هناك من البشر أشخاص لا يهتمون بأمر الآخرين ولا يشعرون بأدنى رحمة من أجلهم بل لن تتحرك أو تهتز فى أعماقهم خلجة من خلجاتهم من أجل فقير معدم أو مسكين محتاج أو عجوز أو كهل بلا مأوى.. إنهم صنف من البشر يوصف بالإنسان الصخرى الذى ماتت انفعلاته الخاصة بمن حوله. إنه أنانى الشعور أنانى الفكر لا يعطى لأحد بل يأخذ من الآخرين.
هلك من يعيش لنفسه فقط. وهذا الصنف من البشر لا تقوم به مجتمعات متكافلة، إن رضى هذا الإنسان الصخرى بهذا فمصيره العزلة، ولن يرضى عنه الناس ولن يرضى عنه رب السماوات والأرض سبحانه وتعالى، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «خيركم أنفعكم للناس».
قد ينتقل الإنسان الصخرى إلى مرحلة أخرى تعلو على المرحلة الصخرية ولكنها ليست أحسن حالاً. وهذه هى المرحلة الحيوانية التى يعيش فيها الإنسان لأشبع غرائزه، إنه يريد إشباع كل رغباته حتى لو كانت تضر بالآخرين، إن الحياة بالنسبة له غابة يلتهم فيها غيره ويلتهم فيها مصالحه ويشرب ويعربد ويحتقر الضعفاء والمساكين، وحتى مشاعره فهى متوحشة مثل سلوكه وتفكيره، إنها مشاعر متطرفة لم يهذبها الدين أو الأخلاق. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق».
أما إذا ارتفع الإنسان عن الحالتين السابقتين وهما مراحل بدائية لا تتسم بالسمو والرقى وانتقل إلى المرحلة النباتية فيصبح عندئذ إنسانا رقيقا المشاعر لا يضر، يظلل على الآخرين ليحميهم من أمطار الحياة الضارة أو من حر الحياة الشديد الذى يكوى القلوب والأبدان. إنه كالنبات يثمر ليأكل غيره وحتى عندما ينمو فإنه ينمو إلى أعلى نحو السماء نحو النور. فالتطور الطبيعى فى هذه الحالة هو أن يدخل المرحلة الإنسانية، أى يصبح ذلك المخلوق الذى عرف الغرض من خلقه وهو العبادة بكل صورها، العبادة بالقول والفعل والحركة، فيفعل كل ذلك ويأتنس بالله سبحانه وتعالى فيفوز فى الدنيا والآخرة، قال صلى الله عليه وسلم «خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلى».. وحثنا الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم أن نصنع الخير فى أهله وفى غير أهله فإن لم يكونوا أهله فنحن أهله.
ولنا فى رسول الله صلى الله عليه وسلم أسوة حسنة فهو كان يحسن لكل الناس حتى الذين كانوا يسيئون إليه، وكان يقف مدافعاً عن الفقراء «أنا أولى بالمسلمين من أنفسهم»، وقال صلى الله عليه وسلم: «لكل امرئ ما احتسب وعليه ما اكتسب...».. فكل فعل من الأفعال نحاسب عليه.. فطوبى لمن كانت أفعاله كلها خير.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة