الحكم بعدم دستورية نص يجعل الأسس التى بنى عليها ما سبق من إجراءات غير سليمة.
وأضاف هيكل فى تصريحات خاصة لـ"اليوم السابع"، أن الانتخابات فى جوهرها أهم حق من حقوق الإنسان باعتبارها عملية تتم لحماية حق الرأى وضمان التعبير عنه عن طريق النائب البرلمانى الذى يمثل الناخب.
وأوضح أسعد هيكل أن العملية الانتخابية تبدأ بعقد بين المرشح والناخب، قائلا "وإذا كانت الأسس القانونية لهذا العقد تغيرت أو طرأ عليها تعديل فى أى بند يصبح العقد باطلا وينبغى البدء من جديد بعقد آخر".
وأشار هيكل إلى أن إحدى المواد التى يرى البعض أنها غير مؤثرة هى الخاصة بتحديد سقف الإنفاق المالى على الدعاية الانتخابية، وهى محل طعن أمام المحكمة الدستورية، مشددا على خطورة تأثير قبول هذا الطعن على إجراء الانتخابات، قائلا "إذا كان هناك شخص كان يريد الترشح ولم يتخذ القرار بسبب سقف الدعاية الذى أصابه بالإحباط فيكون ذلك إخلال بمبدأ تكافؤ الفرص ويتوجب إعادة إجراءات العملية الانتخابية مرة أخرى، والكلمة الأخيرة فى هذا الأمر ستكون لمجلس الدولة".
موضوعات متعلقة:
بأمر القضاء.. "أحمد عز" خارج السباق البرلمانى..القضاء الإدارى يرفض طعنه على عدم قبول أوراق ترشحه ويستبعده نهائيا.. والحيثيات: رجل الأعمال عجز عن تقديم ما يثبت رفع التحفظ على أمواله وليس لديه حساب بنكى
عدد الردود 0
بواسطة:
مشمش
كان معروف مقدما ان قانون الانتخابات وتقسيم الدوائر به عوار دستورى وحذر الخبراء كثرا ,, من ذلك