ساعة ونصف على الأقل تقضيها فى طريق شاق ومنهك حتى تصل إلى "برقاش".. تتلاشى تمامًا ما إن تعبر بوابة سوق الجمال الذى يحمل كافة تفاصيل عراقته وسنواته التسعين رغم انتقاله قبل 19 عامًا إلى "برقاش"، ليحل الانبهار الممتزج ببعض الخوف محل كل تعب أو إرهاق، حين ترى نفسك فى مواجهة أكثر من 3 آلاف جمل ضخم على الأقل، يملأ صوتهم المكان ليضعك فى أجواء خاصة جدًا كأنها تخص زمانا آخر، ثم يتلاشى خوفك منهم تدريجيًا تكاد تمشى بأمان بين أقدامهم من فرط الطيبة الواضحة على ملامحهم.
بالنسبة لنا، كل الجمال سواء، فقط عشاقها، ومن توارثوا تربيتهم أبًا عن جد يدركون الفارق بين كل جمل وآخر بمجرد النظر فى عيونهم "الجمل ابن خمسة، والراجل ابن خمسة" يقولها "أيمن المرمى" تاجر الإبل بفخر، ويوضح "الجمل زى البنى آدم الأصيل، نعرفه بخامس جد، واللى يغوى الجمال بحق يعرف يفرق بينهم بنظرة".
يضيف: "كل جمل بياخد لقب قبيلته، وصاحبه بيعرفه حتى لو سافر من الشرق للغرب، وإحنا مجرد ما نشوف جمل نقول دا بشارى أو هوارى أو دهاسيرى أو رشايدى، وأوقات نبص للجمل فنعرف إن أبوه بشارى لكن أمه رشايدة، ويعتبر الجمل البشارى أوسمهم، جلده بيكون ذهبى ويشبه للغزال، وعيونه مكحلة ربانى، والجمل اللى صاحبه معززه ما يرضاش الإهانة أبدًا، أما الرفاعية لبنها كتير".
أبيات غزل عديدة تصف الإبل بأنواعها المختلفة، يحفظها "المرمى" ويرددها باستمتاع وفخر، ويقول "الإبل حبها بيجرى فى دمنا، وبنعتبرهم أولادنا، والأصيل منهم ما بنبيعهوش ولا ذريته، وبنحتفظ بيه نتأمل فى جماله وفى صنع الله، وهى من أنظف وأجمل الحيونات، وكمان صبورة وحتى بولها دوا".
وعلى عكس الشائع لا يمثل عيد الأضحى موسمًا لأصحاب الجمال، فيقول "المرمى" "بالنسبة لنا الإبل بتتباع كل يوم الحمد لله، وسعر الجمل من 11 إلى 12 ألف، دا مش موسم بالنسبة لنا، لكن موسم للجزارين، وعامة السنة دى الحال غير الأول، والبيع قل بنسبة 80% تقريبًا، والحال فى البراجيل كان أحسن لكن نحمد ربنا".
العلاقة الخاصة بين الجمال وأصحابها لا تقتصر على التفاهم بينهما وإطاعتهم للأوامر فحسب، ولكنها تبدأ من اللحظة التى يشم فيها الجمل رائحة صاحبه، فيقول "أيمن" "طبعًا الجمل بيبات فى مكان تانى، فالصبح بمجرد ما يشم ريحة صاحبه دخل يفرح فيهز راسه ويرحب بيه".
سوق الجمال ببرقاش أشبه بمملكة للإبل
علاقة خاصة تربط الإبل بصاحبها
فى أحضان الصحراء عالم خاص للإبل
بالنسبة لمن توارثوا مهنة تربية الإبل تعتبر الجمال كأبنائهم
عيد الأضحى لا يعتبر موسما لبيع الجمال وهو كالأيام العادية
أكثر من 3 آلاف جمل فى السوق الذى تبلغ مساحته 25 فدانًا
ملامح جميلة وابتسامة مرحة على وجوه الجمال
سيلفى الجمل مع مصور "اليوم السابع"
"الأصيل يتعرف من خامس جد".. حكايات من داخل سوق الجمال ببرقاش.. الجمل اللى صاحبه معززه وعيونه مكحلة ميرضاش بالذل.. وتاجر: بنعرف أصلهم من نظرة و"البشارية" مضرب مثل.. و"الرفاعية" خيرها كتير
الجمعة، 03 أكتوبر 2014 08:38 م
سيلفى الجمل مع مصور "اليوم السابع"
كتبت سارة درويش - تصوير كريم عبدالعزيز
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة