يُعدّ الإمام محمد عبده، أبرز المجددين فى الفقه الإسلامى فى العصر الحديث، وأحد دعاة الإصلاح الدينى وأعلام النهضة العربية الإسلامية الحديثة؛ وساهم بعلمه ووعيه واجتهاده فى تحرير العقل الإسلامى من الجمود الذى أصابه لعدة قرون، وشارك فى إيقاظ وعى الأمة نحو التحرر، وبعث الوطنية، وإحياء الاجتهاد الفقهى لمواكبة التطورات السريعة فى العلم، ومسايرة حركة المجتمع وتطوره فى مختلف النواحى السياسية والاقتصادية والثقافية، وتأثر به العديد من رواد النهضة مثل عبد الحميد بن باديس ورشيد رضا، وعبدالرحمن الكواكبى.
وساهم "عبده"، مع أستاذة جمال الدين الأفغانى، فى إنشاء حركة فكرية تجديدية إسلامية فى أواخر القرن التاسع عشر، وبدايات القرن العشرين، للقضاء على الجمود الفكرى والحضارى، وإعادة إحياء الأمة الإسلامية لتواكب متطلبات العصر.
وولد محمد عبده حسن خير الله سنة 1266 هـ، الموافق1849م فى قرية محلة نصر بمركز شبراخيت فى محافظة البحيره، لأب تركمانى وأم مصرية تنتمى إلى قبيلة "بنى عدى" العربية، وفى سنة 1866م التحق بالجامع الأزهر، وفى سنة 1877م حصل على الشهادة العالمية، وفى سنة 1879م عمل مدرساً للتاريخ فى مدرسة دار العلوم وفى سنة 1882م اشترك فى ثورة أحمد عرابى ضد الإنجليز، وعقب فشل الثورة حكم عليه بالسجن ثم بالنفى إلى بيروت لمدة ثلاث سنوات، وسافر بدعوة من استاذه جمال الدين الأفغانى إلى باريس سنة 1884م، وأسس صحيفة العروة الوثقى، وفى سنة 1885م غادر باريس إلى بيروت، وفى ذات العام أسس جمعية سرية بذات الاسم.
واشتغل الإمام، بالتدريس فى سنة 1886م فى المدرسة السلطانية، وفى بيروت تزوج من زوجته الثانية بعد وفاة زوجته الأولى، وعاد سنة1889م / 1306هـ إلى مصر بعفو من الخديوى توفيق، ووساطة سعد زغلول، وإلحاح نازلى فاضل على اللورد كرومر كى يعفو عنه، واشترط عليه كرومر ألا يعمل بالسياسة.
وعين فى سنة 1889م قاضياً بمحكمة بنها، ثم انتقل إلى محكمة الزقازيق ثم محكمة عابدين، وارتقى إلى منصب مستشار فى محكمة الاستئناف عام 1891م، وفى 3 يونيو عام 1899م / 24 محرم 1317 هـ عين فى منصب المفتى، وتبعاً لذلك أصبح عضواً فى مجلس الأوقاف الأعلى، وصدر مرسوم خديوى وقعه الخديوى عباس حلمى الثانى بتعيينه مفتياً للديار المصرية وهذا نصه:
"صدر أمر عال من المعية السنية بتاريخ 3 يونيو 1899م- 24 محرم 1317 هـ نمرة 2 سايرة، صورته. فضيلة حضرة الشيخ محمد عبده، مفتى الديار المصرية: بناء على ماهو معهود فى حضرتكم من العلامية وكمال الدراية، قد وجهنا لعهدكم وظيفة إفتاء الديار المصرية، وأصدرنا أمرنا هذا لفضيلتكم للمعلومية، والقيام بمهام هذه الوظيفة وقد أخطرنا الباشا رئيس مجلس النظار بذلك".
وكان منصب الإفتاء يضاف لمن يشغل وظيفة مشيخة الجامع الأزهرفى السابق، وبهذا المرسوم استقل منصب الإفتاء عن منصب مشيخة الجامع الأزهر، وصار الشيخ محمد عبده أول مفتى مستقل لمصر معين من قبل الخديوى عباس حلمى، وعدد فتاوى الشيخ محمد عبده بلغ 944 فتوى، استغرقت المجلد الثانى من سجلات مضبطة دار الإفتاء بأكمله، وصفحاته 198، كما استغرقت 159 صفحة من صفحات المجلد الثالث.
ومن فتاويه الوقف وقضاياه، والميراث ومشكلاته، والمعاملات ذات الطابع المالى والآثار الاقتصادية، مثل البيع والشراء، والإجازة والرهن والإبداع، والوصاية والشفعة والولاية على القصر، والحكر والحجر والشركة وإبراء الذمة، ووضع اليد والديون واستقلال المرأة المالى والاقتصادى، يبلغ عدد فتاواه فى ذلك 728 فتوى عن مشاكل الأسرة وقضاياها، من الزواج، والطلاق والنفقة والإرضاع والحضانة، عن القتل والقصاص فتاوى فى موضوعات متنوعة ومختلفة، وبلغ عدد فتاواه فى ذلك نحواً من 87 فتوى.
ونلاحظ أن 80% من الفتاوى تتعلق بمشكلات خاصة بالحياة المالية والاقتصادية وقضاياها، ظل الشيخ محمد عبده مفتياً للديار المصرية ست سنوات كاملة حتى وفاته عام 1905م.
ومن أهم مؤلفاته التوحيد، تحقيق وشرح "البصائر القصيرية للطوسي"، تحقيق وشرح "دلائل الإعجاز" و"أسرار البلاغة" للجرجانى فى الرد على هانوتو الفرنسى، الإسلام والنصرانية بين العلم والمدنية (رد به على إرنست رينان سنة 1902م تقرير إصلاح المحاكم الشرعية سنة 1899م، شرح نهج البلاغة للإمام على بن أبى طالب، العروة الوثقى مع معلمه جمال الدين الأفغانى.
ذكرى وفاة إمام المجددين محمد عبده.. ساهم بعلمه فى تحرير العقل من الجمود.. وأيقظ وعى الأمة نحو التحرر.. وشارك بالثورة العرابية وحكم عليه بالسجن ثم النفى.. وأسس مع "الأفغانى" "العروة الوثقى" فى باريس
السبت، 12 يوليو 2014 05:06 ص
الإمام محمد عبده
كتب لؤى على
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة