وفى محاولة من "اليوم السابع" للتعرف على ما يدور داخل هذا العالم المشبوه، قمنا بإنشاء بريد إلكترونى وهمى، وإرساله إلى عشرات من الشركات والسماسرة الذين يعملون فقط فى بيع الملفات، وتضمنت الرسالة أننا شركة جديدة ونريد شراء مجموعة من الملفات وخاصة ما يتعلق بالفيروسات الكبدية والمهدئات، وبمرور بضع ساعات على ذلك تلقينا عشرات الردود التى تضمنت قوائم بأسعار الملفات المعروضة للبيع، ووضعها بالإدارة المركزية للصيدلة.
وأوضحت القوائم أن سعر بيع ملف دواء خاص بغرف الإنعاش هو 6 مليون جنيه، والمهدئات 800 ألف جنيه، والترامادول 2 مليون ونصف، ودواء لفيروس بى مليون جنيه، والمكملات الغذائية مليون و200 ألف جنيه، وهشاشة العظام 650 ألف جنيه، وضغط الدم 600 ألف جنيه، وملفات للمضادات حيوية تراوحت أسعارهم ما بين 400 ألف جنيه و 2 مليون ونصف، والسكر 200 ألف جنيه، فيما بلغت قيمة بيع ترخيص شركة تول 600 ألف جنيه، رغم أن رأس مالها فقط 70 ألف جنيه، بجانب التأكيد على أن نسبة العمولة عند اتمام صفقة بيع أى ملف هى 5%.
وفى تعليقه على هذا، قال محمود فؤاد رئيس المركز المصرى للحق فى الدواء، فى تصريحات خاصة لـ"اليوم السابع"، أن التلاعب ببيع ملفات الأدوية يترتب على نظام "البوكسات" للتسجيل فى الإدارية المركزية للصيدلة، مشيرا إلى أن ورق تسجيل الدواء أو اسم الدواء للشركة يتكلف 25 ألف جنيه رسميا، إلا أن الشركة تبيع الأوراق الخاصة بعملية التسجيل بملايين الجنيهات بعد مرور فترة.
وأضاف فؤاد: "هناك حوالى 300 شركة تول (التصنيع لدى الغير) على الورق فقط للعمل فى مجال بيع وشراء ملفات الأدوية، دون انتاج حقيقى لها، والإدارة المركزية للصيادلة تتعامل فى حوالى 17 مليون جنيه مبيعات لملفات الأدوية سنويا، وعدد كبير من العاملين بالمجال هم من الموظفين الحاليين بالإدارة أو السابقين أو زوجات العاملين بالإدارة".
فيما أشار الدكتور على عوف رئيس غرفة شعبة الدواء باتحاد الغرف التجارية، إلى أن السياسات الخاطئة والمتخبطة لإدارة شئون الصيدلة المركزية والجرى خلف الشركات وكبار رجال الأعمال يؤدى لاستنزاف موارد الشركات الصغيرة التى تدفعها لبيع ملفات لجلب أموال تمكنه من الاستمرار فى اعماله، موضحا أن كل مصنع له حق تسجيل ملفين فى الشهر والشركة التول ملف واحد شهريا، لذا يلجأ أصحاب المصانع إلى الحصول على تراخيص 3 شركات تول ليحصل على ملف لكل شركة.
ووصف عوف تلك الأعمال بـ"اللعبة القذرة" من بعض الشركات لفتح أكثر من شركة لإغلاق الأسعار على باقى الشركات ويظل صاحب الملف وحده الذى لديه ذلك النوع من الأدوية، موضحا أن الوضع العام لشركات التول يؤكد وجود 1000 شركة تول، إلا أنه فى الحقيقة من بينهم 500 شركة ملك لمصانع، مطالبا وزارة الصحة بفتح "البوكسات" لإغلاق الباب أمام تلاعب الشركات وانخفاض أسعار الملفات.
من جانبه، قال الدكتور محى عبيد نقيب الصيادلة، أنه يرفض الاتجار بالملفات بالشكل الذى يعطل الشركات عن الانتاج وتعمل بشكل كامل على بيع أوراق الدواء فقط، مشيرا إلى أن بعض الشركات تتعرض لظروف طارئة تجعلها تلجأ لبيع منتجها لعدم قدرتها على تسويقه، لافتا إلى أن شركات التول هى أكثر من يعلمون بها بعد انتاجهم لتشغيله أو أثنين من الدواء لتحقيق أرباح، موضحا أن إحدى النتائج السلبية التى يواجهها الصيادلة لهذه الأعمال هو أن الشركات تضطر للحصول على موافقة وزارة الصحة على التسجيل لابد ان تنتج 3 تشغيلات من الدواء، والذين تم توزيعهم بالأسواق، ثم تبيع الملف فيتغير اسم الدواء، ولا يجدون مثائل لأنواع عديدة لا تملكها سوى الشركات الكبرى لاحتكارها الأصناف، مما يترتب عنه تحمل الصيدلى لخسائر كبيرة نتيجة لاختفاء الشركة.
فيما وصف الدكتور محمد سعودى وكيل نقابة الصيادلة السابق، تلك التجارة بــ"المحرمة اخلاقيا" رغم أنها غير مجرمة بالقانون، وتتم تحت رعاية وزارة الصحة لتعاملها مع الأمر كأنه نقل ملكية قطعة أرض من شركة لأخرى، مؤكدا أنها وليدة لسياسة تسجيل "ساذجة" تعطى الأولوية لمن يقدم أولا قبل الأخر وليس قدرته على الانتاج من عدمه، مضيفا: "نظام التول والتصنيع عند الغير والملفات جميعها أمور فاسدة فلا يوجد دولة فى العالم لديها جهتين لتسجيل الدواء معهد التغذية ووزارة الصحة و12 مثيل للدواء الواحد، أو كم الأدوية مثل مصر التى لديها 14 ألف دواء موجودين، وتقريبا أعداد مماثلة تحت التسجيل.
وأوضح سعودى، أن بيع الملفات يترتب عليه احتكار كل شركة أو مصنع لديه عددا من شركات التول للأدوية، حيث يستخدمهم فى الاستحواذ على السوق ومنع وجود منافسين له، ويتسبب فى عبئ مادى على المريض والصيدلى وتتحول العبوات إلى أدوية منتهية الصلاحية وعملة صعبه يتم إلقائها فى الأكياس السوداء، وهو وضع بمثابة استنزاف لموارد الدولة.
وردا على ذلك، قال الدكتور طارق سالمان مساعد وزير الصحة لشئون الصيدلة، فى تصريحات لـ"اليوم السابع"، أن أحد أسباب الاعتراضات من قبل بعض الشركات العاملة فى قطاع الأدوية على قرارا التسجيل رقم ٤٢٥ لسنة ٢٠١٥، والذى أقرته الوزارة مؤخرا لأنه يحد من التجارة بالملفات، حيث اشترط عدم جواز نقل ملكية الملف إلا بعد مرور 3 سنوات على تاريخ تداوله بالصيدليات ، بالإضافة إلى أنه يتم إلغاء إخطار التسجيل وسحب ترخيص المستحضر إذا لم يتم انتاجه خلال 18 شهر من إصدار قرار التسجيل، ونهائيا حال عدم انتاجه لعامين متواصلين من تاريخ انتهاء صلاحية أخر تشغيله.
وأضاف: "الملف أصل من أصول الشركة صاحبة المستحضر، لذا فمن حقها التعامل به من حيث البيع أو الشراء، وعليه فإن دور الإدارة المركزية للشئون الصيدلية هو مراقبة سوق الدواء لمنع الممارسات الاحتكارية من الشركات".
موضوعات متعلقة :
- اتحاد المهن الطبية يسند إدارة جهاز التمغة لنقيب الصيادلة
- نقابة الصيادلة تشارك "البحث العلمى" فى تحديد خطة الإستراتيجية القومية
- جهاز حماية المنافسة يحيل أربع شركات لتوزيع الأدوية إلى النيابة العامة
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة