- د. أحمد زايد: المنظومة التعليمية المصرية تعانى خللاً حقيقياً ولا تهتم بالتكامل النفسى والاجتماعى للطالب.. والأخصائيون غير مؤهلين
«مجموعة من العقوبات المتدرجة التى تبدأ بالفصل يوما وتصل إلى عام دراسى فى حال التعدى على المعلم، وتنتهى بالفصل فى حال تكرار إهانة العلم ورموز الدولة، هى العقوبات التى لا يتم إقرارها إلا بعد خضوع الطالب لفحص حالته من قبل الأخصائى الاجتماعى»، هذا هو أحد بنود لائحة الانضباط المدرسى التى أقرتها وزارة التربية والتعليم الجديدة فى القرار الوزارى رقم 179 لسنة 2015، وهو ما دفع «اليوم السابع» لسؤال 12 طالبا فى مراحل التعليم المختلفة عن دور الأخصائى الاجتماعى داخل المدرسة.
السؤال قابله العديد من الطلاب بسخرية شديدة، مشددين على عدم معرفتهم بدور الأخصائى الاجتماعى، إذ لم تخرج إجاباتهم عن أن «الأخصائى هو من يقوم بفصل الطلاب، أو ضربهم، أو هو المختص بالرحلات المدرسية، باستثناء طالب وحيد استطاع تحديد الدور الإيجابى للأخصائى الاجتماعى فى المدرسة.
«راجل ضخم شايل خرزانة وماشى يلطش فى العيال ويشتم بألفاظ خارجه» هكذا بدا كريم ناصر، الطالب بالمرحلة الإعدادية فى مدرسة ناصر بمنطقة الحدائق، حديثه عن الأخصائى الاجتماعى، مضيفا أن الطلاب كانت تتحاشى التواجد فى أى مكان به الأخصائى لتفادى الضرب أو الإهانة.
نفس الأمر أكد عليه عبدالرحمن ممدوح، طالب بالصف الأول الثانوى المعمارى بمدرسة مكارم الأخلاق فى روض الفرج، حيث قال: الأخصائى الاجتماعى خلال المرحلة الإعدادية كان مشهورا عنه التعامل العنيف تجاه الطلاب حيث كان معتادا على ضرب الطلاب والاعتداء اللفظى عليهم فى أبسط الأمور.
شدة الأخصائيين وتعاملهم العنيف مع الطلاب لم تكن قاعدة فى كل المدارس، حيث أشار عدد من الطلاب إلى الاختفاء الكامل لدور الأخصائى الاجتماعى التربوى ولجوئه إلى توقيع عقوبات الفصل الدراسى أو استدعاء ولى الأمر فقط، دون الاستماع إلى الطلاب، ومنهم أمين محمد أمين، الطالب بمدرسة شبرا الإعدادية، الذى قال: «الأخصائيين عندنا بيكبروا دماغهم مفيش حاجة اسمها بحث الشكوى، لذلك كانت حجرة الأخصائى تعنى استلام جوابات الفصل التى تبدأ من يوم وحتى أسبوع وقد تنتهى إلى شهر كامل، لذلك كان الطلاب يؤجلون إثارة الأزمات إلى حين انتهاء اليوم الدراسى لتندلع المشاجرات بينهم أمام باب المدرسة، وهو ما اعتاد عليه المارة.
لم تكن الطريقة السابقة قاصرة فقط على مدرسة شبرا الإعدادية، وإنما كانت هى القاعدة المتبعة فى مدرسة إسكان ناصر الإعدادية بمنطقة الحدائق، حيث قال كريم ناصر أحد طلاب المدرسة: «بالنسبة للأخصائى الاجتماعى لم يكن دوره سوى تحرير جوابات الفصل للطلاب فقط».
«المدرسة عندنا ماشية بالحب اللى عاوز حاجة بيعملها» هذا ما أكده مؤمن إبراهيم الطالب السابق فى مدرسة محمد نجيب الإعدادية بحى شبرا، الذى بدأ أول أيامه فى المرحلة الثانوية منذ أيام قليلة.
وأضاف: إن المدرسة لم يكن بها أى قواعد للالتزام، حيث لا يتذكر أن هناك من وجه له اللوم بسبب غيابه المتكرر أو عدم التزامه داخل الفصل، حيث لم يكن هناك دور للمعلم وهو ما ينطبق على الأخصائى الاجتماعى الذى لم يشهده خلال 3 سنوات مدة دراسته فى المرحلة الإعدادية.
وهو ما أكد عليه محمد بيبو، الطالب بالصف الثانى الثانوى فى مدرسة شبرا الثانوية، بأنه لا يعرف الأخصائى الاجتماعى ولم يشهده، متسائلا:ً «مش هو ده بتاع جوابات الفصل» وهو ما نفاه صديقه عمرو محمد الطالب بالمرحلة الثانوية فى مدرسة التوفيقية بقوله: «الأخصائى ده بتاع الرحلات المدرسية».
محمد حسين الطالب فى المرحلة الثانوية بحى شبرا الخيمة قال: «الأخصائى الاجتماعى غير متواجد ولا أحد يشعر به، سواء بالسلب أو الإيجاب، حيث لا يتصدى لأى أزمة أو يحاول التعرف على الطلاب، وهو أمر لم يختلف عن باقى المدرسين فى المدرسة».
وأضاف حسين أن الطلاب اعتادوا رؤية الأخصائى الاجتماعى فى الحصص الاحتياطى فقط، فهو الشخص الذى كان يطلب منهم الانشغال بأى نشاط بشرط عدم إصدار أى أصوات مزعجة حتى يتفرع للحديث فى الهاتف أو مع زملائه من المعلمين الآخرين.
الآراء السابقة تتعارض مع ما أكده أحمد خالد، الطالب فى الصف الثانى الثانوى بمدرسة التوفيقية، الذى شدد على الدور الإيجابى للأخصائى الاجتماعى داخل مدرسة التوفيقية التى يتعدى نسبة الطلاب بها 4000 طالب تقريبا، ورغم ذلك هناك متابعة حقيقية لهم من قبل الأخصائيين الذين يحرصون على الاستماع إلى المشكلات الخاصة بها وحلها.
من جانبه أكد د. أحمد زايد، أستاذ علم الاجتماع وعميد كلية الآداب جامعة القاهرة الأسبق، أن دور الأخصائى الاجتماعى غير موجود بالمرة فى المدارس المصرية لذلك لا يشعر به الطالب.
وأضاف «زايد» أن ذلك لا يعود إلى تقصير من جانب الأخصائى الاجتماعى، وإنما هو ناتج عن خلل حقيقى فى المنظومة التعليمية المصرية، التى لا تهتم بأهمية التكامل النفسى والاجتماعى للطالب بقدر اهتمامها بحشو عقول الطلاب بالمناهج الدراسية التى تخلو من الإبداع وتعود الطالب على الحفظ والتلقين. وتابع: لذلك نجد أغلب المدارس تستخدم الأخصائى الاجتماعى فى مهام تختلف عن دوره الحقيقى ومنها تعيينه مشرفاً على «الكانتين» أو تستعين به لتدريس بعض المواد التى تعانى المدرسة من عجز واضح بها.
وأضاف: «هناك جانب آخر يجب الالتفات إليه، وهو أن الأخصائى الاجتماعى فى الغالب غير مؤهل لممارسة ذلك الدور، حيث لم يقم باختيار هذه المهنة التى تقوم فى الأساس على حب خدمة الآخرين والتعاون، وهو ما لا يطبق، حيث نجد أن الطالب يجبر على الالتحاق بمعهد الخدمة الاجتماعية بسبب التنسيق».
«عدم تعاون زملائنا المعلمين الآخرين أهم العقبات التى تواجهنا فى أداء دورنا» هكذا بدأت مايسة رضوان، الأخصائية الاجتماعى بمدرسة عمار بن ياسر للغات، حديثها، حيث كشفت عن العديد من العقبات التى تواجه الأخصائى فى أداء عمله والتى تؤدى إلى اهتزاز صورته أمام الطلاب وأولياء الأمور، ومنها ضغط العمل الشديد وعدم مساندة زملائهم المعلمين لهم.
وكشفت أن أغلب المعلمين يعتمدون اعتماداً كاملاً على الأخصائى الاجتماعى فى حل جميع الأزمات التى تواجههم مع الطلاب بالمخالفة للائحة التى تنص على التدرج فى مواجهة الأزمات مع الطلاب بدءاً من المعلم داخل الفصل، وصولاً إلى قرار إدارة المدرسة وانتهاء بالأخصائى الاجتماعى مضيفة: «ما يحدث هو العكس فكل الأزمات تصب عند الأخصائى بمعدل 24 مشكلة فى اليوم الواحد».
وأضافت أن الأخصائيين يواجهون أزمة حقيقية مع أولياء الأمور الذين يدافعون عن أبنائهم بشراسة، متهمين الأخصائى بالتحامل على أبنائهم، مؤكدة أن ذلك المجهود لا يقابله أى تقدير مادى من جانب الوزارة، حيث إن إجمالى راتب الأخصائى لا يتعدى 1800 جنيه، وذلك بالنسبة للدرجة الأولى.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة