قد يكون من السهل أن يكتشف الأب أو الأم أحد أفراد الأسرة مدمنا من خلال سلوكياته التى يفسدها حتما (المخدر الأبيض المدمر)، وقد يكون من السهل أيضا أن يسأل الأب كل من حوله كيف يتصرف لمواجهة كارثتة الاجتماعية.
ولكن قد يكون من الصعب ألا يعود الابن بعد علاجه إلى الإدمان مرة أخرى، ويفلت من (شلة السوء) وعادة يشيع الطبيب النفسى مريضه المدمن بعد أن أقلع عن الإدمان بنصيحة واحدة أرجو ألا أراك مرة أخرى .
كيف نواجه معا هذه القضية؟ فى البداية واجه الأب الصدمة الأولى، وعرف أن ابنه أدمن على (المخدر الأبيض) من خلال سلوكه. وهزاله . وسهره . وإهماله.
وقد بدلت كل طباعة الحلوة إلى سلوك شرس. يهرب من النهار ويعشق الليل. يهمل الدراسة ويهوى الكسل. يرفع سلاح العنف ويدفن طباع الوداعة، مصروفه الكبير لا يكفى ومقتضيات الأسرة تختفى من الأدراج يهرب من الحوار والحديث مع أسرته ويأتنس بشلة السوء وأصدقاء المخدر الأبيض.
ويظل السؤال كيف يتصرف مع ابنه؟ يقول الأطباء النفسيون، هناك ثلاث وسائل للعلاج، وكل وسيلة لها أسلوبها وظروفها، وإمكاناتها فهناك العلاج بالمستشفى الخاص وهو علاج (باهظ) التكاليف لا يقوى عليه رب أسرة متوسطة الدخل له أبناء يدرسون فى المدارس والجامعات، وقد يصل متوسط تكلفة العلاج فى الشهر الواحد إلى الف جنيه وأكثر، وهذا العلاج بوحدات الإدمان داخل مستشفيات الصحة النفسية وأقسام الإدمان فى الأحياء الشعبية وفى الحقيقة عائد نتائج وحدات الإدمان متواضع رغم المجهود المبذول لغياب المتابعة والرقابة والإشراف الدقيق، وقد تكون هذه الوحدات استقبلت أعداداً ضخمة من المدمنين، ولكن لا أحد يعرف نتائج العلاج.
يبقى بعد ذلك الأسلوب الثالث وله شروطه وهو العلاج بالمنزل بعد استشارة الطبيب، ويتم العلاج بالعقاقير المهدئة صباحاً، والمنومة ليلا حتى يرتاح من ألم وأعراض سحب العقار، وهذا العلاج يعتبر من أفضل وسائل العلاج وأرخصها، وفيه الأسرة تضمن تماماً عدم (تسرب) العقاقير المخدرة إلى المريض سواء من داخل المصحة العلاجية أو من خارجها من (شلة السوء)، كما يتم العلاج فى (سرية).
وهى القضية التى تشغل بال الأسرة المصرية المحافظة التى تخشى من (فضيحة الإدمان) التى نكب بها أحد أفراد الأسرة وبعد أسبوع من العلاج بمتابعة الطبيب يلتقى المريض مع الطبيب فى جلسة هادئة يتعرف فيها الطبيب على الملابسات التى أدت إلى الإدمان، هل هو الفشل؟ هل هو الفراغ؟ هل هى الشلة؟ هل هى ظروف الأسرة؟
ويعيب أسلوب العلاج بالمنزل إنه يتطلب (تكاتف) كل أفراد العائلة وخاصة (كبار رجالات العائلة)، مثل الأب والعم والخال وزوج الأخت والأخ الكبير، لمواجهة رفض الإبن المدمن للعلاج ولتخفيف صرخات الألم التى تصاحب عملية سحب العقار ومواجهة القئ الذى قد يصاحب لحظات سحب العقار من مدمنى الكوكايين بالذات وفرض الحصار على الابن أو الابنة حتى لا يتسرب العقار من (شلة السوء) مع تطهير حجرته وسيارته وأدراج مكتبه من أى مخلفات عقاقيرية حتى لا يعود إليه مرة أخرى.
ولا ينبغى على أحد أن يلوم أو يعاقب الابن أنه أخطأ ولابد أن يكون التصرف فكر واع ويشعر الأب ابنه أنه الأب الحنون الذى يرعى مصلحته وينصح ابنه بالانصراف إلى الرياضة والدخول فى رحلات الأسرة الترفيهية الأسبوعية والرعاية الواعية من (بعيـد).
وفى الحديث عن الرسول الكريم صلوات الله وسلامه عليه: (استماع الملاهى معصية والجلوس عليها فسق. وقد نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الجلوس على مائدة يشرب عليها الخمر..)، والمستفاد من هذه النصوص أنه يحرم مجالسة مقترفى المعاصى أيا كان نوعها، لأن فى مجالستهم إهدار لحرمات الله، ولأن من يجلس مع العصاة الذين يرتكبون المنكرات يتخلق بأخلاقهم السيئة.
سجاير - أرشيفية
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة