هى قصة تتكرر كثيرا لشاب فى مقتبل حياته قرر أن يتزوج وعندما رأى الفتاة التى رشحها له الجميع وأعجب بها ودخلت قلبه كما يقولون من اول نظرة قرر الزواج منها. فأخيرا اتخذ هذا القرار الصعب وفرح جدا ليس للزواج فقط ولكن لاتخاذه القرار فقد عانى كثيرا من صعوبة اتخاذ القرار وبعد أن حسم أمره ووصل إلى المرمى تراجع عن تسجيل الهدف الذى كان يسعى اليه وسط خيبة امل كبيرة من الجميع وتلاسن البعض عليه بأنه ضعيف الشخصية ومتردد ولا يجب الاعتماد عليه وكلمات كان يسمعها دائما عند كل مرة وفجأة تراجع عن قراره ماذا حدث؟ لا يعلم ما هذه القوة الخارقة التى تمنعه دائما وتقف حاجزا بينه وبين كل ما هو رائع؟ ما هذا الشبح المخيف الذى يقف فى المسافة الفاصلة بينه وبين اتخاذ القرار؟ والإجابة أنه التردد المخيف.
عندما تجد نفسك فى هذه الحالة ولا تعرف لماذا وكيف فأنت صاحب شخصية مترددة. فالتردد هو الخوف من المستقبل هو ثقة مفقودة هو ماضى مؤلم ممتلئ بالعقد النفسية. قد يكون سببها التربية القاسية والعقاب المستمر على اتفه الغلطات وحدوث حالة من الانهزام النفسى الدائم الذى يتطور بمرور الوقت لتكبر هذه العقدة وتتطور إلى الإرهاب الاجتماعى والوسوسة والتوقع الدائم للفشل رغم المقدمات الجيدة فالتردد هو هذه القيود الحديدية التى يربط الشخص نفسه بها فتمنعه من اتخاذ اى قرار فتحد من حريته ودائما هو اسير هذه القيود التى تبعده عن مناطق المنافسة وتجعله قابعا داخل خندق من اليأس والإحباط.
فهو شخص هادئ جدا ومطمئن نفسيا وإنسان ملتزم ومنظم جدا ولكن عندما يجد نفسه فجأة أمام اختيار ما بين هذا وذاك بين الأبيض والأسود يفضل دائما الوجود فى منطقة الوسط الرمادية، التى يعشق الوجود فيها رغم انها تعتبر الأخطر والأسوأ ولكنه يفضل البقاء فيها عن الانحياز لأى طريق واضح.
فنحن نرى هذه الشخصية كثيرا وللأسف تفقد الكثير من الفرص وتفقد ايضا الخبرة لعدم قدرتها على خوض التجارب وكثيرا ما يمر الوقت والانتظار لا يفيد فلابد من علاج هذه الشخصية وله طرق كثيرة أهمها التقرب إلى الله عز وجل والصلاة وقراءة القرآن والإيمان بالقضاء والقدر ومنها ما يعتمد على العمل والقضاء على وقت الفراغ الذى من الممكن أن يقتل الانسان فالتفكير كثيرا فى أمر ما من الممكن أن يتطور ويأخذ أكثر من حجمه الطبيعى فالشيطان يجد فى الفراغ مادة خصبة للقضاء على الإنسان.
فقد يتردد شخص ما فيتحمل نتيجة تردده وقد يتردد الوالدين فيسببوا الكثير من المشاكل للأبناء وقد يتردد مدير فى إدارته فيسبب أزمات متتالية للجميع وقد تتردد أحزاب وجماعات فتسبب توتر فى المشهد السياسى.
فالعمل والاجتهاد هو افضل السبل للوصول للهدف وكثرة التفكير فى الهدف قد تؤدى إلى عرقلة الوصول له فالطالب الجامعى لابد أن يضع هدفه الاول التخرج من الجامعه قبل التفكير فى الماجستير أو الدكتوراه وأيضا الوصول لكأس العالم يبدأ من الاهتمام بقطاع الناشئين وجودة التأهيل وتطبيق الاحتراف بالكامل أولا. فنحن دائما نبدى آراءنا قبل أن نخوض التجربة اساسا وهذه مشكلة كبيرة جدا.
والحذر كل الحذر من العلاج الذى يضر اكثر مما ينفع فهناك من يحاول علاج التردد بالاندفاع والتهور بالعكس فالعلاج يكمن فى المشورة ومعرفة القدرات وتطبيق الواقعية فى الحكم على الامور وامتلاك ادوات التدخل فى الوقت المناسب من أجل حل سريع وواقعى. فلابد أن نبدأ بالطفل وان نعوده الاعتماد على نفسه فعندما نترك له الحرية فيختار طعامه وملابسه والرياضة التى يحب أن يلعبها دون أى ضغط فهذه الاختيارات البسيطة تعوده فى المستقبل على اتخاذ قرارات أخطر وفى توقيت مناسب. فلابد للوالدين الابتعاد عن أسلوب القهر والعنف والتسلط والغباء فى تربية الأبناء فالعقد النفسية الكبيرة لم تولد فجأة وإنما كانت صغيرة جدا وتطورت عبر سنوات من العذاب حتى أصبحت صعبة ومعقدة ومدمرة.
زفاف - صورة أرشيفية
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة