مع حلول ساعات الليل تغلق أبواب مزارع الخيول وتختفى الزبائن، وتغلق معها أسرار عالم الخيول بما يحمله من "بيزنس" يديره متخصصون وتجار كبار لهم سنوات طويلة فى عالمه ولا يتحدثون بأقل من الملايين، وبين مدربين محترفين، وسياس على أطراف المهنة وعمال يومية فى نهايتها قصمت السنوات العجاف الأخيرة فى عالم السياحة ظهورهم وشردت أسرهم، ينغلق الباب على أطفال يولدون فوق ظهور الخيول، ويتعلمون قيادة الفرس ربما قبل أن يتعلموا المشى بشكل كامل، ينغلق الباب على عالم من العروض والجمال والمنافسة التى تدور فى شكل غية ومسابقات ضخمة يأتى لها المتسابقون من كل دول العالم.
وعندما تدق السابعة صباحًا.. تبدأ الحياة مرة أخرى من داخل كبائن صغيرة بنزلة السمان والمناطق المحيطة بها، تتراص على أطراف مساحة رملية يحيط بها سياج حديدى "منيش"، بعد الوجبة الصباحية تخرج الخيول رحلاتها الخاصة سواء لمسابقات الجمال، أو لتعلم الرقص، أو الاستعداد لسباق سرعة، أو لانتظار زبون وغاوٍ طالبًا رحلة صغيرة أو رحلة سياحية لمشاهدة الأهرامات وسحرها.
عالم مزارع الخيول بعيدًا عن زحام المدينة
جلباب وعمة يكملان مشهد عم هاشم عبد الهادى رئيس واحدة من أقدم مزارع نزلة السمان، يشارف على دخول عقده الرابع فى الحياة ومثلها فى عالم الخيول الذى بدأت علاقته به وهو ما زال يتعلم الحبو، مثلما تقتضى قواعد عالم النزلة، وعند سن الثانية لزامًا على الأطفال الثبات على ظهر الخيول، ومع عامه الحادى عشر حصل على إجازة من الريس عبد الهادى -والده- بأن يعمل منفردًا، يخرج إلى الأهرامات ويصطحب السائحين بمفردة، ويعلمهم أيضًا أصول وقواعد ركوب الخيل.
الخيول العربية الأصيلة لها سحر خاص
يقول: "إحنا ممكن نستغنى عن العشاء، بس الخيول ما تنامش جعانة.. الخيل مش بس شغلانة.. ده غية ورثناها أبًا عن جد.. أنا بالنسبة للخيل أبوه واجبى أنى أجهز كل احتياجاته من أكل وشرب، ورعاية صحية إذا ما أصابه مرض أو تعرض لحادث".
عقب تناول وجبة الإفطار يقوم العمال بغسل الخيول بالماء
يتابع: "بعد مرحلة الإفطار التى تكون فى السابعة صباحا يبدأ تمشيط الخيول وغسلها بالماء، ثم عمليات التدريب والإحماء كل حسب العالم الذى ينتمى إليه، فهناك الخيول التى يتم تدريبها على عرض نفسها للاستعداد لدخول مسابقات الجمال، وأخرى للماراثون وسباقات الجري، أو القفز فوق الحواجز، أو التنافس فى الرقص، أو انتظار الزبائن للخروج فى فسحة فى صحراء الأهرامات".
لكل خيل عالم خاص بين الجمال وقفز الحاوجز وحتى الرقص
عم "هاشم" الذى ترك المدرسة قبل استكمال الابتدائية يتحدث 4 لغات وهو رقم متوسط بالنسبة لأهل مزارع الخيل مثلما يقول: "بنتعلم اللغة بالممارسة وبالتعامل مع الأجانب طول الوقت من واحنا صغيرين بنكبر متعلمين بدل اللغة اتنين وتلاتة، لكن اللى ناقصنا فعلاً التعليم، المشكلة هنا أن معظم الأطفال ما بيتعلموش، لأنهم لما بيشتغلوا فى سن صغيرة بيكسبوا كويس، ومافيش أي حاجة بتشجعهم على الانتظام فى المدارس وترك شغلانة أهاليهم، ولادنا غاويين زينا بالضبط، ومحدش بيحس أنه خسر التعليم إلا لما بيكبر ويبص على اللى ناقصة فى الحياة".
تدريب الخيول على الجمال يكون بحالة من التواصل مع المدرب
على بعد أمتار قليلة تستقر مزرعة "عبد الصبور"، وبالداخل يستقر ابنه "مصطفى"، الشاب العشرينى الذى وقع فى غرام الخيول، حصل على نصيبه من التعليم ولكن سحر الخيول كان قد جذبه منذ الطفولة، نظرات متبادلة بينه وبين فرسه لا يفهمها أحد سواهما، إشارات بسيطة يتحرك معها الفرس العربى الرشيق الذى يثبت عينيه أما يديه مباشرة وكأنهما منفصلان عن العالم ولا يستمعان إلا لبعضهما، كل سنتيمتر فى هذا التدريب محسوب، حركة الرقبة وحركة القدم الصغيرة وحتى حركة الأذن والذيل الذين يضبطهم الآن سيكون هناك لفيف كامل من الحكام يحسبهم بدقة فى مسابقة الجمال التى يعد خيله لها.
مصطفى عبد الصبور يقوم بتدريب فرسه
يقول "مصطفى": "كل صاحب مزرعة المفروض بيكون عنده مجموعة من المدربين كل واحد فيهم بيشتغل فى مجال سواء الجمال أو الرقص أو الجري، وصاحب المزرعة المفروض يكون فاهم فى كل حاجه عشان يقدر يدرب خيله بنفسه من وقت للتاني، لكن أنا شخصيًا بعشق خيول الجمال وخصوصًا العربية، رغم أن فى أنواع كتير مهمة موجودة زى الخيول الإنجليزية، والإسبانية.
مصطفى يدرب أحد خيوله العربية
جيل جديد من عشاق الخيول ينتمى له الشاب العشريني، بالتأكيد محاولات تطوير المهنة التى تعود أصولها إلى بداية البشرية مرت من عليه، ويقول عنها: "إحنا كجيل لحد دلوقتى طبعًا بنتعلم من اللى سبقونا خصوصا أنهم أصل الشغلانة ويعرفوا أكتر مننا، لكن أحنا بنحاول نطور بالعلم من ناحية، وبالتكنولوجيا من ناحية تانية وبنحاول نوصل للزبائن من خلال الإنترنت والشبكات الاجتماعية وكمان بنتواصل مع عشاق الخيول من كل العالم وبنتبادل الخبرات معاهم.
أحد مدربين الخيول أثناء عمله
وعن أسعار الخيول العربية يقول: السعر بيبدأ من حوالى 25 ألف، وبيطلع إلى عشرات الملايين، وبالنسبة لأكلة بيتراوح بين 800 لـ1000 جنيه فى الشهر.
الفرس أثناء تدريبه
رئيس فى عالم الخيول
الأطفال ركن
300 جنيه هم راتبه الشهرى، ولكن من يهتم ففى النهاية العمل بأكمله لمزرعته، إضافة إلى أنه يحصل على إكرامية من الزبائن ربما تفوق هذا الرقم مرة أو مرتين، ويقول "سيف سعد" مدرب خيول، لم يتجاوز الثالثة عشر عامًا حتى الآن، لغة الأرقام تقول أن الوضع جيد والأهم أصلاً أنى بحب الخيل، أنا بشتغل فى مزرعتنا لكن لو ما حبتش الشغلانه ومحبتش الخيل مكنتش اشتغلت.
الخيل العربى جزء من الجمال
يقول سيف: "بركب خيل وبطلع مع زباين من حوالى 7 سنين، أنا أصلاً أتولدت مع الخيل وأتربيت بينهم، بصحى أحط للخيل أكل وأشربهم وبعدين بحميهم وبطلع مع الزباين.. كل الشغل بعرف أعمله.
الخيول أثناء تناول الطعام
سيف يذهب إلى المدرسة دون أن يحلم أحلام زملائه، ضابط أو طبيب أو حتى مهندس ليسوا ضمن قائمة أحلامه، هو يعرف طريقة جيدًا من الآن والمدرسة بالنسبة له تقضية للواجب ليس إلا مثل معظم أطفال مزارع الخيول الذين يحكى عنهم: بيتهيألى أحنا هنا محظوظين، أنا عن نفسى عمرى ما هشتغل شغلانه تانية لأنى بحب اللى بعمله قبل أي حاجة، وبحب الخيول فعلا، وأملى أنى أبقى كبير فى المجال ده زى ناس كتير، لكن أنى أدخل جامعة واشتغل بعيد عن العالم بتاعنا صعب.
الخيول أثناء عملية التمرين
قفز الحواجز واحد من أهم مسابقات الخيول
حصان يرفع أقدامه الأمامية
محرر اليوم السابع مع أحد الخيول العربية
أحد العاملين فى مجال الخيول وعلى رقبة الفرس يظهر الختم العربي
وجه الخيول العربية له شكل خاص ومنحوت بطريقة مميزة
ضبط شكل الرقبة من أهم تمرينات الجمال
الخيول أثناء تناول طعامها
رد فعل الفرس أثناء الاستحمام
رد فعل الخيول أثناء الاستحمام
الخيل يحاول إبعاد وجهه عن الماء
حصان عربى أثناء تمرينه
الختم العربى على رقبة الخيل
موضوعات متعلقة..
بالفيديو والصور.. ننشر تفاصيل مشاركة 40 حصاناً بمهرجان الخيول العربية فى بلبيس بالشرقية.. توفيق عكاشة يشارك بـ 5 خيول.. والقوات المسلحة تؤمن المهرجان.. وضبط سلاح أبيض بمنصة المحافظ
بالصور..حكاية عالم الخيول وسحر الغية.. يبدأ من 7 الصبح بوجبة الإفطار ثم الاستحمام وبعدها كل حصان إلى مهمته..الخيال يرافق الجمال والرقص والحواجز وفسحة للزبائن.. والغية تسحر العاملين وتخطف الأطفال مبكرا
الأربعاء، 08 أكتوبر 2014 06:57 م
عالم مزارع الخيول بعيدًا عن زحام المدينة
كتب حسن مجدى - تصوير حسين طلال
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة