حنان شومان تكتب: يوسف عيد.... مات

عن الفقراء قال المسيح إنهم ملح الأرض، فلولاهم ما كانت الأشجار والأزهار نبتت، ينتشرون فى الأرض، ورغم ذلك نمر عليهم مرور الكرام ولا نلحظهم، نعتاد وجوههم ولا نتوقف عندهم أبداً حتى لو كانوا ملح الأرض الذى يعطيها طعماً، وكما هو قانون الحياة فهو ذاته قانون الفن، فالاثنان يضمان النجوم وممثلى الدرجة الثانية والثالثة والكومبارس المتكلم والآخر الصامت، وكلهم فى النهاية يصنعون خليط الحياة كما يصنعون الأفلام السينمائية، فكما أن الفقراء ملح الأرض فهناك فنانون هم ملح الفن، نحن نعرف وجوههم، نضحك أو نشاركهم بكاءهم، ولكننا أبداً لا نحفظ أسماءهم، ولا نُرجع فشل أو نجاح أى عمل فنى لهم، رغم أنهم صُناعه، لأنهم وجوه مشهورة بلا أسماء تحملها الذاكرة.. إنهم الذين يعيشون على هامش الحياة الفنية رغم أنهم صانعون لها.

مثلى مثل أغلب إن لم يكن كل من يعيش فى هذا البلد، نؤجل عمل اليوم إلى الغد، ولا نحترم إلا الموتى، أما وهم أحياء بيننا فلا نعيرهم انتباهاً أو نذكرهم، و لانحتفى بهم إلا فى ذكرى وفاة لا حتى فى ذكرى ميلاد، أما وقد مات يوسف عيد فهأنا أكتب عنه وعن غيره من ملح الأرض، وكان أولى بى كما أولى بآلاف غيرى على مواقع التواصل الاجتماعى بمن فيهم كبار النجوم كأحمد حلمى أن نتذكر ونذكر هذا الفنان المتميز، صاحب الضحكة المميزة والصوت الأجش، زوج نعيمة فى النمر والأنثى، ومدرس الفرنساوى والرياضيات على ما تفرج فى فيلم الناظر، ومئات من الشخصيات التى أحببناها - أن نتذكره ونذكره فى حياته لا حين يفارقها، ولكنها عادتنا ولا حنشتريها.

يوسف عيد صار «هاشتاج» على تويتر، وهو الذى لو كان حياً وعرف اسمه واحد من الجمهور وناداه باسمه ربما كان أسعد أيامه، «يوسف عيد» ومن على دربه هم ملح الأرض وملح الفن، فبدونهم لن يكون الأبطال أبطالا، ولا النجوم نجوما، ولا الأفلام حكايات وشخصيات متنوعة، ورغم هذا ننساهم.
تلك بعض مما كتبه الجمهور على اختلاف الأعمار والاتجاهات على مواقع التواصل الاجتماعى، لحظة إعلان خبر وفاة يوسف عيد..

- يوسف عيد ده جامد تنين.

- خبر وفاة يوسف عيد قفلى يومى.

- مين قتل على بيه الله يرحمه الكبير.. يوسف عيد كان يمثلنى.

- يوسف عيد ماكنش بطل فى أفلامه لكن كان بطل فى أدواره.

- من زمان الواحد مازعلش على موت حد من المشاهير لكن وفاة يوسف عيد بجد أحزننى.

- رحم الله يوسف عيد الذى أمتعنا بشخصياته ومواويله.

- رد فعل الناس على وفاة يوسف عيد مفاجأة، رغم أن معظم الناس عرفت اسمه النهاردة بس، فعلا إحنا مش بنكرم ولا نقدر حد غير بعد وفاته.

- الجمهور كان يتذكر أفلامى بإيفيهات يوسف عيد «أحمد حلمى».

هذه عينة مما كتبه البعض حول يوسف عيد. تُرى لو كان الرجل يسمع ويرى ما الذى يحدث بعد وفاته. هل كان سيعود للحياة لو يستطيع ويسأل لماذا حرمتونى من كل هذا وأنا أحيا بينكم أم أنه سيفضل الموت الذى جعله لأول مرة يسمع كلمات ثناء حول أعماله فى الدنيا من أهلها.

يوسف عيد مات وسيموت آخرون من نجوم الظل لأن الموت حق، وسننسى أن نتذكرهم فى حياتهم، وسنكتب عنهم بعد موتهم، ولذا ليس أمامنا إلا أن نقول للأحياء منهم: أنتم كما النجوم فى القلب وأكثر، ولكننا شعب يحترم الموت والموتىأكثر من الحياة، فانتظروا الموت لنكتب عنكم عنوانا وصورة و«هاشتاج» على مواقع التواصل الاجتماعى.