أنه طفل التوحد ذلك الفريد المحير، فبمجرد تشخيص أحد أطفالك بهذا المرض حتى تجد نفسك تدور حول دائرته المحكمة الإغلاق محاولاً إخراجه منها إلى عالمك أو حتى دخولك إلى مساحته الخاصة.
للأسف فالتوعية بعلامات المرض وطرق علاجه لا تتوافر فى المجتمع المصرى بالصورة الكافية، وهو ما سمح للعديد من الأطباء باستغلال الموقف والترويج لبعض الوسائل العلاجية الفاشلة، وغير الموثقة أو معتمدة، وأخرى لا يملكون الخبرة والكفاءة لممارستها.
قبل الحديث عن علاجات مرض التوحد يجب التنبيه إلى أن الاكتشاف المبكر هو الوسيلة الأكثر فاعلية للعلاج.
لا ينظر إلى عينيك.. لا يتفاعل مع حركاتك.. تأخر فى النط.. انتبه للعلامات الأولى لمرض التوحد
العلاج المبكر هى كلمة السر ومفتاح حل اللغز لجميع الأمراض النفسية والسلوكية التى تصيب الأطفال وعن مرض التوحد تساعدنا د.هالة حماد استشارى طب نفس الأطفال فى اكتشاف أهم العلامات المبكرة له والتى تتمثل فى:
- عدم قدرة الطفل على التواصل العينى مع الآخرين، فهو لا يتمكن من النظر إلى وجه أمه مثلا بشكل مباشر، وغالبًا ما يكون اتجاه نظرات عينه إلى الفراغ ودائمًا ما يعيش فى عالمه الخاص المحاط بجدار يعزله عن العالم الخارجى، وتلك العلامة يمكن اكتشافها مبكرا وفى شهور عمره الأولى.
- طريقة لعبه تختلف كثيرًا عمن هم فى سنة، فنلاحظ اهتمامه بتحريك اللعب والأشياء بشكل دائرى، أو متكرر ولفترة طويلة دون ملل.
- يتعلق بأشياء معينة كلعبة أو قطعة ملابس ولا يتخلى عنها بسهولة.
- يعانى ضعفًا فى المهارات اللغوية والاجتماعية.
- غالبًا ما يصاب طفل التوحد بعدد آخر من الاضطرابات السلوكية مثل فرط الحركة والاكتئاب وهى اعراض يمكن ملاحظتها بوضوع من تشتت ذهن الطفل وانعزاله عن المجتمع المحيط به.
الأكسجين والخلايا الجذعية والطمى والإبر الصينية.. مسميات مختلفة لبيع السراب ووهم العلاج
"علاج جديد وحل سحرى للشفاء التام من مرض التوحد" بتلك الكلمات الزائفة يبيع بعض الأطباء بضاعتهم الراكدة مستغلين قله حيلة من لديه طفل متوحد، وبالطبع فطبيعة المرض المعقدة تدفع الكثيرين للجرى وراء السراب.
فى السطور التالية حاولنا رصد عدد من أشهر العلاجات التى بدا الترويج لها فى السنوات الأخيرة لعلاج التوحد، دون وجود سند علمى أو حتى إجازتها من منظمات العلاج والدواء الدولية.
الأكسجين.. أربعون جلسة والنتيجة صفر
العلاج بالأكسجين المكثف أحد أشهر تلك التقنيات التى بدًا الترويج مؤخرًا لقدرتها على علاج مرض التوحد، فيما يؤكد جمال فرويز استشارى الطب النفسى أن تلك التقنية للأسف لم تشهد أى نجاح يذكر على الحالات.
يقول فرويز إنه من واقع خبرته فى التعامل مع مرضى التوحد، فإن من خضع لتلك الجلسات تعرض لعملية نصب بكل ما تحمله الكلمة، ففى البداية يروج الأطباء أن العلاج يتطلب ما لا يقل عن 20 إلى 25 جلسة، وبعد انتهاء هذا العدد وعدم وجود نتائج تذكر يتغير الحديث ليؤكد الطبيب أن النتائج لا يمكن ان تلاحظ قبل خضوع الطفل لأكثر من 45 جلسة، وفى النهاية وحتى بعد هذا العدد من الجلسات، كانت النتيجة صفرًا فى تحسن حالة الأطفال وبعد إرهاق الأسرة ماديًا ومعنويًا لفترات طويلة.
الخلايا الجذعية تحت التجربة ونتائجها لم تحسم ولم يصرح باستخدامها فى الدول الغربية إلى الآن
على الرغم من كون العلاج بالخلايا الجذعية من العلاجات التى ما زالت تحت طور التجربة، ولم يصدر نتائج رسمية من الجهات التى تجرى تلك التجارب فى الخارج إلا أن البعض فى مصر قرر تجاوز تلك المراحل وبدأ الترويج بالفعل لقدرته على العلاج بالخلايا الجذعية.
فيما يؤكد فرويز إنه حتى الإعلان عن طريقة استخدام الخلايا الجذعية لعلاج التوحد أمر لم يتم بعد، وجميع تلك التجارب ما زالت قيد الدراسة، وبالتالى فالقفز على النتائج هو نصب بكل ما تحمله الكلمة من معنى.
الطمى طريقة غير معتمدة وغير موثقة
تقنية بدأت بعض الدول العربية تحديدًا فى الاستعانة بها لعلاج مرضى التوحد، وتعتمد على تعرض المريض لعدد من جلسات حمامات الطمى والذى يعمل على امتصاص المعادن من الجسم.
تبعًا لرأى فرويز فعلى الرغم من أن المعادن كالزئبق تعد من أهم العوامل المحفزة لظهور أعراض مرض التوحد، إلا أنها لا تعد سببًا مباشرًا فى الإصابة به، فالتوحد مرض جينى يحدث نتيجة لطفرات جينية يتعرض لها الإنسان، فى مراحل نموه الأولى كجنين، وبالتالى فلا يوجد عوامل خارجية مسئولة عن الإصابة بهذا المرض ولكن هناك عوامل مساعدة على ظهور أعراض التوحد، ترجحها بعض النظريات كزيادة نسبة المعادن فى الجسم.
من هنا يجب أن نتوقف عن نقطة مهمة فزيادة المعادن بالجسم تساعد على ظهور أعراض التوحد ولكنها لا تسبب الإصابة به، وبالتالى فالتخلص منها لا يعنى علاج المرض.
الإبر الصينية الوهم فى شكة دبوس
العلاج الشعبى الصينى، من أشهر العلاجات الشعبية على مستوى العالم ورغم ذلك فهو مجال واسع لمحترفى النصب.
عن علاج مرض التوحد بالإبر الصينية يؤكد فرويز أنه لا يوجد أى علاقة مثبتة علميًا بين عمل الإبر الصينية ومرض التوحد، بل أن تلك التقنية تفتح بابًا سحريًا لدجالى الطب لتحقيق المكاسب السريعة وبيع الوهم.
يوضح فرويز أن جميع الأبحاث والدراسات العلمية أكدت أن تأثير الإبر الصينية بجميع استخداماتها ينحصر فى الأثر المؤقت لتسكين الألم فقط، لا غير وما يروج لتلك الوسيلة فى جميع المجالات ما هو إلا وهم لا أساس علمى له.
الأوميجا 3 هى العلاج الدوائى الوحيد والموثق لمرض التوحد
على الرغم من مئات الأبحاث والدراسات التى تجرى سنويًا على مستوى العالم بغرض طرح وسائل علاجية تساعد فى حل لغز التوحد، إلا أن الطريقة الدوائية الوحيدة التى تم اعتمادها وتوثيقها كعلاج للتوحد، تبعا لما يوضحه فرويز هو العلاج بمادة الأوميجا 3 وذلك تبعا لمنظمة الدواء ومنظمة الصحة العالمية.
كما يوضح فرويز أن هناك بعض العلاجات الأخرى والتى تستخدم لعلاج الحالات النفسية التى غالبًا ما تصاحب بعض مرضى التوحد كالذهان والاكتئاب وفرط الحركة، وهو الأمر الذى يساعد بصورة فعالة فى السيطرة على أعراض المرض.
كما أن العلاج السلوكى يعد الركن الأساسى لعلاج التوحد ويشمل بالطبع جلسات تطوير المهارات اللغوية والسلوكية لأطفال التوحد.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة