كان تقريبا شبه مجهول للعامة حين عين وزيراً للدفاع، وقلما ظهر فى وسائل الإعلام كغيره من أعضاء المجلس العسكرى، لم يكن ثرثاراً أو مهدداً بإصبعه أو متحذلقاً فى الكلام، وإنما كلماته بسيطة أقرب للعامية. بصوت خفيض هادئ، يتسلل مخترقا الأفئدة فى حنو وعطف يجلس منتصبا، لا يكاد يلفت الأنظار إليه.
ولطالما كانت كلماته بسيطة قليلة موجزة ومع ذلك تترك أعظم الأثر، عالقة فى أذهان المصريين العطشى، لطمأنة أنفسهم التى طارت شعاعا من وجل وخوف، مستضعفون هم بلا حول ولا قوة. وجدوا اأنفسهم بين شقى الرحى. ومن عجب انهم فى فترة وجيزة وجدوا أنفسهم متيمين بحبه. كيف ومتى لا يدرون. هى منحة من الله.
فحب الناس هبة من الله قلما يظفر بها أحد من خلقه، وفى الحديث "إذا أحب الله عبدا نادى فى السماء إنى أحب فلانا فأحبوه".
ورغم مظاهر الفساد التى ضربت المصريين فى عقر دارهم وقواهم التى أنهكت ومشاعرهم التى تبلدت وهممهم التى فترت إلا أن قلوبهم احتفظت ببقية من حياة تستشعر الحب وتستنشق أريجه كوهج ساطع يغشى البصر.
وومضة توقظ الروح إنهم لا يأبهون لتهديد أو وعيد ولا يأتمرون ولا يستخف بذكائهم، ومن يحبونه بحق يحفرون اسمه بأحرف من نور على جدران قلوبهم، وأنها لحق نعمة كبرى تخلقهم خلقا جديدا وتجعل الحب المتبادل، وقودا يشعل قاطرة تقدمهم والحب قوة لا يستهان بها، وإلا لما قال الله تعالى: "فسوف يأتى الله بقوم يحبهم ويحبونه" قوة كفيلة بإزالة العوائق واستنفار الهمم، لتعلو وترتقى.
أما العلاقة الواهية فسرعان ما تتداعى إذا ألمت بها الحوادث، لقد استشعر الشعب العظيم الخطر المحدق به، جراء رئيس ضعيف زج به فى أمر، لا قبل له به، وتلفتوا ذات اليمين وذات الشمال فرأوا سوريا وليبيا وقد مزقتا شر ممزق، وضاقت عليهم الأرض بما رحبت .
وشردوا وتقطعت بهم السبل، ونحن شعب ليس لنا إلا مصر، لا يمكن أن نفارقها بحال من الأحوال.
إننا قد نموت ونصبح أسمدة تنبت شجرها، أو نرجع إلى أصلنا طينا يبنى بيوتها، ولكننا أبدا لن نتركها أبد الدهر، ووسط ظلمات بعضها فوق بعض، تسرب إلينا شعاع من نور يربت علينا بحنو وعطف مطمئنا إيانا أن أيا من كوابيس ليالينا لن تتحقق وسبحان الله "وما يعلم جنود ربك إلا هو"، قد يكون أحد جنود الله لإنقاذ مصر، إنه جل وعلا لم يتجل على أرض سوى على أرض مصر أيعقل أن يتركها لليل سرمدى؟ أبدا والله يا رب يا من تعز من تشاء وتذل من تشاء، يا من تؤتى الملك من تشاء، وتنزع الملك ممن تشاء يا من حفظت موسى رضيعا فى النيل، يا من تقذف بالحق على الباطل فتدمغه، فإذا هو زاهق.
يارب احفظ مصر وأهلها وجيشها ووفق من ألقيت محبته فى قلوب المصريين بلا حول منه ولا قوة.
السيسى
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة