الرجل تحمل الغربة بكل ما فيها من وحشة، مبتعدا عن زوجته وأمه المسنة التى يرعاها منذ أن فارق والده الحياة، و6 أبناء حرموا من شدة الأب ورحمته.
اعتاد عم عبد الله منذ أن استلم مهام وظيفته أن يستيقظ مبكراً كل صباح حاملاً أدواته ومعداته التى حملها عهده على عاتقه، يجوب الشوارع والطرقات، منظفاً ومنسقاً ومهذباً ومصلحاً ما أتلفه الآخرون، كان فى ممارسته مهام عمله كالرسام الذى يسير بريشته على الألواح الورقية ليخرج أروع البورتريهات، أو كالنحات الذى يدقدق الصخور فيحولها إلى تماثيل وقصور، هكذا كان فناناً مبدعاً رسم الشوارع المصرية بمقشة وجروف ليكسوها فى النهاية بثوب العفة.
وذات صباح، استيقظ عم عبد الله كعادته قبل أن يستيقظ الجميع، متوجهاً لمهمته السامية، وجاء توزيعه الجغرافى لدائرة عمله بالمجاورة الـ10 بالحى الحادى عشر بمدينة السادس من أكتوبر، فحمل عدته على كتفه وتوجه إلى مكان عمله، وأثناء رفعه مخلفات المنازل من داخل أحد صناديق القمامة اسفل العقار رقم 10، اشتبه فى جسم غريب يشبه "كولمان المياه"، وأثناء محاولته فحصه لتبين أمره، انفجر الجسم الغريب، واتضح فيما بعد أنه عبوة ناسفة زرعها مجهولون، ليغتال بها رجل تفنن فى الحفاظ على البلد نظيفة، توفى عم عبد الله وتحولت جثته إلى أشلاء، وتم نقله إلى المستشفى العام، وأمرت النيابة بدفنه وتشريح جثته.
رحل عم عبد الله تاركا خلفه زوجة، و3 بنات، و3 أولاد، وأمًا مسنة، لم يكن لها فى الحياة سواه فهو الذى يرعاها، وهو الذى يكد ويعمل من أجل توفير لقمة العيش لها ولباقى أفراد اسرته، تيتم الأبناء وترملت الزوجة، ويبدوا أن اليد التى امتدت وزرعت قنبلة داخل صندوق قمامة صعب عليها أن ترى يدًا تنظف البلد فاغتالتها.
موضوعات متعلقة:
مصرع عامل نظافة نتيجة انفجار جسم غريب فى منطقة إسكان الشباب بأكتوبر
عدد الردود 0
بواسطة:
m.m
رجاء القراءة