لم تعد الأمور فى نصابها الصحيح فلقد فقدت رصانتى وصحة عقلى بالهلع وراء الشكل والمظهر والاهتمام بمقدار كم يجب على الظهور بمظهر لائق وأنيق حتى صرت كتمثال جميل ولكن إن شققته نصفيه وجدت داخله "شمع" أو حتى "قش" شىء ليس له أى قيمة فى الأساس وسلبت منى سكينتى حتى لم أعد أستطيع أن أصل للهدوء الداخلى الذى ينم عن الاتزان فى الفعل والقول وفقدت من موهبتى فى الكتابة ما حال بينى وبين الورق فلم أعد أستطيع أن أكتب شيئًا ليس هذا فحسب وفقدت هيبتى عندما تركت لنفسى الاختيار فى أن أكون مع أناس لا أشبههم وأتنازل عن كل شىء رغبة منى أن أليق على نمطهم وشكلهم وأصدق نفسى فى القول وأقول "سطحيتهم"، وفقدت قدرتى على التصرف فى أسوأ الظروف صرت غير قادر على الحراك صرت حديث الولادة لا والله بل إنه قادر على تحريك كلتا يديه وقدميه ولكنى أظن أن وضع الجنين هو أدق تشبيه فليس لعدم قدرتى على الحراك ولكنه لاعتمادى على غيرى فى كل شىء ومع ذلك صرت كمن يبلغ المائة عام حتى إن طول لحيتى أخفى معالم وجهى لم أعد كما كنت لم أعد ذلك الشاب المهاب من الناس الذى ينال الاحترام حتى رغما عن أنف كارهيه قبل محبيه، الذى يتصرف كما يحلو له فى إطار احترام خصوصيات الآخرين ومشاعرهم فقد صرت أهوج ثرثار ملىء الفاه، ألقى النكات يمينا ويسارا أتصنع خفة الدم، أظن فعلا أنى آذيت كثيرين فى الآونة الأخيرة بكلماتى، إنى ادين بالاعتذار لأناس كثيرين من أذيته بكلمة ومن خربت حياته بفعل ومن شرحت قلبه بشعور وسلبته منه بعد ذلك أدين للكثير بالكثير لما فعلت لهم وما حال بهم أدين لنفسى باعتذار لما آلت إليه وما جعلتها تعانيه، لقد آل بى الحال إلى مكان نائى عن نفسى التى طالما حلمت وتعبت لأرسمها على منوالى الخاص، تركت نفسى مع تيار السطحية والأمور الماهنة التى جرفت بى بعيدا عن المسار الذى حددت مضماره لسنوات طويلة، حتى إننى لم أعد أحدد أى اتجاه يجب على أن أسلك، أصبحت كالذى كان فى متاهة كبيرة ظل يحاول جاهدا للخروج مئات المرات حتى صار يعلم كل ركن من أركانها وعندما أصبح على مقربة من الخروج تملكه الغرور ليعود ليكتشف ويتحدى نفسه بالمرور بها مرة أخرى ولكنه لم يكن يعلم أنها لا تملك شكلا ثابتا وأنك بمجرد المرور بمكان يتغير شكله ولا يعود كسابق عهده وفى النهاية صار حبيسا لها ولم تعد هناك وسيلة للخروج سوى تكسير جدران المتاهة ورسمها من جديد، وأظن أن عجرفته الفارغة هى ما جعلته فى هذا الموقف ولا أظن أن هناك حلًا سوى البدء بتحديد ماذا عليه أن يفعل والبدء من جديد ...
لن أترك الحكمة والموعظة فى نهاية الكلام كما أفعل عادة وأقول "إن عليك أن تفعل...." و"إنك الوحيد القادر على..." هذه المرة لن ألعب دور الحكيم، لن ألعب دورا لم أستطع الحفاظ على شكله الداخلى وتعلم جيدا أنى لا أملك ما يتطلبه هذا الدور، لن أضع نفسى فى مكان أعلم جيدا أننى لست أهلا له، لن أضع نفسى فى موقف أسوأ يظل عالقا بى ويثقل كاهلى كما حدث من قبل، اليوم أترك الحكمة لمن يقرأ .....
ورقه وقلم
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة