قال الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر، إن ما يذاع ويبث على بعض الفضائيات المخصصة لسب صحابة الرسول -صلى الله عليه وسلم- وفى مقدمتهم الخليفة الأول أبو بكر الذى بايعه سيدنا على -رضى الله عنه، وكذلك سب السيدة عائشة، ليس له منطق يبرره، ولا أريد أن أسترسل فيه؛ لأننى حريص على وحدة المسلمين، وهذه القنوات تستهدف شباب أهل السنة الذى بدأت الخطط الجهنمية تشتريه بأموال لتنحرف به عن الجادة.
وأضاف الطيب فى برنامجه الأسبوعى الذى من المقرر أن يذاع غدا الجمعة، على الفضائيَّة المصرية: أن القرآن الكريم نص على تخصيص بعض الفيئ للنبى صلى الله عليه وسلم، فى سورة الحشر، قال تعالى: (مَا أَفَاءَ اللَّه عَلَى رَسُوله مِنْ أَهْل الْقُرَى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ)، وذلك أن الله تعالى خص نبيه -صلى الله عليه وسلم- بفيئ، أى: أرض زراعية من قُريظة والنضير بالمدينة، وفدك على بعد 3 أيام من المدينة، فكان النبى، ينفق منها على أهله نفقة، ويرد الباقى ليصرف فى إعداد جيش المسلمين، إلى أن تُوفِّى النبى -صلى الله عليه وسلم- ذهبت السيدة فاطمة -رضى الله عنها- لأبى بكر تطلب منه أن يورثها هذه الأرض باعتبار أنها كانت ملكًا لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأنها وارثته الوحيدة.
وكان قد ثبت عند أبى بكر وكثير من الصحابة أن النبى -صلى الله عليه وسلم- قال: "نحن معاشر الأنبياء لا نورث، ما تركناه صدقة" وانطلاقًا من هذا المعنى اعتذر أبو بكر عن تسليم الأرض للسيدة فاطمة رضى الله عنها"، وقد تفهمت السيدة فاطمة هذا الموقف وانتهى.
وتابع الإمام الأكبر: لكن بعض الشيعة شنوا حربًا شعواء على أبى بكر -رضى الله عنه-، وأنه منعها حقها وظلمها، واحتجوا بحديث مروى عندنا فى صحيح البخارى عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ عَائِشَةَ رَضِى اللَّهُ عَنْهَا زَوْجِ النَّبِى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهَا أَخْبَرَتْهُ أن فَاطِمَةَ بِنْتَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرْسَلَتْ إلى أَبِى بَكْرٍ الصِّدِّيقِ رَضِى اللَّهُ عَنْهُ تَسْأَلُهُ مِيرَاثَهَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِمَّا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَيْهِ بِالْمَدِينَةِ وَفَدَكَ وَمَا بَقِى مِنْ خُمُسِ خَيْبَرَ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ رَضِى اللَّهُ عَنْهُ أن رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَا نُورَثُ مَا تَرَكْنَا صَدَقَةٌ إِنَّمَا يَأْكُلُ آلُ مُحَمَّدٍ فِى هَذَا الْمَالِ وَإِنِّى وَاللَّهِ لَا أُغَيِّرُ شَيْئًا مِنْ صَدَقَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ حَالِهَا الَّتِى كَانَتْ عَلَيْهَا فِى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَأَعْمَلَنَّ فِيهَا بِمَا عَمِلَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَبَى أَبُو بَكْرٍ أن يَدْفَعَ إلى فَاطِمَةَ شَيْئًا فَوَجَدَتْ فَاطِمَةُ -بمعنى غضبتْ- عَلَى أَبِى بَكْرٍ فِى ذَلِكَ، قال: فهجرته فلم تكلمه حتى توفيت وعاشت بعد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ستة أشهر.
وأوضح أن قصة الهجر صدَّرها بــ "قال" بعد متن الحديث، وبالتالى فإن الضمير لا يعود على السيدة عائشة، إذ لو كان يعود عليها لقيل: "قالت"، وهذا يسمى فى علم الحديث "إدراج" أو قول مدرج، يعنى ليس من متن الحديث، فالضمير فى (قال) يعود على محمد بن شهاب الزهرى، وتكون قصة الهجر ليست منسوبة لصحيح البخارى، وإنما هى قول مدرج، والإدراج لون من ألوان التدليس والإرسال عند علماء الحديث، لأنه يسبب خلطا فى الفهم، كما أن المتتبع للروايات الأخرى التى وردت فيها هذه القصة لا يجد فيها قصة الهجر، مما يدل على أن هذا القول قول مدرج فى رواية منفردة، وهى من اجتهاد وفهم الراوى، أما باقى الروايات فتخلو من هذا الكلام، مضيفًا أن السيدة فاطمة لم يكن فى قلبها غضب من أبى بكر الصديق؛ لأنها كانت تعلم أنه كان من أعلم الناس برسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فقد أخرج أحمد فى مسنده عَنْ أَبِى الطُّفَيْلِ، قَالَ: أَرْسَلَتْ فَاطِمَةُ إلى أَبِى بَكْرٍ، فَقَالَتْ: مَا لَكَ يَا خَلِيفَةَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ؟ أَنْتَ وَرِثْتَ رَسُولَ اللَّهِ، أَمْ أَهْلُهُ ؟، قَالَ : لا، بَلْ أَهْلُهُ، قَالَتْ : فَمَا بَالُ سَهْمِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ؟، قَالَ : إِنِّى سَمِعْتُهُ، يَقُولُ : " أن اللَّهَ إِذَا أَطْعَمَ نَبِيًّا طُعْمَةً، ثُمَّ قَبَضَهُ إِلَيْهِ جَعَلَهُ لِلَّذِى يَقُومُ بَعْدهُ " فَرَأَيْتُ، أَنَا بَعْدَهُ، أن أَرُدَّهُ عَلَى الْمُسْلِمِينَ، قَالَتْ: أَنْتَ وَمَا سَمِعْتَهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ أعلم"، وهذا الكلام الذى ذكرته السيدة فاطمة كان إقرارا منها لما عرف من حال أبى بكر الصديق، ولم يكن فى قلبها غضب ولم تهجره كما يذكر الشيعة.
وأشار الإمام الأكبر إلى أنه ثبت تاريخيا وعند الجميع أن أسماء بنت عميس زوجة أبى بكر هى التى مرَّضت السيدة فاطمة، وهى التى غسلتها مع سيدنا على رضى الله عنه، فكيف تهجر أبا بكر وتغضب منه، وفى نفس الوقت تستدعى زوجته لتمرضها؟ هذا الكلام لا يعقل، وقد اعترف بعض علماء الشيعة – على فرض وجود غضب من البتول- بأن هذا الغضب قد زال، ففى شرح ابن أبى الحديد على نهج البلاغة المنسوب لسيدنا على قال: عندما غضبت الزهراء مشى إليها أبو بكر بعد ذلك فترضَّاها فرضيت عنه.
واختتم حديثه، بأن أبا بكر، رضى الله عنه، كان يتصرف فى الفيئ، حسبما سمع من النبى -صلى الله عليه وسلم- بدليل أنه لم يعطِ ابنته عائشة، رضى الله عنه- من هذا المال شيئا مع أنها زوجة النبى -صلى الله عليه وسلم-، ولها ميراث مثل السيدة فاطمة، رضى الله عنه-، مما يدل على أن أبا بكر لم يتآمر على السيدة فاطمة، وإنما كان ينفذ أوامر من النبى -صلى الله عليه وسلم-، وكان عمر نفس الشىء، وهذا ما يجب على شباب أهل السنة وشباب أهل الشيعة أن يعلموه؛ ليدركوا أن الهجوم على أبى بكر -رضى الله عنه- لا يصدر من مسلم يحترم النبى -صلى الله عليه وسلم- أبدًا.
يذكر أن حديث الإمام الأكبر شيخ الأزهر الشريف يذاع على الفضائية المصرية عقب نشرة أخبار الساعة الثانية ظهراً من كل يوم جمعة.
الإمام الأكبر: الهجوم على أبى بكر لا يصدر من مسلم يحترم النبى أبدا
الخميس، 24 ديسمبر 2015 11:36 ص
الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف
كتب لؤى على
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة