استرداد الأموال المنهوبة.. 4 سنوات من الوهم.. أكثر من 7 لجان رسمية وشعبية تم تشكيلها منذ الإطاحة بمبارك بدون فائدة.. ووعود إعادة الأموال تكررت فى عهود طنطاوى ومرسى ومنصور

السبت، 11 أكتوبر 2014 01:51 م
استرداد الأموال المنهوبة.. 4 سنوات من الوهم.. أكثر من 7 لجان رسمية وشعبية تم تشكيلها منذ الإطاحة بمبارك بدون فائدة.. ووعود إعادة الأموال تكررت فى عهود طنطاوى ومرسى ومنصور المستشار عاصم الجوهرى
كتب محمد العالم

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
وقع المصريون أسرى لأوهام كبيرة، حينما تم الترويج لهم بأن ملايين الجنيهات التى تم تهريبها فى عهد الرئيس الأسبق حسنى مبارك من قبل رأس النظام والمقربين منه ورموز حكمه ستعود إليهم، وأن لجانا لاسترداد تلك الأموال تم تشكيلها، وباتت على بعد خطوات من إعادة أموال المصريين إلى جيوبهم وتصب فى صالح إنقاذ اقتصاد البلاد من أزمته التى يعيشها منذ سنوات، لتمر سنوات أربعة والمصريون يكتشفون يوما بعد الآخر بأنهم كانوا يسبحون فى بحور الوهم، وأن الوعود التى سمعتها آذانهم، لم تختلف سواء حين بدأت فى عهد المجلس العسكرى بعد الإطاحة بنظام حسنى مبارك، أو فى عهد الرئيس المعزول محمد مرسى، ومن بعده الرئيس المؤقت عدلى منصور، لتتواصل حتى اليوم من دون نتيجة على الأرض.

وعلى الرغم من التأكيد المستمر من قبل الأجهزة الرقابية المصرية بأن مليارات تم رصدها بالخارج لمبارك وأبنائه ورموز نظامه، ورغم إعلان العديد من الدول مثل سويسرا وبريطانيا عن تجميد أموال مبارك و18 من رجال نظامه فإن جميع أجهزة الدولة لم تفشل فقط فى استرداد ولو جزء من هذه الأموال، وإنما عجزت عن إثبات الحجم الصحيح للأموال التى تم تهريبها، كما عجزت عن محاكمة رؤوس نظام مبارك، وإثبات تورطهم فى قضايا الفساد، ما جعل مهمة استعادة تلك الأموال شبه مستحيلة، ليكون لسان حال الشارع المصرى عبارة «فات الميعاد».

فى وقت من الأوقات تعجب المصريون من تفاوض حكومتهم مع صندوق النقد الدولى لاقتراض 4.8 مليار دولار، فضلا عن الإعلان عن المعاناة من عجز صارخ فى الموازنة العامة للدولة، وفى الوقت نفسه تتباطأ تلك الحكومة نفسها فى استرداد الأموال المهربة والمنهوبة، فلا المحاكم فصلت فى قضايا نهب المال العام المتهم فيها رموز النظام السابق. ولا اللجنة الرسمية لاسترداد الأموال نجحت فى الوقوف على حقيقة المبالغ التى تم تهريبها، ولا كيف خرجت ولا إلى أى البنوك الأوروبية والعربية ذهبت ولا الدولة مارست ضغوطاً سياسية ولا دبلوماسية لإقناع الدول بالإفراج عن الأموال المهربة من مصر.
فى السطور التالية نفتح ملف وهم استرداد الأموال المهربة وملابسات ما جرى عبر السنوات الماضية، وأبرز الشخصيات التى تورطت فى إيهام المصريين بقرب استعادة أموالهم.

7 لجان.. بلا فائدة
شهد ملف استرداد الأموال المصرية المهربة للخارج تشكيل 7 لجان خلال الفترة ما بين قيام ثورة 25 يناير وحكم المجلس العسكرى للبلاد وحتى الآن، تعددت صفتها ما بين رسمية وشعبية، وكانت البداية فى 4 أبريل عام 2011 وبعد سقوط الرئيس الأسبق حسنى مبارك، حين أصدر المجلس العسكرى بقيادة المشير محمد حسين طنطاوى فى ذلك الوقت المرسوم رقم 52 لسنة 2011 بتشكيل لجنة قضائية برئاسة المستشار عاصم الجوهرى، رئيس جهاز الكسب غير المشروع الأسبق، لتتولى التحقيق فى البلاغات المقدمة ضد مبارك وأسرته، والمسؤولين فى نظامه، ومنعهم من التصرف فيها، واتخاذ الإجراءات القانونية لاسترداد تلك الأموال، كما منح المجلس اللجنة حق الاستعانة بمكاتب المحاماة والتحريات الأجنبية، والسماح لها بمخاطبة جميع الجهات، والاستعانة بالمصرفيين والماليين والمترجمين لمعاونتها فى إنجاز مهمتها.

ومع كشف المستشار عاصم الجوهرى، عن حجم الأموال التى جمدها الاتحاد الأوروبى لرموز نظام مبارك، والتى بلغ إجماليها مليارا و100 مليون دولار، بينها مبلغ 750 مليون فرنك سويسرى، قام النائب العام السويسرى بتجميدها للرئيس المخلوع وأسرته و19 مسؤولا من نظامه، زادت آمال المصريين فى استعادة تلك الأموال، وفى سبتمبر 2011، أصدرت دولة سويسرا القانون الفيدرالى السويسرى لرد الأموال غير الشرعية، والذى فجرت نصوصه مفاجأة من العيار الثقيل، تمثلت فى أن السلطات المصرية عليها عبء كبير لإثبات عدم شرعية هذه الأموال المهربة، وأنه فى حال التأكد من ذلك، لن يتمكن المصريون من الحصول على أموالهم نقداً، وإنما فى صورة تمويل مشروعات قومية تنموية ومنح تخضع لفترات طويلة وعبر دراسات متعددة.

القانون السويسرى نص أيضا فى مادته الثانية، على أن المجلس الفيدرالى يمكن أن يقرر تجميد أصول فى سويسرا، حسب بعض الشروط، وهى أن تكون الأصول محل المصادرة فى ظل اتفاقية تعاون قانونى بناءً على طلب بلد الأصل، وأن تكون هذه الأموال مملوكة أو تتبع شخصيات تشغل أو كانت تشغل منصبا عاما على قدر من الأهمية فى الخارج، أى رؤساء جمهورية أو حكومة أو كوادر سياسية كبيرة أو كبار المسؤولين فى إدارة الدولة، وفى القضاء وفى الجيش والأحزاب على المستوى المحلى، وأيضاً أعضاء شركات القطاع العام الكبيرة، وأفراد وشخصيات اعتبارية قريبة من الشخصيات السياسية بناء على علاقات عائلية أو شخصية بها وهو ما زاد من العبء الملقى على كاهل اللجنة، وجعل مهمتها فى البحث والتحرى عن أموال رموز النظام صعبة.

وبعد 15 شهرا من قرار المجلس العسكرى بتشكيل اللجنة القضائية لاسترداد الأموال المهربة، ونظرا للعقبات التى واجهتها فى البحث والتحرى عن حجم الأموال المهربة، قرر الدكتور كمال الجنزورى، رئيس الوزراء الأسبق، تشكيل مجموعة عمل قومية للتنسيق بين الأجهزة المعنية باسترداد الأموال والأصول المصرية المهربة، تهدف إلى تذليل العقبات التى تواجه عمل اللجنة القضائية وتقديم الدعم لها فى التحرى والبحث بجانب مكاتب التحريات الأجنبية التى استعانت بها اللجنة، وعلى الرغم من جهود تلك اللجنة فى التعرف على جزء من الذى يمتلكه نظام مبارك فى الخارج، وإقامة الدعاوى القضائية الدولية ضد كل من بريطانيا وقبرص، لرفضهما الإفصاح عن الأموال التى هربها إليها مبارك، فقد أطلق أحد محاميى المتهمين فى النظام الأسبق فى ذلك الوقت شائعات حول إنفاق 64 مليون دولار من أجل تجميد الأموال المهربة، وتبين أن هذا الرقم مبالغ فيه، وأن ما تم صرفه كبدل سفر وانتقالات وتوكيل مكاتب محاماة أجنبية مبلغ 4 ملايين دولار فقط، لكن فى نهاية الأمر فشلت اللجنة فى استرداد الأموال.

وبالتزامن مع تشكيل اللجنة القضائية لاسترداد الأموال المهربة، تشكلت النواة الأولى للجنة الشعبية لاسترداد الأموال التى بدأت فى تنظيم عدد من المظاهرات فى عدد من الدول الأجنبية، للضغط عليها فى الكشف عن الأموال المصرية المهربة إلى أراضيها، وكان لها دور غير رسمى فى كشف عدد من الحكومات عن تجميدها لبعض الأموال المملوكة لمبارك ورموز نظامه، إلا أنها أيضا فشلت فى تحقيق أى دور فى استعادة تلك الأموال المجمدة.

وفى أغسطس 2012 وبعد تولى الرئيس المعزول محمد مرسى مقاليد الحكم فى مصر ومرور 6 أشهر كاملة على توقف اللجنة القضائية عن عملها بسبب الاستغناء عن المستشار عاصم الجوهرى، أقر مجلس الوزراء برئاسة الدكتور هشام قنديل رئيس الوزراء فى ذلك الوقت، تشكيلا جديدا للجنة الوطنية لاسترداد الأموال المنهوبة، بعيداً عن وصاية جهاز الكسب غير المشروع، وكانت اللجنة برئاسة المستشار محمد أمين المهدى، وضمت ممثلين عن المجتمع المدنى، وبعض الجهات الحكومية والشخصيات العامة، واتضح بعد ذلك أن القرار ما هو إلا محاولة لإضفاء الصفة الرسمية على اللجنة الشعبية السابقة.

محامو مبارك وباقى هيئة الدفاع عن رموز نظامه استغلوا المظاهرات التى وقعت فى أعقاب الإعلان الدستورى الأول الذى أصدره مرسى بإقالة النائب العام المستشار عبدالمجيد محمود، وتحصين قراراته من القضاء فى إظهار عدم استقرار الأوضاع فى مصر، وتأثر القضاء بالأحداث السياسية، وهو ما دفع كثيرا من الدول الأجنبية إلى تعليق قرارات تجميد أموال رموز النظام الأسبق وعودة لجنة استرداد الأموال إلى المربع صفر، فيما جاءت الأحداث التى تعرضت لها المحكمة الدستورية العليا ومحاصرة أنصار مرسى لها، لتدفع القضاء الإسبانى إلى إصدار قرار برفض تسليم رجل الأعمال حسين سالم وأبنائه إلى مصر بعدما أصدرت المحكمة الوطنية الإسبانية قرارا بتسليمه فى وقت سابق.

وكشف مصدر قضائى فى ذلك التوقيت، عن قيام أسر عديدة من أسر مسؤولى النظام السابق بمحاولة فك تجميد الأموال المهربة فى بنوك الاتحاد الأوروبى وبينهم عبلة فوزى زوجة رجل الأعمال أحمد عز أمين لجنة السياسات السابق، حيث وكلت الأسر محامين للإفراج عن الأموال المجمدة تحت زعم أنهم لا يملكون نفقات المعيشة، وأنهم يتعرضون لاضطهاد سياسى، متهمين القضاء المصرى بأنه غير مستقل، وأن أرباب أسرهم يعانون داخل سجون غير آدمية، ووصل حجم الإنفاق على شركات المحاماة الموكلة من أجل هذا الغرض نحو 150 مليون دولار. وفى فبراير 2012 تقدم حزب الوسط، بمشروع قانون لاسترداد الأموال المنهوبة داخلياً وخارجياً، عبر تشكيل لجنة مستقلة تتبع رئيس الجمهورية تسمى «لجنة استرداد أموال مصر»، كما قدمت الحكومة نفسها مشروع قانون نص على إنشاء لجنة لاسترداد الأصول تختص بالقيام بكل الإجراءات اللازمة للبحث والتحرى والرصد والملاحقة والتتبع والكشف عن جميع الأصول التى يشتبه فى حصول أى شخص عليها دون وجه حق، بسبب ارتكابه لأى جريمة من الجرائم المنصوص عليها فى القوانين وبين قانون الحكومة وقانون حزب الوسط، تبخرت آمال المصريين فى استرداد أموالهم.

وبحسب المعلومات التى حصلت عليها «اليوم السابع» فإن اللجنة القضائية لاسترداد الأموال المهربة والتى تم تشكيلها أثناء تولى المجلس العسكرى لحكم البلاد مازالت مستمرة فى عملها حتى الآن ولم يتوقف نشاطها منذ إنشائها عام 2011، وقالت مصادر قضائية إن اللجنة تم تشكيلها بناء على مرسوم قانون وأن إجراء أى تعديلات خاصة بها يحتاج إلى نص تشريعى جديد يتم من خلاله تغيير صفة من يتولى رئاستها وأعضائها وأن ذلك ربما يكون من خلال البرلمان القادم، والذى يتم الاستعداد إلى انتخاباته حاليا، مؤكدة فى الوقت نفسه أن اللجنة القضائية أنفقت 34 مليون جنيه، قيمة ترجمة أحكام صادرة ضد المتهمين من رموز مبارك، بالإضافة إلى تأجير مكاتب محاماة لاتخاذ الإجراءات اللازمة لتجميد تلك الأموال، وقدرة تلك المكاتب على تتبع الأموال داخل البنوك الخارجية.

وأشارت المصادر إلى أن اللجنة ألغت تعاقدها مع جميع مكاتب المحاماة الأجنبية خلال الفترة الأخيرة، وأنه لم يتبق سوى مكتب واحد من المقرر إلغاء التعاقد معه خلال الشهر المقبل، مشيرة إلى أن ذلك يرجع إلى التأخر من الجانب المصرى فى دفع الأموال المستحقة لهذا المكتب.

وكانت مصر طالبت سويسرا ودول الاتحاد الأوروبى بتجميد أموال عائلة مبارك ونظامه، لحين تنفيذ أحكام قضائية نهائية لاسترداد أمواله، والتى بلغت فى سويسرا حوالى 700 مليون دولار، والتى انتهى تجميدها فى شهر فبراير الماضى، وجددت سويسرا تجميدها لأموال مبارك 3 سنوات حتى فبراير 2017 بعد تقديم طلبات تفيد ارتباط أموال مبارك بالقضايا المتهم فيها، فى حين أن دول الاتحاد الأوروبى جددت تجميد تلك الأموال لمدة عام واحد، فيما أكدت مصادر قضائية أن إجمالى ما تم تحصيله حتى الآن من قيمة الأموال المصرية المهربة إلى الخارج لم يتجاوز المائة مليون جنيه، فى حين أن جهاز الكسب غير المشروع أعلن على لسان رئيسه المستشار يوسف عثمان مساعد وزير العدل، أن قيمة الأموال المهربة لرموز نظام الرئيس الأسبق حسنى مبارك فى بريطانيا وسويسرا وإسبانيا تقدر بمبلغ مليار ونصف مليار جنيه.

تقديرات
قدرت منظمة جلوبال «فاينانشيال انتجريتى» الأمريكية لمكافحة تهريب الأموال حجم الأموال المهربة من مصر بشكل غير شرعى بحوالى 132 مليار دولار أى حوالى 847.4 مليار جنيه مصرى، ويقدر نصيب مبارك وأسرته منها بحوالى 70 مليار دولار وفقاً لما نشرته جريدة «الجارديان البريطانية» قبل نحو 3 سنوات، ورغم أن بعض الخبراء شككوا فى صحة هذا الرقم ونفى السلطات المصرية له وقتها، إلا أنهم جميعاً أكدوا أن أموال مبارك فى الخارج لا يمكن حصرها نظراً لأن جزءاً كبيراً منها تم تهريبه من خلال شركات الـ«أوف شور» التى يتم إنشاؤها خارج مصر، ولا يعرف أحد أسماء المشاركين فيها، أو بأسلوب «اليد الثانية» والتى يتم فيها تهريب الأموال ووضعها فى بنوك الخارج بأسماء أشخاص موثوق فيهم، وبذلك تختفى الأموال ويصعب تتبعها، وكشف الدكتور عادل عامر خبير القانون العام ورئيس مركز المصريين للدراسات السياسية والقانونية والاقتصادية أن نشاط تهريب أموال النظام السابق انتقل من سويسرا إلى جزر صغيرة أشهرها الكاريبى والبهاما وسينجابور وهونج كونج وجيرسى فى بريطانيا، وولايتى فلوريدا وكاليفورنيا فى أمريكا، وإسرائيل وتعيش هذه الجزر والدول على نشاط تهريب الأموال مقابل حصولها على عمولات ثابتة، وتتم عملية التهريب عبر مكاتب محاماة كبيرة فى لندن وأمريكا متخصصة فى هذا المجال مقابل %20 من قيمة الأموال المهربة، وتكتب الأوراق الخاصة بالأموال باسم المحامى وهو ما يسمى Trust أو الثقة، وأكد أن هناك 17 شخصية أمريكية وإسرائيلية لعبت دوراً كبيراً فى تهريب أموال الرئيس مبارك مقابل عمولات وصلت إلى %10.
وبينما كان الاقتصاد المصرى يعانى الانهيار وأصبحت البلاد على شفا حفرة من الإفلاس ذهبت حكومة الدكتور «قنديل» تلهث وراء قرض البنك الدولى البالغ قدره 4.8 مليار دولار، بينما تركت ما يقرب من 700 مليار دولار وفقاً لتقديرات الدكتور محمد محسوب رئيس لجنة استرداد الأموال وقتها تستفيد منها حكومات أخرى، ولم تفعل أى شىء فعلى لاستردادها، ومرت الأيام دون تحقيق أى تقدم ودون تحقيق وعود الرئيس الأسبق محمد مرسى باستعادة هذه الأموال.

لجان الوهم
كما سبق القول فقد بتشكلت عدة لجان منذ ثورة يناير 2011 حملت عنوان «استرداد الأموال المهربة» وبينها «لجنة المهدى»، حيث أقرت حكومة الإخوان برئاسة هشام قنديل فى أغسطس 2012 تشكيلا جديدا للجنة الوطنية لاسترداد الأموال المنهوبة، بعيداً عن وصاية جهاز الكسب غير المشروع، وكانت اللجنة برئاسة المستشار محمد أمين المهدى، وضمت ممثلين عن المجتمع المدنى، وبعض الجهات الحكومية والشخصيات العامة، وشغل فيها الدكتور حسام عيسى منصب نائب الرئيس، وعلى الرغم من الكم الهائل من المعلومات الذى توفر لتلك اللجنة لممارسة مهامها، فإن أعضاءها رأوا أن الأزمات التى يتعرض لها القضاء فى مصر من وقت لآخر، وعدم استقرار الأوضاع تعرقل عمل اللجنة وتحول دون أدائها لمهامها، مثلما حدث مع المحكمة الدستورية العليا التى تمت محاصرتها من قبل الإخوان، ما جعل المحكمة الدستورية الإسبانية ترفض تسليم حسين سالم لمصر للتشكيك فى نزاهة قرارات الأولى فى الوقت الذى ذهب آخرون لتفسير الأمر على أن السبب فى هذا تعارض القوانين الداخلية السويسرية مع القانون الدولى وبالتالى لم تحقق تلك اللجنة نتائج ملموسة.

لجنة الجوهرى
كان جهاز الكسب غير المشروع هو الجهة الوحيدة المسؤولة عن استرداد أموال مصر فى الخارج، بعد سقوط الرئيس الأسبق حسنى مبارك، وخلال فترة تولى المجلس العسكرى إدارة شؤون البلاد، وذلك وفقا للمرسوم رقم 52 لسنة 2011، الصادر عن المجلس العسكرى فى 4 إبريل من العام نفسه، وبناء عليه تم تشكيل لجنة قضائية برئاسة المستشار عاصم الجوهرى، وكلف المجلس العسكرى اللجنة بالتحقيق فى البلاغات المقدمة ضد مبارك وأسرته، والمسؤولين فى نظامه، ومنعهم من التصرف فيها، واتخاذ الإجراءات القانونية لاسترداد تلك الأموال، كما منح المجلس اللجنة حق الاستعانة بمكاتب المحاماة والتحريات الأجنبية، والسماح لها بمخاطبة جميع الجهات، والاستعانة بالمصرفيين والماليين والمترجمين لمعاونتها فى إنجاز مهمتها، وعلى الرغم من تعهد رئيسها فى البداية باسترداد كل مليم لمصر فى الخارج، وبذل اللجنة قصارى جهدها فى سبيل ذلك حتى وصلت إلى معلومات مؤكدة تفيد بأن علاء وجمال، نجلى الرئيس السابق حسنى مبارك، لديهما ودائع ببنوك سويسرا تقدر بحوالى 340 مليون دولار، أى ما يوازى 2 مليار جنيه، فضلا عن مقابلتها سفراء تلك الدول فى مصر لبحث آليات استرداد تلك الأموال، إلا أنها واصلت مسلسل الفشل فى استعادة تلك الأموال.

المبادرة الشعبية
«مبادرة من رحم الشعب لاسترداد أموال الشعب» هذا هو الشعار الذى حملته «اللجنة الشعبية» لاسترداد أموال مصر المنهوبة بالخارج «التى ترأسها معتز صلاح الدين الذى أصدر تصريحات أكد فيها أن تلك الأموال تقدر بنحو مليار و300 مليون دولار، وأن الأموال المصرية المجمدة فى سويسرا هى الأقرب للاسترداد لأسباب عديدة، منها مساندة الرأى العام السويسرى لعودة الأموال المصرية، فضلاً عن مساندة الأحزاب السياسية، والبرلمان السويسرى، ومنظمات المجتمع المدنى الداعمة لموقف مصر، والمطالبة أيضا بالإفراج عن هذه الأموال وتسليمها لمصر.

وأشار إلى ضم اللجنة شخصيات تولت مخاطبة جميع الشخصيات الرسمية فى سويسرا، وعلى الرغم من ذلك لم تسترد مصر جنيها واحد من الأموال المصرية الموجودة بسويسرا حتى الآن ولم تبرر اللجنة فشلها للمصريين أو توضحه ضاربة بعرض الحائط الأحلام الوردية التى زرعتها فى نفوس شعبها.

لماذا فشلت مصر فى استرداد أموالها؟
التساؤل تجيب عليه دراسة عن المركز الإقليمى للدراسات الاستراتيجية رصدت أسباب فشل دول الربيع العربى فى استرداد الأموال المهربة، وقالت إن فى المقدمة منها عدم الاستقرار السياسى، إذ لم تتمكن أى من الدول العربية من استعادة الاستقرار واستكمال استحقاقات انتقال السلطة فى ظل سقوط حكم الإخوان فى مصر وما تبعه من مواجهات دامية وتعثر الحوار الوطنى فى اليمن، والجدل الدائر حول تشكيل الحكومة بتونس وتصاعد حدة نشاط الميليشيات المسلحة فى ليبيا واليمن، ما دفع سويسرا على سبيل المثال إلى تجميد مشروع قانون لتيسير إجراءات رد الأموال المهربة للدول العربية.

كما أشارت الدراسة إلى أن القيود على السلطة القضائية تعد من أهم أسباب تعثر استرداد الأموال المهربة، فقد كشفت الثورات العربية عن إشكاليات تحول دون قدرة المؤسسات القضائية على أداء مهامها، وعلى رأسها الضغوط السياسية، بما يؤدى لعدم الوفاء بضمانات التقاضى ويسمح لرموز النظم السابقة باستغلال إجراءات المراجعة القضائية فى الدول الأجنبية لتعطيل استرداد الأموال على غرار رفض القضاء الإسبانى تسليم رجل الأعمال المصرى حسين سالم للسلطات المصرية على الرغم من صدور أحكام قضائية ضده بالسجن لمدة مجمعة تصل إلى حوالى 59 عامًا.

وقالت الدراسة إن الجهود التى تبذلها مصر لم تحقق المستويات المأمولة فى استعادة تلك الأموال، حيث استردت قسمًا منها فقط، على الرغم من تشكيل لجنة قضائية لاسترداد الأموال المهربة تضم مختلف الجهات القضائية والرقابية المعنية وما يقارب سبع لجان شعبية، فى حين تم تجميد أرصدة مملوكة لبعض رموز النظام السابق فى الخارج سواء كانت أموالا نقدية أو أصولا عقارية وفق بعض التصريحات الرسمية مثل تصريح رئيس هيئة الرقابة الإدارية اللواء محمد عمر وهبى فى إبريل الماضى.

مصير أموال الإخوان
ما حدث مع ملف الأموال الخاصة برموز نظام مبارك، يثير التساؤلات عن مصير أموال رموز جماعة الإخوان، وسط تأكيدات خبراء ومحللين بأن للجماعة وتنظيمها الدولى حيلها فى إخفاء الأموال المهربة بطرق يصعب على الجهات الرقابية تتبعها، حيث اكتشفت الجهات الرقابية نقل بعض القيادات ملكية الأموال والشركات للمقربين منهم، بالإضافة إلى وجود معظم أموال الجماعة خارج البلاد منذ نظام عهد الرئيس الأسبق مبارك، وأكدت مصادر مطلعة، أن بعض رجال أعمال الجماعة وقياداتها أخفوا عن السلطات الرقابية المصرية أموالاً طائلة تم وضعها فى حساباتهم بأكثر من بنك مصرى، لكن هذه الأموال اختفت قبل صدور قرار رسمى من لجنة إدارة وحصر أموال الإخوان بالتحفظ عليها. وأضافت المصادر، التى رفضت ذكر اسمها أن قيادات الجماعة اعتمدوا فى عملية إخفاء أموالهم على نقلها من حساباتهم الشخصية إلى المقربين منهم، ومنهم من وضعها بحساب زوجته، موضحة أن الجماعة تدير ما يقرب من 72 شركة داخل وخارج مصر، عبارة عن أسهم مشتركة بين رجال أعمال مصريين وأجانب، أغلبهم ليسوا أعضاء بجماعة الإخوان، ومن بينها إحدى الشركات العالمية، بالولايات المتحدة الأمريكية وأخرى بهونج كونج.








مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة