منذ تعرض مصلحة سك العملة التابعة لوزارة المالية لسرقة 50 كيلو من الذهب الخام فى شهر سبتمبر الماضى، والتساؤلات مثارة حول كمية الذهب التى تحويها خزائن سك العملة، ومن أين أتى هذا الذهب؟ فيما كشفت مستندات حصلت عليها «اليوم السابع» أن كمية الذهب الخام تبلغ ما يقرب من طن موجودة بخزائن مصلحة سك العملة منذ أكثر من 5 أعوام، لكن المفاجأة التى كشفت عنها الوثائق والمستندات أن هذا الذهب «غير مدموغ»، أى لم يحصل على دمغة مصلحة الدمغة والموازين التى تحدد عياره رغم مرور هذه السنوات، ليثار تساؤل آخر عن أسباب عدم قيام لجنة من مصلحة الدمغة بختم هذه الكمية الكبيرة من الذهب حتى الآن؟
اللافت أن البنك المركزى رفض طلب وزارة المالية بتسليمه طن الذهب الخام لدعم الاحتياطى النقدى، مؤكدا عدم حاجته إليه، وذلك خلال مرتين الأولى منهما عام 2009، والثانية بعد ثورة 25 يناير، وذلك بدون إبداء أية أسباب واضحة لهذا الرفض.
أصل القصة يعود وبحسب المستندات الرسمية إلى عام 2009، عندما قرر وزير المالية الهارب يوسف بطرس غالى صهر تاريخ مصر من العملات التاريخية الذهبية والفضية التى سكتها مصر منذ أوائل القرن الماضى، والتى لا تقدر بثمن، نظرا لطبيعتها التاريخية، دون أى سبب معلن، ووقتها استطلع غالى رغبة البنك المركزى فيما إذا كان يرغب فى ضم العملات التذكارية الذهبية والفضية للاحتياطى النقدى أم لا. وأفاد البنك المركزى فى خطاب لوزير المالية بـ«عدم احتياجه لهذه العملات»، وعلى الرغم من هذا الرد أصر غالى على استمرار تنفيذ قراره بالصهر، وتم تسليم العملات من مصلحة الخزانة العامة التابعة للوزارة إلى مصلحة سك العملة لبدء عمليات الصهر فى سبتمبر 2009، حيث تدخل هذه العملات فى ملكية مصلحة الخزانة العامة التابعة لوزارة المالية، والمسؤولة عن بيع العملات التذكارية.
وبناء على قرار وزير المالية تسلمت لجنة من مصلحة سك العملة العملات الذهبية والفضية التى بحوزة مصلحة الخزانة العامة، والتى تصل كميتها لـ1.8 مليون قطعة تقريبا، بوزن 1.063 طن ذهب، و19.4 طن فضة بقيمة إجمالية طبقا للأسعار المحددة آنذاك حوالى 421 مليون جنيه، وجاء بيان العملات المسلمة كالآتى، أولا العملات الذهبية: 1444 قطعة ذهبية فئة النصف جنيه، بسعر القطعة 1045 جنيها، بقيمة إجمالية 1.5 مليون جنيه تقريبا، و69 ألفا و977 قطعة ذهبية من فئة 1 جنيه، سعر القطعة 1965 جنيها، بقيمة إجمالية 137.5 مليون جنيه، بالإضافة إلى 17 ألفا و193 قطعة ذهبية فئة 5 جنيهات، سعر القطعة 6035 جنيها، بقيمة إجمالية 103.8 مليون جنيه، بجانب 1271 قطعة ذهبية فئة 10 جنيهات، سعر القطعة 9335 جنيها، بقيمة إجمالية 11.9 مليون جنيها.
أما العملات الفضية فجاء بيانها كالتالى: 1.3 مليون قطعة فضية فئة 1 جنيه، سعر القطعة 95 جنيها، بقيمة إجمالية 122.4 مليون جنيه، بالإضافة إلى 428 ألفا و245 قطعة فضية فئة 5 جنيهات، سعر القطعة 105 جنيهات، بقيمة إجمالية 45 مليون جنيه تقريبا.
ولأجل إتمام عملية الصهر قامت مصلحة سك العملة بشراء 2 فرن لصهر الذهب، سعة كل واحد منهم 2 كيلو، مع وجود فرن آخر بالمصلحة لسرعة الانتهاء من أعمال الصهر.
واللافت أن اللجنة التى شكلها رئيس مصلحة سك العملة السابق أحمد صادق شريف للقيام بعملية صهر الذهب ضمت 6 عاملين بالمصلحة، ولم تضم فنيين متخصصين، وهو ما برره فى خطاب لمنال حسين مساعد أول وزير المالية آنذاك، «بعدم وجود فنيين متخصصين فى صهر الذهب غير فنى واحد»، حسب نص الخطاب، وهو ما يهدف لتقليل فاقد الذهب الناتج عن الصهر حيث إن النسبة المسموح بها 2 فى الألف، بحسب الخطاب أيضا.
وبالفعل تمت عملية صهر جميع العملات الذهبية والفضية فى أكتوبر 2009، وكانت نتيجة الصهر 531 سبيكة ذهبية تزن 2 كيلو جرام لكل منها، بوزن إجمالى 1.063 طن، وهو ما يعنى أن قيمته الإجمالية بعد الصهر بلغت 203 ملايين و186 ألفا و564 جنيها باحتساب سعر الجرام عيار 21 بمبلغ 191 جنيها آنذاك.
وأضاعت عملية الصهر على الخزانة العامة حوالى 51.5 مليون جنيها تقريبا، كفارق بين سعر العملات الذهبية قبل الصهر وسعر الذهب الخام بعد صهره، فضلا عن القيمة التاريخية التى لا تقدر بمال للعملات التذكارية التى مثلت تاريخ مصر على مدار قرن من الزمن.
ونظرا لرفض البنك المركزى استلام كميات الذهب المصهور، اقترح رئيس مصلحة سك العملة السابق على وزير المالية آنذاك بيع الذهب الذى تقدر كميته بواحد طن تقريبا عيار 21، بالمزاد العلنى أو المظاريف المغلقة على دفعات، وهو الاقتراح الذى لم يلق قبولا من وزارة المالية.
بعد ثورة 25 يناير جددت وزارة المالية مطلبها للبنك المركزى باستلام الذهب المصهور لدعم الاحتياطى النقدى، وهو ما قوبل بالرفض مجددا، وأشارت تقارير تسلمها وزير المالية السابق أحمد جلال، لوجود نسبة كبيرة من الشوائب فى كمية الذهب حالت دون موافقة البنك المركزى على استلام العملات الذهبية أو الذهب المصهور.
وكانت حالة الإهمال الشديدة فى تأمين مصلحة سك العملة والتى كشفت عنها واقعة السرقة الأخيرة، دفعت الكثيرين للتساؤل حول طبيعة الذهب الموجود حاليا بالمخازن، خاصة أن واقعة سرقة المصلحة التى تمت فى سبتمبر الماضى لم تكن الأولى من نوعها، حيث تعرضت للسرقة عام 1992 من قبل موظفى الأمن بالمصلحة، وسرقوا وقتها كميات هائلة من أقراص الألومنيوم برونز معدة لسك العملات المعدنية تصل قيمتها 1.2 مليون جنيه من أحد مخازن المصلحة، وقاموا ببيعها لأحد تجار المعادن، وهى القضية المقيدة برقم 307 لسنة 1993 جنح الجمالية.
كذلك كشف تقرير لإحدى لجان الجرد من داخل المصلحة وجود فارق بميزان الذهب بقيمة 822 جراما، زائدة عند وزنه بميزان كهربائى حساس عام 2013، حيث كان يتم الوزن من قبل بميزان كفتين بالمخالفة لكل معايير التعامل مع الذهب.
يذكر أن الذهب المخزن بمصلحة سك العملة والمملوك للخزانة العامة، تم استخدامه فى سك عملات الذهب التذكارية لهيئة قناة السويس بكميات كبيرة، وقال خبراء إن ذلك تم دون دراسة حقيقية لحاجة السوق، وهو ما أدى لركود المبيعات، حيث تم سك آلاف العملات بأوزان مختلفة، باستخدام 150 كيلو جرام ذهب «غير مدموغ».
- البنك المركزى يطرح غدًا أذون خزانة بـ7.5 مليار جنيه
بالمستندات.. «اليوم السابع» تكشف: طن ذهب فى «سك العملة» بدون دمغة.. «الدمغة والموازين» لم تحدد عيار طن ذهب على مدى الـ5 سنوات الماضية.. والبنك المركزى رفض مرتين استلام الذهب الخام من «سك العملة»
السبت، 07 نوفمبر 2015 09:54 ص
هانى قدرى وزير المالية
كتبت - منى ضياء
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة